Saturday, July 26, 2008

حميدة .... قصة طويلة

هبتدي البوست بحاجة بعيدة شوية عن القصة ... حاجة متناقضة جداً شوفتها في المترو تنويه في تلفزيون بيقول" لازم الشباب تحترم نفسها وتبطل تشغل الأغاني أو أي شيء ديني بصوت عالي علشان تحافظ على أذن الركاب"ده يا جماعة في المترو ... ونفس التلفزيون بتاع المترو , تنزل من المترو تلاقي المحطة عاملة زي الكبارية الأغاني اللي
بتكون مدفوع أجرها شغالة وبصوت عالي ... الظاهر الأغاني اللي بأعلانات مش بتتعب ودانا

حميدة
الجزء الثالث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كانت سعادة حميدة بوجوده في مدينته وعلى قرب مسافة بعض الكيلو مترات من قريته الحبيبة قام قبل وصوله بالاتصال بوالده وأخبره بأن عمله سيكون بجوار بلدته – كان يعلم أن والده سيكون سعيداً به وهو عائد لحماية أمن بلدته من هؤلاء الذين اتخذوا الدين كستار لأفعالهم القذرة كانت كل هذه المعتقدات قد أكتسبها من تلك الدورة بالإضافة إلي ما لقنه له والده طوال حياته عن حب الوطن وحمايته ولو كانت بالدم .
وقف محمد مهران يطالب بطرس عبد المسيح بالأموال التي كان قد أخذها منه ولكن بطرس عانده ولم يوافق أن يعيد له أمواله ولم يكتفي بذلك بل وقف في وسط السوق صارخاً بصوته الفظ
"ملكش عندي فلوس يا محمد ... وأعلي ما في خيلك أركبه"
شعر بمحمد بضعف موقفه وشعر بطرس بقوة موقفه عندما تجمع المارة حاولوا أن يفكوا هذا الاشتباك وحاول محمد أن يستعطف بطرس تارة ويهدده تارة وظل الموقف مشتعل حتى حضر الحاج عبد الرحمن وكان معروفاً عنه القوة والأمانة فحكم لمحمد بأخذ أمواله من بطرس وعندما لم يجد لديه أموال قام بتسديدها من أمواله الخاصة بعد أن قام بأخذ ورق ضد بطرس حتى لا يتلاعب مرة أخري – من كان يشاهد ذلك الموقف كان يقول أن تلك المشكلة انتهت إلي الأبد ولكن من يعلم ما حدث بعدها لقال أن تلك المشكلة هي بداية مرحلة تاريخية في صعيد مصر.
بعد تلك المشكلة بدأت تطفوا إلي السطح بوادر فتنة طائفية فهناك فلان ألقبطي أخذ أموال من فلان المسلم أو العكس تماماً حتى حدث ما لم يتحمله أهالي الصعيد عندما رفع أحد سكان القرية الأقباط النقاب عن وجه امرأة مسلمة عندها اشتعلت الدنيا وبدأت حرب الفتنة الطائفية التي تحولت بعد ذلك إلي حرب داخلية ما بين الحكومة من جهة والمسلمين من جهة أخري عندما تحولت الداخلية إلي دروع حماية للأقباط لأنهم قلة من سكان تلك البلدة واستمرت تلك الحرب ليعود حميدة من بعد فترة تدريب ليجد تلك الحرب قائمة , كانت الحرب الطائفية اشتعلت , ومن وراءها ظهرت حرباً أخرى أعظم وأشد منها عنفاً , بين الشرطة من جه والجماعات التي كانت تتخذ من الإسلام ستاراً لها من جهة أخرى , والأقباط من جهة ثالثة , في تلك المرحلة زادت حوادث أغتيالات أصحاب محلات الذهب وسرقتهم , كما التهب الموقف في الشوارع وأعلنت حالة الطوارئ , وأصبحت المدينتين الصغيرتين كما لو كانتا في حرب داخلية , في ذروة كل هذه الأحداث كان حميدة يقف مترقباً في قسم ديروط ماسكاً بيده سلاحه في برج من الأبراج التي انتشرت بجوار القسم لحمايته , وفي ليلة من ليالي الصعيد قاحلة السواد وقفت سيارة "أجرة" وخرج منها مجموعة من الملثمين ... وفي لحظات أشتعل الموقف ... طلقات نارية تدوي في أرجاء المكان , أنتفض كل من كان بالقسم الأصوات تتعالي من الملثمين "الله أكبر ... الله أكبر" انتابت القسم حالة من الفوضى , العساكر والضباط في حالة ذعر من أثر المفاجأة , كادت أن تحدث كارثة محققة لولا حدوث مفاجأة أذهلت الجميع .
لم يكن عمرو أكثر حظاً من صديقه حميدة , حميدة ذهب إلي مدينته ديروط , وعمرو كانت مدينته ملوى هي محل عمله , الفرق بينهما هو اختلاف طبائع الشابين التي تجلت وظهرت عندما بدءا عملهما , الأوضاع في البلدتين متشابهتين , الإرهاب يملئ زراعات القصب , الحوادث تحدث يومياً , حظر التجوال يخنق المواطنين من السادسة مساء , الأحوال الاقتصادية للمدينتين انهارت , لاحظ عمرو شيئاً غريباً يحدث كلما ذهبوا في مأمورية يكون على رأسها الرائد محمد عنابة , كان يحدث أشياء غريبة , كانوا كلما ذهبوا للقبض على مجموعة من الإرهابيين وجدوا أثارهم ولم يجدوا أي شخصاً للقبض عليه وكل ما يجدوه مجموعة من الأسلحة القديمة أخذوها وعادوا سعداء بعودتهم أحياء وازدادت أكتاف الرائد بالنياشين وازدادت غرفته بالتكريم , زاد الشك في صدر عمرو الذي كان أخلص العساكر وأقربهم قرباً لقلب الرائد , كان عمرو شديد الذكاء والدهاء , أستمع يوماً لمكالمة غريبة للرائد , كان يذكر فيها دائماً , "أميري , أميري" لم يلاحظ الرائد وجود عمرو على مقربة منه , كذلك لم يبدي عمرو أمام الرائد أي أهمية لما سمع , وبعدها بدأ عقل عمرو في العمل حتى يستفيد من هذه المعلومة التي طبقت ما كان يفكر فيه من دلائل على خيانة هذا الرائد , وبعدها بدأ يرتب كيفية الاستفادة من كل هذا , ظل يتتبع الرائد أينما ذهب حتى عرف عنه بأنه عميلاً مزدوجاً بين الحكومة من جهة والجماعات الإرهابية أخري , حافظ عمرو على صمته , وحاول التقرب إلي هذا الرائد إلى أن جاء اليوم الذي شعر عمرو بأن اللحظة الحاسمة قد حانت للبوح بما يخبئه وعرض طلباته التي تخيل أن الرائد سيوافق عليها لخوفه من الفضيحة , جمع عمرو شجاعته وقال والعرق يتساقط على جبهته
"محمد بيه ... أنا عاوز أشتغل معاكم..."
نظر إليه الرائد نظرة متفحصة , وصمت للحظات ليراقب فيها انفعالات عمرو , وبعد لحظات وببرود أجاب :
"تشتغل معانا فين يا روح أمك ... أنت ما شغال في القسم ... عاوزني أشغلك في بيت أبويا؟"
أرتجف عمرو من نظرة الرائد الحادة إليه , ولكن جراءته جعلته يتم ما بدء قائلاً :
"أنا عرفت كل حاجة , عنك يا بيه , وعن الجماعة اللي بدقون , وعاوز أساعدك"
نظر إليه الرائد نظرة قاسية , وأخرج سلاحه , وفي لحظات كان صوت طلق ناري يدوي في أركان القسم ...
المفاجأة كانت كبيرة ولكن حميدة كان يقظاً , عندما رأى السيارة أمام القسم , سقط بجسده داخل البرج المخصص له , وبعدما استمع إلى الطلقات النارية نظر إلي خارج البرج بحذر لم يجد أحد , قام باستخدام "اللاسلكي" الخاص به لطلب العون وقفز من برجه , وتسلل إلي داخل القسم , نظر إلى عددهم , كانوا ثمانية , منتشرين داخل القسم , كان لا يفرق بينهم شيئاً , جميعهم بجلابيبهم البيضاء , ولحياهم الطويلة , شعر بانقباض في صدره , ظل يسأل نفسه "من هؤلاء وكيف يختبئون في الدين بهذا الشكل" كادت أفكاره أن توقع به ولكنه أفاق وفي ثوان لملم شتات ذهنه , وقرر أن هجومه على هؤلاء يعني موته , هناك اثنان أمامه مباشرة , وواحد ربما كان أميرهم يستتر خلف حائط , كان يسمه جيداً وهو يأمر هذا ويوجه هذا , أيقن وقتها أن القبض على هذا الشخص هو نهايتهم جميعاً ,الوقت يمر بسرعة غريب , وهؤلاء الأشخاص يحاولون سرقة السلاح , قام حميدة بخطف أقربهم إليه وقام بضربه وخلع عنه جلبابه ولبسه , وتسلل بينهم حتى وصل إلى زعيمهم وقبض على رقبته وصرخ قائلاً :
"أوقفوا الضرب ... أميركم في أيدي ... أوقفوا الضرب هقتلوا لو مبطتلوش"
كانت المفاجأة قوية على كل الموجودين صرخ الرجل الذي في قبضة حميدة
"وقفوا الضرب ... واتركوني واهربوا ... هيا أعانكم الله"
توقف الضرب , وهم الرجال بالهرب , ولكن في لحظات حضرت القوات المساندة وقبضت عليهم , بعدها أصبح حميدة اسماً تناقلته الصحف , وأصبحت التكريم شيئاً عادياً لديه حتى وصلت بالتكريمات إلى وزير الداخلية الذي كرمه في حفل أذيع بالنشرات الرسمية , كما تم تريقته ونقله في أحد المعتقلات ليبدأ خطوات جديدة من حياته الأمنية , كل هذه الأمور لم تخرج حميدة من حالة الحزن التي شعر بها بعدما علم بخبر مقتل صديقه عمرو , شعر برغبة في الكتابة , لم يحبها يوماً , لم يشعر يوماً برغبة في الكتابة كما شعر الآن , أحضر ورقة وقلماً وبدأ في كتابة خطاباً إلى والده وبدأ خطابه قائلاً
"أبي وأمي الغاليين ... بوي أنا حاسس بتعب كبير في الشغلانة دي يا بوي , أنا من يوم ما جيت المعتقل ده وانا بقيت زي الوحش يا بوي ... صاحبي مات يا بوي , موته الظابط علشان كشفه وعرف أنه خاين ... يا بوي عمرو كان قايلي أنه كشفه وعرفه على حقيقته القذرة , يا بوي أنا عاوز أسيب الشغلانة المقرفة دي يا بوي ... يا بوي الظابط إللي قتل عمرو أتنقل على نفس المعتقل اللي أنا فيه , يا بوي خايف يكون مصيري خاين أو مقتول غلط زي عمرو ... يا بوي أنت دخلتني في دايرة ومش هقدر أخرج منها , ربنا يسامحك يا بوي..............................حميدة"
شعر حميدة بارتياح بعد كتابة هذا الخطاب , سمع صوتاً ينادي عليه , خرج مسرعاً حتى أنه نسي ما كتبه على سريره وخرج يلبي النداء....
محمد عنابة , من يرى ما أنجزه في سنه الصغير هذا لتأكد من تفوق هذا الشاب الذي في سنوات معدودة أصبح من أهم رجال الداخلية , تاريخه حافل بالإنجازات كم من الشبكات الإرهابية التي كشفها , كانت جميع عملياته تتم دون أي إراقة للدماء , لم يلوث تاريخ الرجل سوى حادث مقتل المجند "عمرو التوني" الذي قال بعده بأنه قتل خطأ جراء قيامه بتنظيف سلاحه الخاص , كان ما يظهر منه يدل وبشكل قاطع على أخلاصه ووفائه لعمله وللنظام , هذا عن الجزء المعلن عن حياة الرائد , أما إذا تتبعنا تفاصيل حياته فأننا سنجد تناقضات بالجملة , والده لواء , حازم جداً , ولكنه كان منفتحاً جداً في تربية طفله الوحيد , كان للطفل الذي صار شاباً بمضي الأيام كل شيئاً متاح , ما يريده أوامر تطاع من أول أشارة له , ظل الشاب يعبث في الحياة كما يشاء يقابل هذه , ويضاجع تلك , الحياة لم تكن له سوى لعب وجنس ورياضة التي كانت الشيء الوحيد الذي يجبره والده عليها , كان الشاب يشعر بالرغم من كل هذا أن هناك شيئاً ينقصه , كان يشعر بحنين للصلاة كلما مر أمام مسجد , حتى جاءت اللحظة التي رغب في التخلص من ذلك الإحساس , الأذان يعلوا , قلبه يشعر بأن راحته في الدخول إلي المسجد , عندما حطت قدمه المسجد شعر براحة لم يشعر بها من قبل , وبرغبة صادقة في البكاء , ترك الدموع تنساب على وجهة الصغير , حاول الوضوء , ولكنه لا يعلم كيف يتوضأ , نظر إلى من حوله في خجل وبدأ يقلدهم حتى انتهى من وضوءه , خرج للصلاة , ولكن كيف يصلي , انتابته حاله من البكاء , لاحظه رجلاً ملتحي , سأله بصوتٍ حنون
"ماذا يبكيك يا فتى"
كان السؤال هو البداية وإجابة الشاب لم تكن هي النهاية لقد قص الشاب على الشيخ كل شيئاً عنه وأخبره الشيخ أن لكل البشر أخطاء وأن طريق الصلاح يأتي بالعمل , وبدأ الشيخ والشاب علاقتهما التي امتدت كل هذا الزمان حتى أصبح رائداً في الشرطة وأصبح الشيخ منظم الجماعة وأميرها , ظل يفكر فيما فعله طوال حياته , هو لم يفعل أخطاء جسيمة طوال حياته , وكان الشيخ دائماً يقنعه بأن ما يفعلوه هو الصحيح لتخليص الناس من النظام الكافر , كان مؤمناً بما يفعله , واثقاً من النصر , لم يشعر بالندم إلا عندما قتل عمرو , كان ندمه بعيداً تماماً عن ذنبه بالقتل لأن عمرو جزء من هذا النظام , ولكن ندمه كان لمعرفة عمرو بما ظل في طي الكتمان كل هذه السنين , كان مسافراً في بحر الذكريات حتى سمع دقات خفيفة على الباب فأذن لمن بالخارج في الدخول , وما هي إلا لحظات بعدما دخل السائل وبعدها تحول الرائد إلى وحش من وحوش الغابة
يتبع.........................................................................................................................
ملحوظة
أنا أتقبل النقد بصدر رحب أنقدني كما تشاء لأن كل نقد لك يرفعني درجة

Friday, July 18, 2008

حميدة ... قصة طويلة

أعتذر لكل من يتابعني من أجل التأخير عليهم في الردود ... بس والله كنت مشغول جداً بس مع لطيفة والله بسببها مش عارف حتى أركز في تكملة حميدة الحمد لله الجزء ده خلصان من قبل الألبوم ... ربنا يسترها الجزء الجديد خايف أخيب وتبقي خبتي ما وردت على حد ... المهم هسيبكم مع
حميدة
الجزء الثاني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاء الصباح وتحولت أقوال الأمس إلي أفعال كل ما تخيله حميدة بالأمس لابد من تنفيذه اليوم – أخذ أوراقه وتوجه إلي قسم شرطة ديروط عندما اقترب من القسم شعر بأن الخوف يملئ كل كيانه من يوم مولده لم يدخل القسم سوى مرتين مرة عند استخراج البطاقة والأخرى عندما تقدم للجيش وما زاد خوفه أن الظروف كلها تغيرت والإرهاب جعل أقسام الشرطة أشبة بحدود الدول من كثرة التحصين بها , ظل طوال الطريق يتخيل ما سيجده بالداخل حتى أفاق على صوت أحد عساكر القسم الذي سأله
"على فين يبني؟"
شعر حميدة بالخوف عندما سأله العسكري ولكنه أجابه بأنه يود أن يتقدم بالتطوع إلي الداخلية ويريد أن يعلم ماذا سيفعل , إجابته تلك لم تريح العسكري الذي قبض على يديه وأخذه عنوة إلي داخل القسم ليدخله إلي غرفة الضابط النبطشي بعد أن وضع يديه داخل الأساور الحديدية حاول حميدة بالرجاء تارة وبالدموع تارة أخرى أن يوضح لهذا العسكري أن كل ما يريده هو التقدم بالتطوع وليس له أغراض أخرى من دخوله القسم ولكن العسكري لم يتفهم ذلك وأدخله للضابط الذي تفهم موقفه بعد أن علم بمدى علاقته بالدكتور"محمد عبد الله" وعلم منه بأنه يجب أن يذهب إلي مدرية أمن أسيوط للتقدم هناك – عاد بعدها حميدة إلي منزله يملؤه غضب جم مما حدث له في أول زيارة رسمية لذلك العمل ولكنه سعد لأن والده قد يتراجع عما يفكر فيه ولكنه عاد والغضب يملئ صدره فحوله والده إلي برد وسلام عندما أخبره أن البداية لابد وأن تكون صعبة ولابد من الكفاح من أجل الوطن الذي يحتاج في هذا الوقت الكثير والكثير من التعب وكان حميدة يستمع إلي ما يقوله الأب بأدب جم فلم ينطق بكلمه حتى تحدثت والدته الحجة فاطمة التي كانت تستعد لصلاة العشاء فتحدثت للأب بحزن يملئ صوتها
"يا حج أبننا مش حمل البهدلة دي ... يا حج أبننا هايضيع منا"
وصمتت لحظات لتبكي وتابعت
"مش كفاية ولادنا الأتنين ضاعوا يا حج"
"خلاص يا حجة ولادنا كانوا شهداء احتسبيهم عند خالقهم ... لكن حميدة لازم يقدم ويخدم وطنه"
صمتت الحاجة فاطمة وذهبت لتصلي واستأذن حميدة والده وذهب ليخلد إلي النوم ويفكر في مصيره القادم بعد أن تأكد وكان الوالد حاول أن يطمئن الابن وأكد له ذهابه بالغد معه إلي أسيوط لتقديم الأوراق حتى يطمئن قلبه.
جاء الصباح حاملاً معه من ناحية هموم تداخلت وتسارعت في قلب حميدة والدته , ومن ناحية أخرى آمال الأب في أن يجعل من أبنه بطلاً كما كانا شقيقاه , أستعد الأب والابن بالأوراق والأمتعة للسفر إلي مدينة أسيوط وكان منها وبعد عناء طويل قبول أوراق حميدة إلي جهاز الشرطة ولكن قبل العمل بالشرطة لابد من التدريب وهذا ما تعلمه حميدة في بدء حياته العملية مع جهاز الشرطة فكان مركز تدريب عين شمس هو وجهة حميدة القادمة , لذلك هو استعد جيداً لما سيلاقيه في الغد ونام مبكراً ولم ينس أن يصلي المغرب والعشاء قبل أن يتوجه إلي السرير لينام.
مركز عين شمس للتدريب الأمني , المشهد غريب حقاً شباب في أعمار مختلفة فهم من الثمانية عشر إلي الثامنة والعشرون اختلفت أهدافهم كما اختلفت أعمارهم , فبعضهم من جاء إلي الأمن بالفعل لحماية الوطن وبعضهم جاء ليذوب في الأمن ويصبح واحداً منهم كحماية له من بطشهم , ومنهم من جاء ليأخذ فرصة عمل حتى ولو كان عسكري في قسم – لم يجد حميدة وسط كل هذا ذاته التي أفتقدها كثيراً منذ خروجه من بلدته إلي الآن – حميدة الذي لم يخرج من بلدته سوى مرتان ولم يصادق في حياته أو يرافق أشخاص غير بعض أقربائه ها هو الآن يتعامل مع المئات من الشباب الذين جمعتهم نفس الظروف وكان معظمهم من الصعيد لذلك لم يشعر بالغربة كثيراً لأنه سريعاً ما جمعت الصداقة بينه وبين عمرو ذلك الفتى صغير السن الذي بلدته لا تبعد كثيراً عن بلدته وكان عمرو من ذلك الصنف الذي اختار الشرطة للحماية فهو مقتنع بأن حمايته من بطش الأمن هو الذوبان بينهم ومنهم يمكن له أن يكون له سلطة فيما بعد – انتهت فترة التدريب وتحول كلاً منهم إلي المنطقة التي أختارها الأمن فكان ذهاب حميدة إلي مدينة ديروط وذهب صديقه إلي مدينة ملوي ليبدءا حياتهما كعساكر في حراسة الأمن
يتبع...................................................................

Saturday, July 12, 2008

حميدة ... قصة طويلة

قصة جديدة ... بس دي طويلة حبتين "وفيها تخبيط كتير" نشرتها ع المكتوب من فترة ... كبيرة جداً القصة طويلة وفيها حجات حقيقية كتير ... هنزلها في أجزاء ... استنوها السبت من كل اسبوع
حميدة
الجزء الأول
ــــــــــــــــــــــــ
"أضرب يا عسكري ... أضرب يا أبن القحبة"
"يا باشا كفاية حرام عليك ... مش قادر أضرب تاني ... يا باشا أنا كرهت نفسي"
"يا أبن الكلب , أنت يا زبالة مش عاوز تؤدي خدمتك ... أنا هحولك للتحقيق , أنا هاوريلك يا زبالة"
أعمل إلي تعمله أنا خلاص قرفت وزهقت ... إحنا بنخدم مين يا باشا , أنا حاسس أننا مش بنخدم البلد : أحنا بنخدم "ناس بعينها يا باشا
"أنت قصدك إيه يا حيوان ... عسكري مخيمر تعالا أربطلي الكلب ده مع الكلاب دول خليه يتأدب"
"لا يا باشا ... أنتوا هاتعملوا فيا إلي بتعملوه في الناس"
قالها العسكري لينفجر بعدها الموقف , حيث قدرت الضحايا داخل المبنى إلي ثلاث عساكر ورائد أمن دولة , وكان ذلك النبأ في التلفزيون الرسمي
حادث مؤسف في مبنى من مباني وزارة الداخلية المصرية حيث قام عسكري بإطلاق طلقات نارية على زملائه مما أدي إلي استشهاد الرائد أحمد الهندي وأثنين من أفراد الأمن وإصابة الثالث ... يذكر أن قوات الأمن تمكنت من الجاني "وأوردته قتيلاً
هذه كانت نهاية ما حدث , ولكن هل توجد نهاية بدون بداية لذلك عندما نريد أن نعلم سبب النهاية أن نعود إلي بداية الأحداث التي بدأت في مكان بعيد عن القاهرة تماماً وتحديداً في محافظة أسيوط وفي قرية صغيرة تابعة لمركز ديروط ولد حميدة لأب مزارع بسيط في أواخر السبعين من العمر له أبنان توفيا في حرب أكتوبر بالإضافة إلى زينب المتزوجة من الدكتور محمد عبد الله أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط وحميدة الذي ولد في يوم استشهاد شققيه اللذان استشهدا في حرب أكتوبر المجيدة وكان يوم ميلاد حميدة هو يوم عزاء شقيقه الأكبر وبعد ميلاده بشهر علم الأب باستشهاد أبنه الآخر ليصبح حميدة بعدها هو الابن الوحيد لأب وهن في العمر وأم أنهكها المرض وأخت وحيدة الشيء المميز لتلك العائلة الصغيرة هو حب الوطن الذي خلقه وجود شهيدين في تلك العائلة البسيطة الأمر الذي جعل من الدكتور "محمد عبد الله" الأستاذ الشهير بجامعة أسيوط وصاحب أرفع الكتب السياسية التي تفخر بها المكتبات العربية أن يتشرف بمصاهرته لتلك العائلة البسيطة , لم يعلم حميدة كثيراً عن أشقائه الشهداء ولم يرى منهم سوى الصورتين اللتين تزينان منزل عائلته ولكنه وعلى الرغم من ذلك يعتبرهما مثله الأعلى ودائماً ما يفتخر بهما أمام أصدقائه أبناء قريته ولكنه وعلى الرغم من كل ذلك لم يهتم بالتعليم ولم يحبه لذلك خرج سريعاً من التعليم في المرحلة الابتدائية ليساعد والده في الاهتمام بقطعة الأرض الصغيرة التي تمتلكها عائلته – ظلت الحياة تمر بخيرها وشرها على حميدة وعائلته إلي أن جاءت تلك الليلة التي عاد فيها حميدة من عمله منهكاً ليجد والده في انتظاره على غير عادته شعر حميدة بأن شيئاً سيحدث تلك الليلة لذلك بعد أن أغتسل وصلى ما فاته من الفروض جلس مع والده ليعلم سبب انتظاره ويعلم سبباً لهذا القلق الذي تملكه كانت البداية من والده عندما قال
يا ابني أنا كنت عاوز أشوفك بطل زي أخواتك الشهداء الله يرحمهم ... لكن أنت محابتش التعليم وانا مجبرتكش على حاجة علشان كده و علشان الظروف اللي بتمر ببلدنا اليومين السود دول ... أنا عاوزك تتقدم وتبقي فرد أمن في "الداخلية
كانت المفاجئة أكبر مما تخيله حميدة فقد كان أكثر ما يتخيله أن يرشح له والده ببنت من بنات القرية لكي يتزوجها ولكن الأب وعلى غير ما توقع يأمره بالتقدم للشرطة وهو يعلم أن الظروف الأمنية في مدينته وفي مدن الصعيد جميعها غير مستقرة والإرهاب يملئ سكنات المدن ظل يأخذه التفكير حتى وجد المخرج من أمر الوالد فقال
يا بوى أنت عاوزني أقدم في الداخلية وانت عارف ظروف الأمن ... وعارف أني لو دخلت الشرطة هاتكون نهايتي "الموت يا بوى ... يا بوى أنت ليك أتنين ماتوا من ولادك بلاش أنا أكون التالت
الغضب كان من الوالد عندما استمع لما قاله الابن لذلك تخلت الطيبة عن الأب ليحل محلها القسوة الممزوجة بحب الأب لوطنه الذي لولا كبر سنه لكان تقدم بنفسه ليحارب مع الداخلية قدماً بقدم هؤلاء من يحاربون باسم الدين , تجاوز الأب ما قاله الابن وأكمل
يا بني أخواتك ما ماتوش أخواتك لساتهم عايشين أخواتك شهداء ... وانت ليك الشرف أنهم ماتوا شهداء وانت لو مت "في حربك دي أنا هعتبرك بردة شهيد
يا بوى بس أخواتي كانوا بيحاربوا اليهود لكن أنا هحارب أخواتي وقاريبي وأهلي ... يرضيك يا بوى أموت بسلاح "ولد عمي؟
كان هذا أخر محاولات حميدة مع والده لعل قلبه يرق له ويبعد عن رأسه تلك الأفكار ولكن الأب فاجأه وقال
يا ولدي اللي يمسك سلاح في وش واحد من أهله ما يبقاش منا وأنا يا ولدي لو لقتني في يوم ماسك بندقة في وش
"حد من أهل البلد وبرهب فيه أبقي أقتلني
تقبل حميدة الأمر ولكن الأرض ما موقفها من تفكير الوالد فسئل حميدة عنها وعلم من الوالد أن الأرض لم تعد تصلح لهم خاصة أن المحصول بسبب هؤلاء الإرهابيين دمر مرتين لذلك قرر الأب بيع الأرض ودخل حميدة غرفته حزيناً خائفاً مما سيحدث له في الغد وبدأ في جمع أوراقه التي سيتقدم بها في الصباح لذلك المصير المجهول
يتبع...............................

Wednesday, July 9, 2008

يا مساء الفضايح



تاج جالي النهاردة ومن مين ... من البت كيكي أم أعز أتنين أصحابي برعي ومدامته تفيدة هانم المهم التاج كان عاوزني أتكلم عن نفسي في 16 نقطة أممممممممممم مش عارف أقول إيه بس ... والله بجد مش عارف ابتدي منين ياللا هغمض عيني واقول يا


مسهل ... وابتدي


أولاً: أحب أعرفكم إني لزقة الحاجة اللي بحبها من وانا صغنون بتفضل معايا إلى ما لا نهاية .. يعني أشرحلكم حبيت لطيفة وحبيت وشجعت الإسمعايلي من وانا عيل صغير ومازالت إلي الآن لطيفاوي جداً واسمعلاوي جداً بس حالياً بطلت أتفرج على أي كورة


علشان مش عاوز أموت بدري


ثانياً : ودي حاجة مش أنا اللي بقول عليها دول اصحابي اللي عمال على بطال بيقولها ... بيقولوا عليا إني طيب أوي أنا والله مش عارف بجد أنا طيب ولا بستبهل ولا عامل فيها طيب الله أعلم


ثالثاً : مش بيتبل في بوقي فوله ... آه والله فتان شويتين ... بس عندي مبادئ في بوح الأسرار ... يعني بحسبها بدماغي "هل لو قولت السر ده هيحصل حاجة للي قلي عليه ... لو دماغي جاوبتني وقالت نو وقتها الخبر ممكن يتنشر في الاهرام والجمهورية كمان


رابعاً : " وأوف من رابعاً دي "كئيب أوي وبحب بعيد عنكم الحزن زي عنيا ... بس مش كل الحزن , أنا بحب الحزن الرومانسي أوي ... يعني لما بكون لوحدي أروح مشغل فيروز وأوبز لو غنوة داست على حتة وجعاني ... يالهوي ... ساعتها حنفية عنيا بتفتح ومش بتقفل أبداً ... وبعدها بغسل وشي واقول لنفسي "إيه العبط اللي كنت بعمله

ده" آه والله بقول كده لنفسي


خامساً : مرتبطة شوية باللي قبلها حبيبة قلبي روزة فيروز لو قولتلكم أنا حاسس أنها صاحبتي الأنتيم دلؤتي آه والله الأنتيم بسمعها ليل ونهار وفي كل وقت ... صوتها بيفرحني ويبكيني ناس هتستغرب طيب ولطيفة ... لطيفة بقي مش هكدب عليكم لو قلت أنها "أنا" وخلاص

سادساً : علاقتي ب ربنا مش متظبته خالص ... أنا متأكد أنه ربنا بيحبني بس أنا مقصر أوي أوي ... ونفسي أشكر ربنا على نعم كتير أنعم عليا بيها ... وياما بلاوى سودة رفعها عني بس أنا بردوا مقصر ... اللي بيحبني يدعيلي أقدر أكون ملتزم

سابعاً :.. بابا الله يرحمه ... أطيب إنسان شوفته على وجه الأرض ... بحبه أوي ومفتقده أوى أوى ... وبقوله "بابا لو كنت زعلتك في أي حاجة سامحني" بليز يا جماعة أدعوله بالرحمة لأنه فعلاً يستحقها

ثامناً :... ماما ... ست الكل ... حبيبة قلبي ... ياةةة مش هقدر أوفيها ولا بكلام الدنيا كله ... حببتي , ربنا يخلهالي يا رب ... وبقولها "ماما أدعيلي أوي من قلبك" وخلي بالك من اخواتي

تاسعاً :أخواتي جميعاً ... أجمل وأروع أخوات في الدنيا ... متعرفوش يا جماعة لما بيت يكون فيه مجنون زيي ... ويلاقي المساندة والدلع الماسخ من مجموعة من
الاخوات ... ربنا يخليهملي يارب


بصوا بقي من العاشر للستاشر دي حجات هقولها ع السريع وربنا يستر


عاشراً: نفسي أفتح عيني واغمض مايبقاش في رقابة

أحد عشر: بحب حرية الفرد وبحترمها لأبعد الحدود مهما كانت ميوله أو معتقداته

الثاني عشر: نفسي أصحى من النوم ألاقي أي حاجة حصلت جديدة في مصر

الثالث عشر :متناقض جداً جداً جدا

الرابع عشر : بتغاظ أوي وبتفرس من جنابي من قنوات الإعلانات "قصدي" القنوات الدينية اللي تلاقي فيها كام واحد قعدين يعقدونا في حياتنا وفي النص تلاقي اعلانات للحلل والطبيخ وأي حاجة تانية تجيب فلوس حتى لو كان سم في هيئة علاج

الخامس عشر: لتات وعجان مع ناس معينين من اصحابي ... مش بعرف اسكت وانا معاهم بقعد ألك ألك ألك لغاية ما يقولوا ستووووب أرحمنا بس الموضوع ده مش مع كل الناس

السادس عشر و خلاص خلصت هييييييييييييييه : علشان دي الأخيرة هقسمها لنصين ... كلمتين ع السريع للي هحبه"أنا لما بحب بحب بجد ... بليز بلاش صدمات" والنص التاني لأغلى اصحاب في الدنيا واللي بدورهم هيتقسموا اتنين نص محلى صنع في المنيا هكتب أساميهم كنوع من التشهير بقي "أحمد فؤاد , محمود بكر ، أحمد فولي ، محمد صلاح ، محمد حسن" ودول يا جماعة على الرغم من تفرقنا بس في القلب والله ... أما الجزء التاني بقي فدول حقيقي , حبايبي أوى أوى ... هقول الشباب بس علشان محدش يفهمني غلط ... على فكرة دول الجزء اللي أثر فيا وواقفين جمبي لأبعد الحدود ... والباقي في قلبي ... بس لازم حبايبي دول أكرمهم
حبيبي محمد مارو و عمار و حبيبي أحمد سعيد نيجر و شاعر و مدحت و علاء اللي متغرب في الامارات ربنا معاه يارب وأخيراً بشكر البت كيكي على التاج بتاعها وانا هبعته لكل واحد عاوز يتكلم عن نفسه بصراحة ... نسيت أقولكم إني عندي زهايمر وممكن أكون فوت كتير مقلتوش بس ياللا تتعوض

تعديل صغير

إلي حببتي لبنان ألف تحية وألف سلام


سلاموز بقي وادعولي أخلص الكام قصة اللي شغال فيهم


متنسوش ألبوم لطيفة 12 / 7 يعني معاه كام يوم وينزل
الصورة تصميم عتمان من عائلة لطيفة أون لاين

Sunday, July 6, 2008

بداية متأخرة ... قصة قصيرة

هي قصة جديدة من القصص التي كتبتها في بداياتي على مدونتي القديمة ... أتمني أن تنال رضاكم ... أنا طبعاً بعتذر لكل أصدقائي للتأخير عنكم ... بس أنا بجهز لمفاجأة يارب تعجبكم ... متنسوش تسمعوا غنوة حببتي لطيفة
"في الكام يوم اللي فاتوا"
بداية متأخرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا الله ما لهذا الألم أليس له نهاية ماذا فعلت في نفسي لكي أقتلها.... حياتي تمر بي الآن كشريط سينمائي من تلك الشرائط التي مللتها وحفظتها , أنا شاب من بدو سيناء بالتحديد جنوب سيناء , والدي شهيد من شهداء حرب أكتوبر , وجدي هو شيخ القبيلة , تربيتي ككل شباب سيناء قائمة علي الأعمال الصحراوية نشئنا في الصحراء وعشقناها , أنا لم أتعلم في مدارس الحكومة لأنني باختصار لا أجد أي فائدة من ذلك , ولكنني بالرغم من ذلك تعلمت في مدرسة أكبر بكثير من مدارس الحكومة , ألا وهي مدرسة جدي ......
تعلمت من جدي كل شيء , الزراعة والرعي , حتى التجارة ببعض الخراف أو ببعض المحاصيل تعلمتها منه , كانت أهم الدروس التي تعلمتها من جدي العزيز هو حب الوطن , قص علي جدي وقت استشهاد أبنه الأكبر في حرب النكسة , ولم يحزن وقتها ولكنه وقف وقال "ولدي فدا للوطن"وبعدها جاءت حرب أكتوبر المجيدة ولم يبخل جدي بابنه الثاني وهو والدي العزيز الذي أستشهد بدوره ...
مرت أيام شبابي وأنا غارق في حب عشيرتي ولا أريد أن أخرج منها حتى أخر يوم في حياتي , إلي أن رأيتها , تغير كل شيء في حياتي وانقلبت رأساً علي عقب , لمر أرى شيئاً غيرها , كانت تعمل مرشدة سياحية , رأيتها مع فوجها السياحي كالملكة في قصرها جعلت قلبي الذي لم يعرف سوى الصحراء وأهل الصحراء , شعرت هي بحبي , وأحبتني لحبها في طبيعة المكان الذي أوجد فيه , فهي تعشق رجولة أهالي الصحراء , وتعشق عادتنا وتقاليدنا ........
تغير كل شيء في حياتي بعد معرفتي بتلك الفتاة , وأصبح الهدوء الذي كنت أحياه كالهدوء الذي يسبق العاصفة , عندما طلبتها للزواج لم يوافق جدي ولا قبيلتي بهذا الزواج , ولكنني لم أرضخ لهذا الرفض بل قاومته بكل ما أمتلك من قوة , حتى صدر قرار قبلي من جدي بطردي من القبيلة لأنني خارج عن عادتها وتقاليدها ...
سافرت إلي القاهرة للعمل وزواج حبيبتي , وكانت أول عقبة في العمل أنني لا أعلم أي شيء يؤهلني للعمل سوى جسدي المفتول العضلات ووسامتي , وبهذه المؤهلات عملت حارس خاص لفنانة كانت صديقة لحبيبتي , عملت معها فترة , وبعدها ذهبت لوالدها لكي أطلب يدها والدها كان يعمل لواء في الجيش , وعندما خرج على المعاش عمل في السياحة وأصبح من أكبر رجال الدولة في مجال السياحة وكان من أشد المطبعين مع إسرائيل ذهبت إليه في مقر عمله أنا وفتاتي , لم أجد من والدها أي ترحيب خاصة عندما علم أنني من البدو وقال لي "يبني انتوا نصكم خونة والنص التاني تجار مخدرات" طردني من شركته , انهارت حبيبتي من بعدي , وذهبت إلي المستشفي بعدها لم أعلم عنها شيء سوى سفرها إلي خارج البلاد , كان سفر حبيبتي ومرضها سبباً في بدء الحرب من والدها الذي ذهب لتلك الفنانة وأجبرها علي طردي من العمل واتهامها لي بسرقة مجوهراتها التي وجدوها داخل غرفتي وكان مصيري السجن.
داخل السجن تعلمت أشياء لم أتعلمها في مدرسة جدي , كان أول ما تعلمته هي القوة التي تحصل بها علي كل شيء , كما علمت أن وتأكدت أنه "يا ما في الحبس مظاليم" كما يقولون هو شاب في أوائل العشرينات , من الوجوه التي تستريح لها من أول ما تراها , يظهر من طريقة حديثه تدينه الواضح فكل حديثه يبدأ وينتهي بذكر الله وبرغم سجنه فهو يواظب علي كل الصلوات ومن شدة تدينه أجبر عساكر وضباط السجن على احترامه , كما تم تعينه داخل مسجد السجن ليكون إمام طوال فترة حبسهشدتني شخصية هذا الشاب من أول ما رأيته , علمت منه أنه محبوس لخروجه في مظاهرة بعد احتلال العراق , كما علمت أن والده من رجال الأعمال ويعمل في مجال المقاولات
فور خروجي من السجن أول ما خطر ببالي هو الاتصال بها , أنا لازلت أتذكر رقم هاتفها الخاص اتصلت بها لعلها مازالت تتذكرني ولكن هاتفها لا يعمل , قمت بعدها بالاتصال بمنزلها فكانت صدمتي عندما علمت بأنها تزوجت وتركت البلاد
بعدها تذكرت رفيق سجني الذي خرج من قبلي بفترة كبيرة وكان قد أعطاني هاتفهكان استقباله لي أفضل مما توقعت , كانت إقامتي في منزله وكان والده يعاملني كما لو كنت أبناً له , أما عن العمل فعملت في شركة والده رئيس لأمن الشركة وكادت الدنيا أن تبتسم لي من جديد.
في يوم استيقظت في السادسة صباحا كعادتي وذهبت إلي مقر الشركة , كان الأمن يحيط بالشركة ذهبت إلي قائد الأمن وسألته عن سبب حصار الشركة , فقال لي "السبب أن مالك الشركة عضو في جماعة محظورة , ويقوم بغسيل أمواله في تلك الأعمال , ومطلوب القبض عليه لذلك " لم أتخيل أن يكون والد صديقي يعمل في أعمال محظورة قانونيا
كانت المفاجئة قوية علي كيف يكون هذا الشخص الطيب الذي يفعل الخير ولا ينتظر الجزاء أن يقوم بأعمال منافية للقانون , ذهبت لضابط الأمن وحاولت أن أقنعه بما لدي ولكنني فوجئت به يضربني ويسبني وقال لمن معه من العسكر "خدوه أبن القحبة في البوكس"
بعدها بدأت أسود مراحل حياتي أول ما دخلت سيارة الأمن قاموا بغلق عيناي بعصبة سوداء , لم أشعر بتحرك السيارة لشدة ما يفعلون بنا كما لم أشعر بمن معي داخل السيارة لنفس السبب .... بعد ذهابنا إلي مكان مجهول أعتقد أن يكون تحت الأرض لأننا فجأة شعرنا
بانزلاق السيارة مما جعلنا نسقط من فوق بعضنا أنزلونا من السيارة وما كنت أشعر به أن هناك أكثر من أيد تطاول على جسدي , بعدها وجدت نفسي في غرفة لا يزيد حجمها عن عدة أمتار ومعي مجموعة من الشباب قد يتجاوزوا الأربعين , كانت الغرفة مغلقة من كل أجنابها , لم نستطيع النوم في تلك الليلة , ولم نستطيع حتى الاستيقاظ , وفي تلك الليلة استدعاني ضابط من هؤلاء الضباط واعصموا عيناي , لم أشعر بعدها إلا بسؤال الضابط عن علاقتي بوالد صديقي فأخبرته بالحقيقة بأنني أعمل عنده ولم أعلم عنه شيئاً مما تقولون عليه , وأن هذا الرجل يفعل الخير بدون حساب , ويعمل لديه ألاف من الشباب المسلمين فكيف تفعلون به هكذا
كانت هذه هي نقطة البداية في مشوار التعذيب الذي لم أعرفه في حياتي حتى كانت نهايته مع خروج والد صديقي من المعتقل ولكن كان الخروج قد تأخر كثيراً فقد خرجت من المعتقل وأنا إنسان آخر كاره للبلد من أصغر مواطن فيها إلي أكبر مواطن , حتى موطني الأصلي في سيناء كرهته كان الانتقام هو ما يسيطر علي تفكيري في تلك اللحظات الانتقام من كل شيء ومن كل ما أمامي من أشخاص أو أشياء .
كانت عودتي إلي سيناء مفاجئة لجدي و لعشيرتي كلها , ووجدت الترحيب من كل العشيرة وكانت صدمتي الأولى في جدي عندما علمت بأن جدي وجميع رجال ونساء القبيلة قد تعرضوا للاعتقال والتعذيب , بعد حوادث شرم الشيخ , مما أسفر عن أصابته بالعجز في جسده وعدم ألقدره علي التحدث وكانت معرفتي لتلك الأخبار هي الصفعة الأخرى التي أخذتها منذ خروجي من المعتقل .
بعد معرفتي لكل ما حدث وجدت روح الانتقام ليست موجودة بداخلي فقط ولكنها موجودة في كل شباب القبيلة , وكانت معرفتي بالشيخ "منصور" الذي يقال عنه بأنه غريب عن سيناء ويسكن في قلب الجبل بعيداً عن الأمن , ذهبت إليه أنا ومجموعة من الشباب وكان ذلك دون علم جدي .
وعند ذهابنا إليه كان في استقبالنا مجموعة من الملثمين , وقاموا بتلثيمنا مثلهم , بعدها مررنا بأكثر من شاب وأكثر من مكان , حتى وصلنا إلي الشيخ "منصور". كان الشيخ منصور أشبه بالأجانب عن المصريين بشرته كانت بيضاء وشعره الذي يظهر من تحت العمامة أصفر وعيناه كانت زرقاء بلون البحر , قام بعدها بتعليمنا أول الدروس عن الجهاد , وكان الجهاد من وجهة نظرة هو قتل الضعيف حتى يأتي الأقوى منه لنتخلص من هذا النظام الكافر.
لا أعلم كيف عشقت الشيخ منصور وقام بتغيير كل معتقداتي الدينية والدنيوية , وبعدها بدأنا في التدريب علي البعد عن كل ما في الدنيا من خيرات , وكانت الدروس اليومية عن الآخرة ووصف الجنة , حتى وجدت نفسي أتمني الموت ومللت في تلك الحياة بكل ما فيها من شرور وضعف , وكنت أتمنى أن يأذن لي الشيخ بأن أقتل نفسي وأجاهد هؤلاء الضعفاء الجبناء وأخلصهم من تلك الحياة المملة , وأخيراً أذن لي الشيخ بالعملية الأخيرة في حياتي , العملية التي بعدها ستكون الجنة من نصيبي , وستكون تلك الدنيا العفنة قد زالت وإلي الأبد.
يوم العملية ذهبت إلي جدي وقبلت رأسه وقلت له لا تحزن علي يا جدي , ولا تغضب مما سأفعله , لم يجبني جدي بشيء ولكنني وجدت دمعة سقطت من عينيه وتركني وأزاح رأسه عن وجهي .
تحركت في سيارة فارهة من تلك السيارات السوداء الضخمة التي تكون للسفارات وكان موجود عليها شعار قنصلية إسرائيل مما جعلني أرتاب في طبيعة مهمتي ولكن الشيخ أقنعني بأننا يجب أن نخفي أنفسنا في بيت العدو , وصلت السيارة إلي القاهرة وكنت أنا أقرأ القرآن الكريم داخل السيارة.
وصلنا إلى منزل في مدينة نصر , ووجدته منزل بسيط في حي خالي تقريباً من السكان وكان موجود داخل المنزل مجموعة من المشايخ , وكانوا يحدثونا عن الآخرة , وعن فوائد الجهاد , وكان أخر ما رأيته في هذا المنزل هي شريط فيديو وجدت به جدي داخل المعتقل وبالشريط ضابط يقوم بضربه علي قدمه ومجموعة من العساكر يعتدون علي جسده الضعيف , وقتها شعرت بأنني أود أن أفجر كل مصر وليست تلك المنطقة التي سأفجرها فقط .
بعد مشاهدتي لتلك المشاهد ركبت السيارة المفخخة , وكانت الخطة بأن أترك السيارة في ميدان "العتبة" في وقت محدد , وقتها سيكون هناك تاكسي يقف أمامي أركبه ويعود بي إلي نفس المنزل.
وجدت نفسي في ميدان العتبة , ووجدت الباعة وهم يقفون على الأرصفة لبيع بضائعهم الرخيصة وكاد قلبي أن يتمزق ولكنني عندها كنت أتذكر وجه جدي وهو يتألم فيزداد قلبي قوة .
وجدتها أمامي الآن تقف هي وطفل صغير أتوقع أنه أبنها الصغير , يا ألله من قال لها تقف الآن أمامي وما ذنبها وذنب هذا الصغير لكي يكونوا ضحايا لي .
وجدت نفسي أرفض كل ما حدث لي وأرفض وجودي لكي أقتل هؤلاء الغلابة وما ذنب كل هؤلاء .
وجدتني أصرخ داخل السيارة أهربوا السيارة مفخخة , ولكن لم يسمعني أحد , حاولت الخروج من السيارة ولكن كانت الصفعة الأخيرة لي , كانت أبواب السيارة كلها مغلقة .
توقفت دقات قلبي عن الدق من الخوف من عذاب الله ومن الألم لقتل هؤلاء , كاد جسدي أن يتمزق من الألم وكانت صرختي المكتومة من أثر الخوف تكاد
أن تقتلني , حتى كانت الصرخة الأخيرة التي لم نسمع له صوتاً من بعدها.
وقد ذكرت وكالات الأنباء الدولية أن انفجارا دوى في وسط القاهرة وتقريباً في ميدان العتبة من أثر سيارة مفخخة ,
أسفر عن مقتل مئات المواطنين وإصابة غيرهم , هذا ولم تعلن أي منظمة إرهابية مسئوليتها عن الحادث

انتهت
حمادة زيدان