في البداية أحب أقول شوية حجات كتيرة
أولها
موضوع الصك بتاع الحكومة ... مش عارف الموضوع ابتدي بألفين جنية ... وبعد كدة الموضوع اتسخط ل 400 جنية ويمكن أقل ... مش عارف لغاية ما الموضوع يتم ويبقي قانون هيوصل لكام ... أنا خايف في الاخر يطلبوا مننا فلوس
تانيهم
موضوع الكتاب بتاع النقاب اللي لسه سامع عنه النهاردة ... الكتاب اللي هيصدر عن الأزهر واللي بيقول أنه النقاب "عادة" ومش "عبادة" ... بصراحة من جوايا فرحت أوي لأنه أنا من زمان مقتنع أنه النقاب مجرد عادة خليجية وليس بها من الاسلام في شيء
تالتهم
الجزء الأخير من حميدة هيكون قريب جداً
طولت عليكم بس استحملوني بقي معاكوا حميدة
حميدة
الجزء الخامس
.......................
حملات مكثفة أتبعت ذلك في المنازل , وعلى الجبال , وفي حقول القصب التي دمر منها الكثير , تم القبض على الآلاف البريء منهم والجاني , سقط الكثير والكثير من قادة وزعماء الإرهاب , وتفوق الأمن على منابع الإرهاب , أختنق سكان المدينتين , وانتشرت السرقات وأعمال البلطجة من الأمن , كادت أن تحدث كارثة , هاجر من استطاع , وأغلقت الكثير من المحلات , كان الوضع أشبه بالكابوس , حتى كانت الزيارة التاريخية لوزير الداخلية , والتي أعلن فيها فك الحظر عن مدينتي ملوي وديروط , لتعود بعدها الحياة إلى الصعيد بعد أن تكبد خسائر كبيرة .
في ظل كل هذه الأحداث أصبح حميدة هو حديث وسائل الإعلام التي تحدثت عن شجاعته وبطولاته الكثيرة , وتم تكريم والديه , وفي ليلة وصفها أهل القرية ب"ألف ليلة وليلة" تم زفاف "حميدة" على بنت عمدة القرية الآنسة "عبير محمد طه" في حفل كبير حضره محافظ أسيوط , ومدير مدرية أمن أسيوط نائباً عن السيد الرئيس , شعر الحج "محمد" والد حميدة بالفخر الشديد , ووقف يستقبل المعازيم الذين وفدوا من كل مكان لحضور هذا العرس , نسي الرجل عذابه بالسجن على شيء لم يفعله , نسي الرجل شعوره بالظلم , نسي الرجل كل شيء ولم يتذكر إلا التكريم المتواصل من كل أنظمة الدولة , الدموع ملئت عيناه وتناثرت على خده , لاحظه "حميدة" بكاء والده , استأذن عروسه وذهب لوالده يملؤه القلق والخوف , سأله بصوتٍ حنون :
"ليه بتبكي يا بوي؟"
نظر إليه والده نظر حنونة , وأخذه في حضنه , وقال له :
"يا ولدي ببكي من فرحتي بك , أنت بطل زي أخواتك , أنا فرحان قوي يا ولدي الليلة"
انتهت الليلة بكل ما فيها من صخب , ونفاق , وحب , طلعا حميدة وزوجته إلى غرفتهما تصطحبهما دعوات العائلتين , وبعض أحقاد الحاقدين من زواج بنت عمدة البلد الحاصلة على درجة البكالوريوس في العلوم من حميدة الغير متعلم , كان من بين هؤلاء النقيب "احمد حسني" الشاب الذي كان متحمساً جداً في ليلة زفاف ابنة عمه , التي أحبها بشدة وأخلص في حبه ولكنها في النهاية اختارت حميدة , شعر بالغضب الشديد كلما تذكر أن حبيبته قد اختارت إنسان جاهل , أخرج كل أحقاده في نشاطه الزائد في ذلك اليوم , أوصلها إلى البيت , ومن باب المجاملة أوصى "حميدة" عليها , وتركهم ورحل تملؤه نار الحقد والكره ل"حميدة" الذي كان في تلك اللحظات يعيش أجمل لحظات حياته على الإطلاق .
استيقظت "عبير" من نومها فوجدت حميدة نائماً , قبلته , وتذكرت أول لياليهم وكيف كان "حميدة" حاداً , غليظاً , في معاملته الجنسية معها , تذكرت أحلامها في فارس أحلامها , نظرت إليه وتحيرت , "لما تزوجته؟" هكذا سألت نفسها , لم تجد إجابة , طوال حياتها تهوى الشهرة , تقدم لها الكثير , ولكنها رفضتهم جميعاً , كانت تبحث عن فارسها , حبها للظهور جعلها ترفض أبن عمها الضابط , الشاب , الوسيم , واختارت "حميدة" الذي كانت صوره وأخباره تلف مصر كلها , اختارته هو رغم فقره , وجهله , وجدت نفسها تطارده , اختلقت الحجج حتى تذهب لبيتهم , صادقت شقيقته زوجة الدكتور , وعرفت عن أخاها كل شيء حتى تحقق لها ما تمنت وجاء "حميدة" يطلب يدها , رفض والدها , ورفضت عائلتها , ولكنها وافقت , وأصرت , وفي النهاية وجدت نفسها بين زوجته وتحقق لها ما أرادت , تذكرت كل هذا وهي ناظرة إليه , فتحت جرائد اليوم , نظرت إلى صورتها معه , فرحت كثيراً ولكنها صدمت من معاملته معها في ليلتهما الأولى , صدمتها غطت على سعادتها برؤية نفسها في أكثر من جريدة , حاولت أن تنسى كل ذلك , وأيقظت "حميدة" الذي استقبلها بقبلة طويلة لم تحبها كثيراً , جهزت طعام الإفطار , فطروا وبدءوا في استقبال الضيوف الذين توافدوا منذ ساعات الصباح إلى نسمات الليل , ظل توافد الضيوف لأسابيع , الملل تملك من "عبير" وأصبحت غير قادرة على مصارحة زوجها بمشاعرها , كانت تمثل دائماً السعادة حتى لا تشعر بخطئها , كانت تقاوم , وتقاوم ذلك الشعور حتى جاءهم أبن عمها النقيب "أحمد حسني" وجدت بعينيه حب قديم , شعرت بأن هذا الشاب هو صاحب الحق بقلبها , شعرت بأن شيئاً خطأ يحدث لها , كيف لها أن تحب الآن من رفضته , كيف لقلبها أن يخون , أوقفت نظراتها على الفور , ولم تستجيب لنظراته , لم يفهم "حميدة" ما تمر به زوجته ولم يحتويها , حتى انتهاء موعد أجازته وجاء وقت العمل , علم بنقله إلى القاهرة , غضب كثيراً لنقله بعد كل هذا التكريم , وفرحت هي , ودعته ورسمت على وجهها علامات الحزن , كانت سعادتها ليس في فراقه ولكن سعادتها الحقيقة هي لترتيب أوضاع حياتها من جديد , وصل حميدة إلى مكان عمله الذي فوجئ بأنه في مكان بمدينة نصر , علم بعد ذلك بأن ذلك هو مبنى من مباني "أمن الدولة" , شعر بشعور غامض ومخيف وزاد هذا الشعور عندما وجد "أحمد حسني" رئيساً له .
لم ينتظر "عبد الله رحيم" دوره في العمل بعد أن أنجز في تعليمه إلى الإعدادية التي أخذها وترك بعدها الصعيد ليسكن عند خاله المدير لمدرسة الصالحية الثانوية للبنين , جاء "عبد الله" طفلاً , حاول الطفل أن ينزل للعمل , حاول أن يبدأ في العمل في سنه هذه , ولكن الخال لم يوافق وأصر على أن يتم الطفل تعليمه , ومرت سنين مات الخال , وصار الطفل شاب , أتم تعليمه الجامعي وتم تعينه معيداً بكلية الحقوق جامعة القاهرة , ليتزوج بعدها من ابنة خاله , شعر "عبد الله رحيم" أن تلك الزيجة كانت وش السعادة عليه , فقد أتم دراسته وحصل على شهادة الدكتوراه في "القانون الجنائي" ليتم بعد ذلك مكتبه الكبير في وسط القاهرة الذي أصبح فيما بعد من أشهر مكاتب المحامين بالقاهرة , أنجب الأستاذ "عبد الله" اثنان من الذكور , تعلم الاثنان كان كآبائهم حفزهم الوالد على حب العلم المصحوب بالتدين الشديد , عشق "محمد" الابن الأصغر السياسة , وتعمق فيها , كره عبد الناصر لبعده عن الدين ومحاربته "للإخوان المسلمين" واعتبره من الفاسدين , ولم يحب السادات بعد معاهدة "كامب ديفيد" أكمل "محمد عبد الله" تعليمه في كلية "الاقتصاد والعلوم السياسية" حتى وصل إلى أن أصبح معيداً بها ليكمل بعدها تعليمه العالي حتى وصل لأن يكون وفي سن 30 عام إلى دكتور "علوم سياسية" , ظل الدكتور "محمد عبد الله" في كليته حتى فوجئ بنقله من جامعة القاهرة إلى كلية الحقوق بجامعة أسيوط , لم يحزن , واعتبر هذا ضريبة التزامه الديني , نزل إلى أسيوط , شعر بالألفة بينه وبين أهله الذين التفوا حوله وحولوه إلى كبيرهم , جاءت الدراسة وبدأت الطالبات والطلاب في الحضور , وسامته وتأخره في الزواج , جعلت حرباً من الطالبات للوصول إليه , فكانت محاضرته تملئ بالطالبات اللاتي يلبسن أجمل ما لديهن , وجدها من بينهن , ملابسها فضفاضة , شعر بأن عينيه لا ترى سواها , كان يستوقفها كثيراً بالأسئلة , كانت تجيبه بشجاعة وذكاء , شعر بأن تلك الفتاة هي زوجة المستقبل , سأل عنها وعرف كل شيء عنها , بعدها استأذن والداه وشقيقه في الحضور , وتم خطبته على الآنسة "زينب" ابنة الحج "منصور" وشقيقة "حميدة" كانت "زينب" نعم الزوجة الصالحة , جاء الإرهاب وتعاطف الدكتور الشاب مع الشرطة في حربها تلك , لم يقنعه هؤلاء الآخذين من الإسلام شعاراً لهم , حاربهم بكل قوته , كان يحاربهم ويحارب أفكارهم في الجامعة , وفي التلفزيون الذي كان يتهافت عليه في ذلك الوقت , تعرض للاغتيال مرة , كان يعتبر كل هؤلاء مندسين على الدين , ظل على محاربته حتى استطاعت الشرطة أن تتخلص منهم , وانتصرت في حربها عليهم , شلال من الذكريات عصف برأس الدكتور "محمد عبد الله" لم يفيق إلا على صوت زوجته التي قالت :
"أنا جهزت ياللا جهز نفسك أخويا ومراته جايين عندنا النهاردة" أطاعها صامتاً وانتظرا قدوم الضيوف .
في ظل كل هذه الأحداث أصبح حميدة هو حديث وسائل الإعلام التي تحدثت عن شجاعته وبطولاته الكثيرة , وتم تكريم والديه , وفي ليلة وصفها أهل القرية ب"ألف ليلة وليلة" تم زفاف "حميدة" على بنت عمدة القرية الآنسة "عبير محمد طه" في حفل كبير حضره محافظ أسيوط , ومدير مدرية أمن أسيوط نائباً عن السيد الرئيس , شعر الحج "محمد" والد حميدة بالفخر الشديد , ووقف يستقبل المعازيم الذين وفدوا من كل مكان لحضور هذا العرس , نسي الرجل عذابه بالسجن على شيء لم يفعله , نسي الرجل شعوره بالظلم , نسي الرجل كل شيء ولم يتذكر إلا التكريم المتواصل من كل أنظمة الدولة , الدموع ملئت عيناه وتناثرت على خده , لاحظه "حميدة" بكاء والده , استأذن عروسه وذهب لوالده يملؤه القلق والخوف , سأله بصوتٍ حنون :
"ليه بتبكي يا بوي؟"
نظر إليه والده نظر حنونة , وأخذه في حضنه , وقال له :
"يا ولدي ببكي من فرحتي بك , أنت بطل زي أخواتك , أنا فرحان قوي يا ولدي الليلة"
انتهت الليلة بكل ما فيها من صخب , ونفاق , وحب , طلعا حميدة وزوجته إلى غرفتهما تصطحبهما دعوات العائلتين , وبعض أحقاد الحاقدين من زواج بنت عمدة البلد الحاصلة على درجة البكالوريوس في العلوم من حميدة الغير متعلم , كان من بين هؤلاء النقيب "احمد حسني" الشاب الذي كان متحمساً جداً في ليلة زفاف ابنة عمه , التي أحبها بشدة وأخلص في حبه ولكنها في النهاية اختارت حميدة , شعر بالغضب الشديد كلما تذكر أن حبيبته قد اختارت إنسان جاهل , أخرج كل أحقاده في نشاطه الزائد في ذلك اليوم , أوصلها إلى البيت , ومن باب المجاملة أوصى "حميدة" عليها , وتركهم ورحل تملؤه نار الحقد والكره ل"حميدة" الذي كان في تلك اللحظات يعيش أجمل لحظات حياته على الإطلاق .
استيقظت "عبير" من نومها فوجدت حميدة نائماً , قبلته , وتذكرت أول لياليهم وكيف كان "حميدة" حاداً , غليظاً , في معاملته الجنسية معها , تذكرت أحلامها في فارس أحلامها , نظرت إليه وتحيرت , "لما تزوجته؟" هكذا سألت نفسها , لم تجد إجابة , طوال حياتها تهوى الشهرة , تقدم لها الكثير , ولكنها رفضتهم جميعاً , كانت تبحث عن فارسها , حبها للظهور جعلها ترفض أبن عمها الضابط , الشاب , الوسيم , واختارت "حميدة" الذي كانت صوره وأخباره تلف مصر كلها , اختارته هو رغم فقره , وجهله , وجدت نفسها تطارده , اختلقت الحجج حتى تذهب لبيتهم , صادقت شقيقته زوجة الدكتور , وعرفت عن أخاها كل شيء حتى تحقق لها ما تمنت وجاء "حميدة" يطلب يدها , رفض والدها , ورفضت عائلتها , ولكنها وافقت , وأصرت , وفي النهاية وجدت نفسها بين زوجته وتحقق لها ما أرادت , تذكرت كل هذا وهي ناظرة إليه , فتحت جرائد اليوم , نظرت إلى صورتها معه , فرحت كثيراً ولكنها صدمت من معاملته معها في ليلتهما الأولى , صدمتها غطت على سعادتها برؤية نفسها في أكثر من جريدة , حاولت أن تنسى كل ذلك , وأيقظت "حميدة" الذي استقبلها بقبلة طويلة لم تحبها كثيراً , جهزت طعام الإفطار , فطروا وبدءوا في استقبال الضيوف الذين توافدوا منذ ساعات الصباح إلى نسمات الليل , ظل توافد الضيوف لأسابيع , الملل تملك من "عبير" وأصبحت غير قادرة على مصارحة زوجها بمشاعرها , كانت تمثل دائماً السعادة حتى لا تشعر بخطئها , كانت تقاوم , وتقاوم ذلك الشعور حتى جاءهم أبن عمها النقيب "أحمد حسني" وجدت بعينيه حب قديم , شعرت بأن هذا الشاب هو صاحب الحق بقلبها , شعرت بأن شيئاً خطأ يحدث لها , كيف لها أن تحب الآن من رفضته , كيف لقلبها أن يخون , أوقفت نظراتها على الفور , ولم تستجيب لنظراته , لم يفهم "حميدة" ما تمر به زوجته ولم يحتويها , حتى انتهاء موعد أجازته وجاء وقت العمل , علم بنقله إلى القاهرة , غضب كثيراً لنقله بعد كل هذا التكريم , وفرحت هي , ودعته ورسمت على وجهها علامات الحزن , كانت سعادتها ليس في فراقه ولكن سعادتها الحقيقة هي لترتيب أوضاع حياتها من جديد , وصل حميدة إلى مكان عمله الذي فوجئ بأنه في مكان بمدينة نصر , علم بعد ذلك بأن ذلك هو مبنى من مباني "أمن الدولة" , شعر بشعور غامض ومخيف وزاد هذا الشعور عندما وجد "أحمد حسني" رئيساً له .
لم ينتظر "عبد الله رحيم" دوره في العمل بعد أن أنجز في تعليمه إلى الإعدادية التي أخذها وترك بعدها الصعيد ليسكن عند خاله المدير لمدرسة الصالحية الثانوية للبنين , جاء "عبد الله" طفلاً , حاول الطفل أن ينزل للعمل , حاول أن يبدأ في العمل في سنه هذه , ولكن الخال لم يوافق وأصر على أن يتم الطفل تعليمه , ومرت سنين مات الخال , وصار الطفل شاب , أتم تعليمه الجامعي وتم تعينه معيداً بكلية الحقوق جامعة القاهرة , ليتزوج بعدها من ابنة خاله , شعر "عبد الله رحيم" أن تلك الزيجة كانت وش السعادة عليه , فقد أتم دراسته وحصل على شهادة الدكتوراه في "القانون الجنائي" ليتم بعد ذلك مكتبه الكبير في وسط القاهرة الذي أصبح فيما بعد من أشهر مكاتب المحامين بالقاهرة , أنجب الأستاذ "عبد الله" اثنان من الذكور , تعلم الاثنان كان كآبائهم حفزهم الوالد على حب العلم المصحوب بالتدين الشديد , عشق "محمد" الابن الأصغر السياسة , وتعمق فيها , كره عبد الناصر لبعده عن الدين ومحاربته "للإخوان المسلمين" واعتبره من الفاسدين , ولم يحب السادات بعد معاهدة "كامب ديفيد" أكمل "محمد عبد الله" تعليمه في كلية "الاقتصاد والعلوم السياسية" حتى وصل إلى أن أصبح معيداً بها ليكمل بعدها تعليمه العالي حتى وصل لأن يكون وفي سن 30 عام إلى دكتور "علوم سياسية" , ظل الدكتور "محمد عبد الله" في كليته حتى فوجئ بنقله من جامعة القاهرة إلى كلية الحقوق بجامعة أسيوط , لم يحزن , واعتبر هذا ضريبة التزامه الديني , نزل إلى أسيوط , شعر بالألفة بينه وبين أهله الذين التفوا حوله وحولوه إلى كبيرهم , جاءت الدراسة وبدأت الطالبات والطلاب في الحضور , وسامته وتأخره في الزواج , جعلت حرباً من الطالبات للوصول إليه , فكانت محاضرته تملئ بالطالبات اللاتي يلبسن أجمل ما لديهن , وجدها من بينهن , ملابسها فضفاضة , شعر بأن عينيه لا ترى سواها , كان يستوقفها كثيراً بالأسئلة , كانت تجيبه بشجاعة وذكاء , شعر بأن تلك الفتاة هي زوجة المستقبل , سأل عنها وعرف كل شيء عنها , بعدها استأذن والداه وشقيقه في الحضور , وتم خطبته على الآنسة "زينب" ابنة الحج "منصور" وشقيقة "حميدة" كانت "زينب" نعم الزوجة الصالحة , جاء الإرهاب وتعاطف الدكتور الشاب مع الشرطة في حربها تلك , لم يقنعه هؤلاء الآخذين من الإسلام شعاراً لهم , حاربهم بكل قوته , كان يحاربهم ويحارب أفكارهم في الجامعة , وفي التلفزيون الذي كان يتهافت عليه في ذلك الوقت , تعرض للاغتيال مرة , كان يعتبر كل هؤلاء مندسين على الدين , ظل على محاربته حتى استطاعت الشرطة أن تتخلص منهم , وانتصرت في حربها عليهم , شلال من الذكريات عصف برأس الدكتور "محمد عبد الله" لم يفيق إلا على صوت زوجته التي قالت :
"أنا جهزت ياللا جهز نفسك أخويا ومراته جايين عندنا النهاردة" أطاعها صامتاً وانتظرا قدوم الضيوف .
.....................................................
سنين مرت , تغير فيها حميدة كثيراً , وتغيرت الحياة في مصر أكثر , زادت قوة المعارضة , وانتشرت الحركات المضادة للنظام , وانتشر أمامها توحش الأمن , وزادت الصحف المستقلة المعارضة , وتحول رؤساء تحرريها إلى أبطال شعبيين يحتفي بهم الشعب ويحترمهم , وتغيرت طبائع الناس في الشارع المصري , وأصبح عدوهم الأكبر هو الشرطة ورجالها بعد زيادة حالات الانتهاك داخل أقسام الشرطة , في وسط كل هذه التغيرات , تحول حميدة من مجرد عسكري شرطة ينفذ الأوامر , إلى وحش يدمر ما يؤمر به , لا يعبأ بإنسانية أحد , يغتصب تلك , ويعتدي على هذا , كان يفعل ذلك بنفسٍ رضيه لا تعبأ لشيء , أصبح "حميدة" بعبع الداخلية وكرباجها الذي لا يفرق في لسعته بين طيب وشرير , بين مذنب وبرئ , أو حتى بين رجل وامرأة , توفي والده , لم يتأثر ولم ينزل إلا وقت الجنازة , شيع والده إلى مثواه الأخير , لم يلتقي بأمه أو بشقيقته , كان كمن يؤدي واجب يتأذي منه , انتهى من مراسم الدفن والجنازة , وبعدها بساعة ركب القطار , تذكر والده , ولام نفسه كثيراً "لماذا لم أبكي؟" هكذا قال لنفسه , تساقطت دموع عيناه , تذكر زواجه وكيف وجد عروسه فاتنة الفاتنات , لم يسأل نفسه يوماً , لما أحبته رغم فقره وجهله , تذكر سخريتها منه دائماً ومعايرتها له , تذكرهما في أحضان بعض , شعر بأن دمائه تغلي ناراً , يتذكر المشهد كما لو كان يراه الآن , "حميدة لازم تريح نفسك , أنت في أجازة , ياللا انزل بلدكم وانبسط "
فرح بشدة , لم يتصل بزوجته لتكون مفاجأة , وصل إلى البلد , ضربات قلبه كانت تخفق بشدة , قبل أن ينطلق لزوجته , وصل لبيت والده الذي تركه بعد أن أمرته زوجته , قبل أيدي والداه , وتركهم مسرعاً , كان متشوق لها , فتح باب المنزل بهدوء , خلع حذائه , ودخل متسحباً , صوت زوجته يسمعه جيداً , كانت تتنهد بقوة , تسحب لغرفتها , فتحها , وجدهما سوياً كانت زوجته في أحضان ابن عمها ورئيسه في العمل النقيب "أحمد حسني" الذي ما إن رآه حتى أمسك بسلاحه , هدده بإطلاق الرصاص عليه إذا لم يهدأ , شعر بالخوف من الفضيحة , لم يستطيع أن يصرخ , لم يستطيع أن يقتلهما , أمتلك غضبه , وخرج من الغرفة فلحقته زوجته , نظرت إليه نظرة يملؤها الحقد والغضب وقالت:
"حميدة ... أنت غلطت حياتي ولازم تتصلح حالاً ... طلقني يا حميدة ... علشان أقدر أصلح حياتي من بعدك"
طلقها حميدة , وترك لهما المنزل , ليعود لوالديه , لم يستطيع أن يخبرهما بما حدث , كل ما استطاع لسانه أن ينطقه :
"أنا طلقت زينب يا بوي"
الصدمة جعلت المرأة العجوز تلطم خديها , أما عن زوجها فقد أحمر وجهه العجوز , وصفع حميدة على وجهه , أنفجر عندها حميدة غضباً , وظل يصرخ في والديه , ليترك بعدها البيت , خرج حميدة من ذكرياته المتلاحقة عندما لمح أحدهم يمد يده في حقيبة امرأة , قام كالثور , وأطاح بالرجل وظل يضرب الرجل حتى كاد أن يموت , أزاحوه الناس عنه , وعاد إلى مقعده تحمله الذكريات ورائحة الهواء المنعش القادم من فتحات بعض الشبابيك والأبواب المفتوحة , ظل القطار يمشي في طريقه , حتى وصل إلى القاهرة , ومنها عاد مرة أخرى إلى وحدته , كان يعلم أن هناك شيئاً ما سيحدث , وجد الاستغراب في وجه الجميع , جميعهم يتساءلون "ماذا حدث" كان لا يجيب أحد , وصل إلى رئيسه وسلم نفسه إليه , سأله متعجباً :
"إيه يا عسكري اللي رجعك ؟... محمد بيه اتصل وبيقول أني أتوصى بيك لغاية ما يرجع ... وأنا هتوصى بميتين أهلك كويس ... ياللا يا ياد روح أمسح البلاط اللي برا كله يا روح أمك"
شعر في تلك اللحظات بأن هذه مجرد بداية لما سيحدث مقدماً , شعر وقتها بالضعف , تملكه ذلك الشعور , كان يفعل ما يؤمرونه به دون أي مشاعر , نسي الكره , ونسي الحب , حتى الانتقام من زوجته تناساه ولم يعد يفكر فيه , لم يهتم كثيراً عندما علم بزواج طليقته من ذلك الضابط , شعر بأنهما خائنين ويستحقا بعضهم البعض , أيام مرت زادت فيها أحواله سوءاً بعد سوء , وكلما زاد غريمه تقدماً في منصبه كلما زاد اضطهاده له , حتى أصبح "حميدة" على يد هذا الضابط إلى "مرمتون" لكل من في وحدته , عاش بعدها أياماً قتلت فيه كل شيء , أصبح الحب من وجهة نظره "شيء خرافي" وتبدّلت مشاعره ناحية والديه وشقيقته من الحب إلى لا شيء , أصبحوا لا يمثلوا لديه أي شيء , لم يتأثر كثيراً بخطابات أمه المتتالية التي كانت تشرح فيها حالة والده , لم يتأثر بخطابات شقيقته الكثيرة والتي تطالبه فيها بمساعدتها , ظل حميدة يتنازل ويتنازل إلى أن تم نقل غريمه "أحمد حسني" لتتحول بعدها المعاملة داخل الوحدة ويصبح "حميدة" من أهم أفراد تلك الوحدة بعد أن تفوق على الجميع في ابتكار وسائل جديدة للتعذيب , فكان أول من اعتدى جنسياً على المقبوض عليهم , وكان أول من استخدم الفئران في تعذيب المعتقلين , نسي عاداته , ونسي أخلاقه , ونسي دينه , أصبح مجرد من الشعور , أصبحت أقسى أمانيه أن يرى دموع الذل في عيون من يعذبه , أن يرى الانكسار فيهما , وزاد من توحشه توحش الأمن الذي تحول من دوره الطبيعي في حماية الناس إلى دوراً أكثر شراسة وتوحش.
فرح بشدة , لم يتصل بزوجته لتكون مفاجأة , وصل إلى البلد , ضربات قلبه كانت تخفق بشدة , قبل أن ينطلق لزوجته , وصل لبيت والده الذي تركه بعد أن أمرته زوجته , قبل أيدي والداه , وتركهم مسرعاً , كان متشوق لها , فتح باب المنزل بهدوء , خلع حذائه , ودخل متسحباً , صوت زوجته يسمعه جيداً , كانت تتنهد بقوة , تسحب لغرفتها , فتحها , وجدهما سوياً كانت زوجته في أحضان ابن عمها ورئيسه في العمل النقيب "أحمد حسني" الذي ما إن رآه حتى أمسك بسلاحه , هدده بإطلاق الرصاص عليه إذا لم يهدأ , شعر بالخوف من الفضيحة , لم يستطيع أن يصرخ , لم يستطيع أن يقتلهما , أمتلك غضبه , وخرج من الغرفة فلحقته زوجته , نظرت إليه نظرة يملؤها الحقد والغضب وقالت:
"حميدة ... أنت غلطت حياتي ولازم تتصلح حالاً ... طلقني يا حميدة ... علشان أقدر أصلح حياتي من بعدك"
طلقها حميدة , وترك لهما المنزل , ليعود لوالديه , لم يستطيع أن يخبرهما بما حدث , كل ما استطاع لسانه أن ينطقه :
"أنا طلقت زينب يا بوي"
الصدمة جعلت المرأة العجوز تلطم خديها , أما عن زوجها فقد أحمر وجهه العجوز , وصفع حميدة على وجهه , أنفجر عندها حميدة غضباً , وظل يصرخ في والديه , ليترك بعدها البيت , خرج حميدة من ذكرياته المتلاحقة عندما لمح أحدهم يمد يده في حقيبة امرأة , قام كالثور , وأطاح بالرجل وظل يضرب الرجل حتى كاد أن يموت , أزاحوه الناس عنه , وعاد إلى مقعده تحمله الذكريات ورائحة الهواء المنعش القادم من فتحات بعض الشبابيك والأبواب المفتوحة , ظل القطار يمشي في طريقه , حتى وصل إلى القاهرة , ومنها عاد مرة أخرى إلى وحدته , كان يعلم أن هناك شيئاً ما سيحدث , وجد الاستغراب في وجه الجميع , جميعهم يتساءلون "ماذا حدث" كان لا يجيب أحد , وصل إلى رئيسه وسلم نفسه إليه , سأله متعجباً :
"إيه يا عسكري اللي رجعك ؟... محمد بيه اتصل وبيقول أني أتوصى بيك لغاية ما يرجع ... وأنا هتوصى بميتين أهلك كويس ... ياللا يا ياد روح أمسح البلاط اللي برا كله يا روح أمك"
شعر في تلك اللحظات بأن هذه مجرد بداية لما سيحدث مقدماً , شعر وقتها بالضعف , تملكه ذلك الشعور , كان يفعل ما يؤمرونه به دون أي مشاعر , نسي الكره , ونسي الحب , حتى الانتقام من زوجته تناساه ولم يعد يفكر فيه , لم يهتم كثيراً عندما علم بزواج طليقته من ذلك الضابط , شعر بأنهما خائنين ويستحقا بعضهم البعض , أيام مرت زادت فيها أحواله سوءاً بعد سوء , وكلما زاد غريمه تقدماً في منصبه كلما زاد اضطهاده له , حتى أصبح "حميدة" على يد هذا الضابط إلى "مرمتون" لكل من في وحدته , عاش بعدها أياماً قتلت فيه كل شيء , أصبح الحب من وجهة نظره "شيء خرافي" وتبدّلت مشاعره ناحية والديه وشقيقته من الحب إلى لا شيء , أصبحوا لا يمثلوا لديه أي شيء , لم يتأثر كثيراً بخطابات أمه المتتالية التي كانت تشرح فيها حالة والده , لم يتأثر بخطابات شقيقته الكثيرة والتي تطالبه فيها بمساعدتها , ظل حميدة يتنازل ويتنازل إلى أن تم نقل غريمه "أحمد حسني" لتتحول بعدها المعاملة داخل الوحدة ويصبح "حميدة" من أهم أفراد تلك الوحدة بعد أن تفوق على الجميع في ابتكار وسائل جديدة للتعذيب , فكان أول من اعتدى جنسياً على المقبوض عليهم , وكان أول من استخدم الفئران في تعذيب المعتقلين , نسي عاداته , ونسي أخلاقه , ونسي دينه , أصبح مجرد من الشعور , أصبحت أقسى أمانيه أن يرى دموع الذل في عيون من يعذبه , أن يرى الانكسار فيهما , وزاد من توحشه توحش الأمن الذي تحول من دوره الطبيعي في حماية الناس إلى دوراً أكثر شراسة وتوحش.
،،،،،
يتبع
حمادة زيدان