Thursday, February 19, 2009

فتاة من ذهب .... قصة قصيرة

أعود من جديد ... ولكن هذه العودة قديمة بعض الشيء ... قصة نشرتها منذ فترة كبيرة على مدّونتي المكتوبية القدية , والآن لأنني في حالة عطب فني والكتابة تبعد عني لسبب لا أعلمه ... فقررت أن أقوم بنشرها مرة أخرى لأن الكثيرين لا يعلمون مدونتي القديمة ... أتمنى للجميع قراءة جميلة "القصة مستوحاه من قصة واقعية" شكراً للجميع
فتاة من ذهب
قصة قصيرة

لم يكن مجرد شاب تقدم لخِطبة فتاة ثم تركها لسبب أو لآخر ولكنه كان "القشة التي قصمت ظهر البعير" كما يقولون – عائلة كبيرة تتكون من ثمانية أفراد خمسة من البنات وثلاثة ذكور تركتهم الأم وهم صغار السن جميعاً فكان أكبرهم مازال في التجنيد تركتهم الأم وهم لم يشبعوا من حنانها تركتهم الأم لأب مستهتر لا يعلم عن احتياجات ثمانية من الشباب والأطفال شيئاً , لا يعلم كيف يهدهد هذه إذا تذكرت والدتها , لا يعلم عن شيئاً عن سهر الليالي إذا مرضت أحدى الفتيات , لا يعلم شيئاً عن دراستهم أو طعامهم أو حياتهم , الخلاصة كان مجرد مصدر رزق للأسرة وكادت الأسرة أن تتفكك لولا أن ظهرت تلك الفتاة لم تكن كبرى البنات ولا حتى كبرى الشباب ولكن شخصيتها نضجت بسرعة فها هي تجلس مع والدها وتطلب منه أن تترك المدرسة لكي تربي أشقائها الذين بينهم من هم أكبر منها فظلت تخدم تلك الأسرة الكبيرة لتأخذ وهى مازالت صغيرة في جسدها الهش وفي عمرها الذي لم يتجاوز العشرون , ظلت هكذا وظلت شخصيتها تنضج حتى أصبحت بديلاً لوالدتهم , أصبحت على الرغم من ضعفها وهزلها هي الأقوى , هي الأكثر حناناً , هي الأكثر عقلانية , هي المحركة لتلك الأسرة الكبيرة , ظلت الأسرة هكذا وتزوجت الابنة الكبرى وبدأت تلك الأسرة الكبيرة تعود إليها بعض السعادة المفقودة منذ وفاة الأم وبدأت الطبول تدق مرة أخرى وبدأت الزغاريد المكتومة من الحزن تجلجل في منزل الأسرة المتواضع , وبدأت الحياة تبتسم لتلك الأسرة من جديد حتى حدث ما لم تتوقعه تلك الأسرة بكل من فيها.
الساعة الثانية عشر مساء السكون يملئ المكان ولا تسمع في منزل تلك الأسرة سوى قطرات المياه التي تتساقط من صنبور الحمام , الجميع نائمون السعادة تملئهم لزواج شقيقتهم الكبرى , الآلام بدأت تقتحم جسدها النحيل تدريجياً ظلت تتحامل على أعصابها والألم يزداد , حاولت ألا توقظهم , حاولت ألا تفزعهم , حاولت أن لا تكسر فرحتهم , ولكن الألم طبق على جسدها الضعيف كما لو كان وحشاً جائع وجد فريسة سهلة ليأكلها , حاولت أن تنتصر ولكنها هُزمت وكانت هزيمتها موعداً لهزيمة الأسرة بأكملها أستيقظ أشقائها ووالدها على صرخات أبنتهم الغالية , الفزع شمل الأسرة بأكملها , العيون التي امتلأت منذ لحظات بدموع الفرح ها هي الآن تتحول إلي دموع حزن على شقيقتهم التي صدمهم ما تعانيه حتى حملها شقيقها وذهب بها إلي المستشفي التي نصحوهم فيها بالتحرك إلي طبيب مختص بالأورام لأن الأعراض تشابهت مع هذا المرض – الصدمة , الخوف , القلق , تلك هي الانفعالات التي مرت بشقيقها الأكبر ووالدها اللذان كانا أول من علما بذلك حاولا أن يتماسكا حاولا أن يتعلما من قوتها ولكنهم هزموا وخرجوا والدموع تملئ عيونهم وعندما سألتهم هي عما تعانيه لم يستطيعا أن يجيبوها ولكن دموعهم تساقطت أكثر وأكثر حتى أجابها شقيقها بأنها يجب أن تذهب لطبيب مختص بالأورام لأن حالتها تستدعي ذلك , لم تنهار أو تبكي ولكنها كانت قوية كما هي , متماسكة كما هي , بهدوء مسحت من على وجهها الجميل دموعها وأخبرت والدها وشقيقها بأن لا يخبرون باقي أشقائهم وأن يصبح الأمر سراً على ثلاثتهم حتى يتأكدوا من الطبيب المعالج بأمر المرض , أخذت المسكن وعادت إلي المنزل وقد عادت إليها ابتسامتها التي أعادت الروح لتلك الأسرة – سألها أشقائها عن أحوالها فأجابت بأنها في أفضل حال كانت تقولها وقلبها وعقلها يفكرون في مستقبل أسرتها وكيف بوالدها أن يتحمل مصاريف مرضها التي غالباً ما تكون مرتفعة جداً وكيف لأشقائها أن يتحملوا تلك الحياة بدونها فهي أصبحت لهم الأم بعد وفاتها فهل سيتحملون فراقها هي الأخرى , ظلت الأفكار تواردها حتى انفجرت عينيها بالدموع ولكنها حاولت أن تتماسك وتنتظر ما يخبئه لها القدر من أهوال أو أفراح وتمنت أن تكون الأخيرة وذهبت في نوم عميق.
الصباح بدأ بزقزقة العصافير التي تنقر فوق شبابيك غرفتها , كانت تعلم بميعاد حضورهم فكانت تحمل لهم كسرات الخبز التي كانت تجمعها لهم وتقطعها قطعاً صغيرة لتكون سهله على منقارهم الصغير ولكنها اليوم تعبانه وهم جائعون فظلوا يدقون بمناقيرهم الصغيرة وتذكرتهم وتذكرت شقيقتها الصغرى وحاولت أن تقف على قدمها ولكنها شعرت بالإرهاق فجلست على سريرها ونادت على أحد أشقائها لأيقاظ أختها للمدرسة لتفاجئ بأن المنزل كله متيقظ ودخلوا عليها في غرفتها حاولت أن تداري بيديها الدموع التي تساقطت من عينيها ولكنها لم تستطع فتجمعوا حولها ليمسحوا عنها دموعها التي طالما دائماً مسحتها لهم – لبست ملابسها بمساعدة شقيقاتها والتفوا جميعاً حولها ذكوراً وإناث حتى أنها شعرت بأن كل ألامها قد زالت في تلك اللحظة – تحركت الأسرة كلها إلي عيادة الطبيب وكلما اقتربت العيادة زاد الخوف في قلوبهم جمعياً – وصلت الأسرة إلي العيادة يحملهم الألم والخوف والأمل في وقت واحد وأصبحت قلوب تلك الأسرة جميعها قلباً واحد وأصبح دعائهم دعاء واحد – دخلت الفتاة إلي الطبيب ودخل معها والدها وشقيقتها الكبرى التي جاءت هي وزوجها للاطمئنان عليها , استقبلهم الطبيب بابتسامة صافية أراحت قلب الفتاة , أمرها بعمل التحاليل اللازمة حتى يتأكد ويطمأن قلبه , قامت الفتاة بكل صبر وقوة كل ما أمرت به وفي نهاية الأمر تحولت ضحكات الطبيب إلي حزن حقيقي لم يشعر به من قبل مع أحد من المرضى فصارح الوالد بكل ما لديه مما جعل الأب ينهار مما سمع مما جعل الأسرة تنهار بدورها بكى الجميع بما فيهم مرضى تلك العيادة حتى أن هناك من فقد الوعي من كثرة الحزن ليفيقوا جميعاً على صوتها الضعيف وهي تتحدى المرض وتقول بأن الله إذا لم يريد لها الموت فلن تموت وأن مرضها هذا مجرد سبب للموت , أفاقتهم ما قالته والتفوا حولها مرة أخرى وذهبوا جميعاً إلي المنزل الذي تحول بين يوماً وليلة إلي الحزن الذي التف حول المنزل وكاد أن يخنقهم لولها فقد خرجت عليهم وأكدت التحدي وقامت للصلاة لتبدأ بعدها خطواتها نحو تحدى المرض وتحدى عذابات المرض التي جعلت شعرها يتساقط وجسدها النحيل قطعته مشارط الأطباء ولكنها لم تتوقف عن تحديها للمرض حتى أنها أصبحت مثال يحتذي به الأطباء في مقاومة الآلام ومع مرور الوقت شفيت الفتاة وكان أخر ما سمعته في المعهد
- مبروك لقد أتم الله شفائك .
عادت الفتاة إلي منزلها محملة بالهدايا التي أخذتها من ألأطباء والممرضات بالمعهد وبدأت في رسم مسار حياتها وبحثت عن عمل ووجدته واستمرت في رسم تلك الحياة وبنفس الشخصية حتى زوجت أختان من أخواتها وتزوج شقيقها وبدأت تشعر بالوحدة شقيقاتها يتزوجن الواحدة تلو الأخرى وهى إلي الآن لم تجد من يقبلها بمرضها هذا , كم تمنت في تلك اللحظات أن تكون بجوارها والدتها , كم تمنت أن ترتمي بحضنها وتبكي بشدة , كم تمنت أن يكون لها أطفال يملئون عليها حياتها التي عاشت فيها وحيدة , كم تمنت وكم تمنت ولكنها في النهاية تعود وتقول
- أحمد الله على الشفاء .
استيقظت الفتاة يوماً على أصوات شقيقتها الذين ظللن يزغردن جميعهن فأفاقت وسألتهم عما يدور فعلمت أن هناك عريس يود أن يتزوجها لم تصدق ما قالوه ولم تشعر بأن ما يحدث واقعي حتى جاء والدها قال أن الشاب يريدها بعدما رآها في العمل وأنه قد بعث بوالدته لتطلب يدها , لم تفرح كثيراً ولكنها أخبرت والدها بأنه يجب أن يعلم عريسها بكل ما مر بها وأن يعلم كل شيء عن مرضها أجابها والدها بالإيجاب ولم تسكت لذلك بل قالت لكل أشقائها بأن من تقدم لخطبتها لابد أن يعلم كل شيء عنها أجابها جميعهم بالإيجاب وتمت الخطِبة التي جلست فيها الفتاة كالملاك وجلس بجوارها عريسها الذي فاق وزنه أضعاف وزنها وأصبحت بجواره كما لو كانت حمامة صغيرة تجلس بجوار ثور , انتهت الخطبة وانتهى معها اليوم الذي كان لها كما لو كان حلماً تمنت أن يستمر .
كانت الأيام التي لحقت بالخطوبة جميلة حقاً ... وكان الفتى رقيق لأبعد الحدود ... وكادت الحياة أن تبتسم لها ... ولكنها الحياة لا تعطي من يحتاج السعادة سوى لحظات لتنقلب بعدها إلي أسوأ ما يكون وهذا ما حدث مع تلك الفتاة , لقد تحولت حياتها بمساعدة أشقائها وأقربائها الذين بدءوا في نهش كرامتها وحدث ما لم تتوقعه فتاتنا ولم تتخيله أبداً , لم يرحموا جسدها الضعيف عندما ذكّرت إحداهن خطيبها بأن جسدها الصغير يحمل بين طياته الكثير من الأمراض وبأنها يوماً ما ستنتهي وستمرض وتموت , لم تعلم هي أن زوج المستقبل لا يعلم بمرضها ولم تعلم أن والدها وأشقائها لم يخبروه بمرضها الذي شفيت منه ... لم تعلم بأن والدها وأشقائها بدلاً من يسعدوها قد قتلوها ... لم يعلموا هم أن عدم أخبارهم بمرضها لزوج المستقبل قد ذبحها ... يومها جلس خطيبها وجلست والدته ... كان الغضب واضح على وجهما ... تحدثت الأم وتحدث الابن ... صمتت الفتاة وجلست تبكي , حاولت أن توضح لخطيبها الذي تمنته من الدنيا ولكنها لم تجد ما تقوله , صمتت وكان صمتها أقرب إلي موتها , لقد كانت أقوى من ذلك ولكن ما للقوى اليوم من فائدة , شعرت بأن كرامتها قد ذبحت بسكين أقوى من أي سكين آخر ... شعرت بأن حياتها دُمرت في لحظات , كم تمنيت أن يكون لها بيتاً , كم تمنيت أن يكون لها أبناء , كم تمنيت أن يكون لها زوجاً , لم تجد غير دموعها بديلاً عن كلامها , تحدثت المرأة كثيراً عن ضمير تلك الأسرة التي كادت أن تزوجهم بنتاً مريضة , وتحدث الابن مصدقاً ما تقوله الأم , تحدث والد الفتاة وحاول أن يترجاهم كثيراً , أخيراً وقفت الفتاة وخلعت عن يديها شبكته ودبلته وتركتهم أمامهم لتغيب بعدها عن الدنيا.
تركت الأسرة جميعها دموعهم لتنساب على وجوههم ... اجتمعت النساء وهن يتوشحن بالسواد ... جلس الرجال يتقبلوا العزاء ... وقف الأشقاء محبطين الحزن يملأ أعينهم جميعاً ... انتهت مراسم الجنازة وخرج النعش الذي كان يزينه الخرز المذهب , وكان الغطاء الذي يغطي النعش تملؤه الورود بعدما أوصت الفتاة أن تغطى به بعدما تحول هذا المفرش من مفرش لسرير العرس إلي مفرش لتغطية نعشها الصغير مثلها.
تمت
حمادة زيدان

Monday, February 2, 2009

شكر وأهداء وتهنئة

وأخيراً رجعت ... الحمد لله عملت العملية والحمد لله بدأت أسترد عافيتي ... أنا أحب أقول لكل أصدقائي المدونين
شكراً
شكراً لكل من قام بالسؤال علي بالأتصال تليفونياً , أو حتى عن طريق صديق آخر
أحب طبعاً أشكرهم بالأسامي لأنهم فعلاً أكتر من أخواتي





















ســــــــــارة
تميم
والأخت الكريمة سلوى


وأخيراً جاء التهنئة والأهداء


التهنئة




لصديقي العزيز وأخي الغالي جداً والعزيز على قلبي احمد سعيد على أصدار مجموعته القصصية الأولى أشباح الحقيقة ... واحب أحكي شوية عن صديقي وحبيبي أحمد سعيد واللى أنا واثق من نجاحه لأن لديه الكثير والكثير ليقدمه في عالم الأدب ... بدأت معرفتي بأحمد قبل أن أعرف أي شيء عن التدوين كنت أنا بدأت أكتب قصص , وبدأت أبحث عن طريقة لعرضها فوجدت وقتها منتدى بعنوان بيت العرب وبدأت في نشر قصصي وكان أحمد مشرفاً على قسم القصص ... ووجدته متفهماً لكوني مازالت أحبو وبدأ في تشجيعي , وكان هو متفوقاً بدرجة كبيرة في الشعر النثري والقصة القصيرة ... أتذكر يوم أن ذهبنا للدكتور علاء الأسواني لنقد قصتينا ... ثورة الجنس ... وقصته الأكثر من رائعة أشباح الحقيقة ... أتذكر كلمات الدكتور علاء الأسواني : خيالك أحمد يا أحمد متوحش



أتمنى لصديقي الجميل التوفيق في كتابه ... وأقر وأعترف بأن أحمد بإذن الله سيكون علماً من أعلام الأدب في مصر والعالم العربي ... ليس هذا من وحي خيالي نتيجة لنجاح مدونته وقصصه في عالم المكتوب على مستوى الوطن العربي


مبروك أحمد ومبروك على الوطن العربي صدور مجموعتك القصصية الأولى






الأهداء
باقة ورد لكل رجال ونساء وشيوخ فخر العرب غزة ... لأنكم بالفعل رجال هذه الأمة