Monday, January 5, 2009

قتلتها .... قصة قصيرة

قتلتها
قصة قصيرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
رأيتها أمامي الدماء تملئ جسدها , والدموع تملئ عينها , كانت تنادي
الغوث , الغوث , الغوث
هرولت إليها وأنا لا أدري من تلك ولماذا تصرخ ولا تجد من يلبي ندائها , وصلت إليها وقد ملئني العرق والتعب وأصبحت أمامها كالورقة التي بلها المطر , سألتها
? لماذا تصرخين , وأين أبنائك , وأين ذهبوا الرجال وتركوكِ تصرخين وأنتِ مذبوحة هكذا
نظرة إلي بنظرة يملؤها العتب , قالت
- هل نسيت يا ولد , أنت أحدهم , هل نسيتني , أنظر لنفسك في مرآتك , هل لاحظت قرب الشبة بيننا , أنظر إلى لغتك , ألم تلاحظ أننا نتحدث نفس اللغة , بل تذكر دينك وديني , ألسنا يجمعنا نفس الدين , هيا أرجع يا فتى ولا تستمع إلى صرخاتي , ولا تسألني عما فعل بي هذا , أنت وأخوتك من فعلتم بي هذا , تفرقتم , وتنازعتم , ونسيتموني , هيا أذهب لبترولك , ولأموالك التي تخشى عليها من التعفن في قصورك الفاخرة .
استفزني ما قالت ووجدتني أصرخ فيها بغضب
- نعم أنا مثلك في الدين واللغة "ولكن أنا ضعيف" لا أمتلك بترولاً ولا قصوراً , أنا لم أختار تلك الفرقة التي تتحدثين عنها , هم من فرقونا لشيعة وسنة , هم من فرقونا لفرق تتنازع على كراسي السلطة , هم ذبحوك , أنا لم أشاركهم , أنا ضعيف يا سيدتي , لقد أنهكني الفقر والحكم الظالم , لقد أنهكني الضعف , أريحيني من صراخك فلم أفيدك في شيء .
وجدت نظرتها تغيرت , وبأعلى صوتها ظلت تصرخ
الغوث , الغوث , الغوث .
صوتها ثار جنوني , ماذا أفعل , وما بيدي أن أفعل , صوتها يزعجني كثيراً , يا ألهي صراخها لا يتوقف , أنا ضعيف , ضعيف , ضعيف , لم أجد أمامي إلا سيفاً قديماً كنت قدر ورثته عن جدي , وجدت نداء من داخلي يصرخ
أرحنا من صوتها , أرحنا من صوتها , أرحنا من صوتها .
الدم يكاد يغلي في عروقي , والسيف أمامي ملئه الصدئ وهي مازالت تصرخ , صراخها جن جنوني , أمسكت بالسيف , وهرولت خلفها , جسدها المنهك يذكرني بجسد أمي , صوتها المذبوح ذكرني بصراخ أمي , وجدتها أمامي كما لو كانت أمي , سألتها صارخاً
- ماذا تريدين مني يا امرأة ؟
ألتفتت إلي , وبغضب الدنيا وجدتها تصرخ غاضبة في وجهي
- أتركني لشأني يا فتى , هيا ابتعد عني , أنت ضعيف , ممزق , لا تعنيني في شيء , ولن يفيدني وجودك ,
هيا أغرب عن وجهي , أنا لا أطيق النظر إليك , ضعفك واستسلامك يقتلني , أغرب عن وجهي ولا تعود
كلماتها زادت غضبي , ووجدتني بكل غل الدنيا , أضرب سيفي على جسدها المعتل فمزقها تمزيقا , دمائها انفجرت على جسدي ووجهي , شعرت بأن حجمي يتقلص حتى أصبحت كالفأر الصغير , صرخت بأعلى صوتي
أنا من قتلت أمي .
قتلتها , ولكنها لم تتركني , صوتها أصبح أصوات , الجميع يصرخون
الغوث , الغوث , الغوث .
الأصوات تتعالى , والجميع يصرخون , وأنا وحيد , لم أجد ما أفعله سوى الصراخ والركض , ظللت أجري , والأصوات تتبعني حتى تعبت , ووجدتني أهزوا :
- أتركوني , أشعر بالضعف , أتركوني , لقد قتلتها ولم ينتهي ندائها بل زاد حتى أماتني , أتركوني , أنا
ضعيف , أتركوني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حالة من الضعف تتنتابني جعلتني أكتب تلك القصة التي أتمنى أن تحرك فينا أي شيء يحركنا نحو نحر تلك الأنظمة الفاسدة التي جعلت منّا مجموعة من العرائس الورق التي لا تقدر على فعل أي شيء
حمادة زيدان