Sunday, April 5, 2009

ورقة حياة ... قصة قصيرة

وأخيراً عدت ... غيبة كبيرة ... والله عارف , بس أنا في الغيبة دي انتهيت والحمد لله من روايتي الأولى وربنا يوفقني بقه في نشرها ... كمان كان في وفاة بنت خالتي اللي بدعي كل واحد يدخل المدّونة يقرالها الفاتحة ويدعي ربنا يصبر أمها ويخلي بنتها كذكرى منها ... الحمد لله على كل حال , أقدملكم قصة جديدة كتبتها أخيراً بعد ما فكرت أني مش هقدر أكتب بعد الرواية حاجة ... بس أهو كتبت ويارب تعجبكم


ورقة حياة

قصة قصيرة

ــــــــــــــــــــــــــــ


. هيا يا عم محمد لقد انتهى الوقت وحان وقت الرحيل , لا تنسانا يا عجوز -
ابتسم الرجل , ولملم أوراقه , وفي هدوء خرج من مكتبه العتيق , نظر إليه الشاب وقال بصوتٍ غير مسموع

. غور يا رجل , فقرتنا طوال خدمتك -

لم يسمعه العجوز وخرج , الشارع زحمة , السيارات تمر أمامه بسرعة كبيرة , حاول المرور كثيراً ولكنه لم يستطيع , :أتاه شاب , أمسك بيديه , قال له
. أنتبه يا حج سنعبر الشارع -

قالها وعبرا الشارع سوياً , السيارات تعبر بسرعتها المفزعة , كان الشاب يعبر الشارع كما لو كان لاعب ماهر من لاعبي السيرك يعبر السيارات بخفة ورشاقة جوراه يمشي العجوز بتأني يحاول أن يسرع ولكن خطوته لا تساعده , حاول أن يجاري خطوات الشاب , ولكن خطواته بطيئة عكس الشاب , استمع إلى أصوات كثيرة تصرخ
. حاسب ... حاسب ... حاسب -
نظر العجوز حوله , وجد الشاب مفترش الأرض , الدماء تملئ ملابسه ووجه يغطيه الدماء , امتلأ المكان حوله بالناس , ظلت النساء يصرخن , والرجال يحاولون إيجاد طبيب وبعضهم اتصل بالإسعاف , وبعضهم كان يحاول أن يهدئ

العجوز , ولكن العجوز لم ينتبه , حتى أنه وقف شارد الذهن , كان ينظر إلى الشاب ويبكي , وبصوتٍ مسموع قال

.أنا من قتلتك يا ولدي , أنا نذير شؤم يا ولدي , لماذا جئتني ؟ ... هل جئتني لتزيد من طني بللاً , سامحك الله -
.خليك مؤمن يا حج -

.قضاء ربنا أتعترض يا رجل ؟ -
هل الشاب أبنك ؟ -
:أنتبه العجوز على سؤال الرجل , وبصوتٍ جريح , قال
. ليس ولدي ولكني أنا قاتله , لماذا جاءني ؟ , لماذا جاءني ؟ -
ظل يرددها حتى جاءت الإسعاف وانتشلت الشاب من الأرض , لم يجد الناس غير العجوز فوضوعه مع الشاب بالسيارة , وبدأت السيارة تشق زحام الشوارع , وبدأت الذكريات تتدافع في رأس العجوز , ها هو يرى نفسه طفلاً في
الرابعة من العمر , لم يقول "أمي" لأنه لم يجد أمه , وكان عندما يسأل عنها كانوا يردوا عليه ساخرين
. لم تحتملك أمك , ورحلت , يا فقري -
كان لا يفهم كثيراً , ولكنه كان يبكي , ولم يسمعه أحد , كان لا يحنو عليه إلا أباه , كان دائم اللعب معه , ولكن والده وبعدها بسنتين مات , شعر بالوحدة كثيراً , ولكن أيامه مرت , وكبر على يد أحد أخواله , وكان من سوء حظه أو من ترتيبات القدر أن أصيب أبن خاله في أول يوم له بمنزل خاله , خافت الأم على باقي أبنائها , عزلتهم عنه , عاش وحيداً طول وجوده بمنزل خاله , ولكنه كبر على كل الأحوال , أتم تعليمه , ومات خاله , طردته زوجة خاله , وانتقل للعيش في غرفة فوق أسطح أحد العمارات , بحث عن عمل كثيراً ولكن محاولاته باتت بالفشل , الشاب يئن بصوتٍ مرهق , لم يستمع إليه , شلال الذكريات مازال يتدافع به , كان يوماً يأكل وأيام يعيش على الفتات , ظل هكذا إلى أن كان اليوم الذي جاءه جواب القوة العاملة , فرح فرحاً شديداً , وشعر أن الدنيا قد أعلنت عن ابتسامتها المفقودة , فتح الجواب على عجل , نظر إلى ما مكتوب بداخله , انتابته حاله من الضحك عندما قرأ ما بداخله , علا صوته بالضحك داخل الإسعاف , :نظر إلى الشاب الملقى أمامه , كان يشبه أبنه , تذكر أنه لم يتزوج أصلاً , وبصوتٍ مسموع قال
. كما لو كان أبني , ولكنني السبب فيما هو فيه , يا لهذا القدر -
أول أيامه بالعمل , تذكرها جيداً , يا ألهي , الموت , يحيط بكل شيء , أموات يدخلون , يغسلون ويكفنون ويخرجون , تحملهم أكتاف ذويهم , عمله كان تقييد أسامي الأموات , منذ صباح اليوم وإلى نهايته يقيد في الأسماء , كانوا يطلقون عليه في عمله "مندوب عزرائيل" , تذكر وجوه أصحاب الموتى , من خبرته علم من صاحب الحزن الحقيقي ومن صاحب المزيف , كان يعرف جيداً كيف يلعب على وتر الأحزان , وكيف لا يعرف وهو من تربى على الأحزان منذ ميلاده , نظر إلى الشاب الراقد أمامه , كان في نفس سنه عندما تقدم لخطبة فتاة , لم يراها , ولكنه سأل عن أخلاقها , وجدها مناسبة , ذهب سعيداً , ولكنه عاد خائباً , رفضته , والسبب كان في طبيعة عمله , لم يهتم لرفضها كثيراً , وبحث عن غيرها , وغيرها , وغيرها , ولكن كما رفضته الأولى رفضته الثانية والثالثة والرابعة , حتى مل البحث , وقرر عدم الزواج , واستمرت حياته , بعض العقبات واجهته , كان معظمها مرتبطاً بطبيعة عمله , كان في كل مرة يقرر من داخله أن يتنازل عن هذا العمل , ولكنه كان يعود عن قراره في لحظتها , استمع إلى الشاب الذي كان يتحدث بصوتٍ موجوع
. ماء ... أريد أن أشرب -
صرخ العجوز عندما رآه ينطق , ضرب على الزجاج الخلفي للسائق , وقال
. لقد أفاق الشاب يا رجل , أسرع بالله عليك -
لم يستمع إليه الرجل واستمر يشق زحام المدينة , عطش الشاب أنتقل للرجل , وشعر بالعطش الشديد , وتذكر لحظة معرفته بإصابته بمرض "السكر" أعتبرها وقتها أعراض لكبر سنه وبداية موفقة لموت يراه في الأفق , تذكر كلمات الطبيب
. حافظ على نفسك , ولا تأكل أشياء محلاه -
. وما هو المحلى في حياتي يا دكتور -

قالها للطبيب ورحل من أمامه وقرر من وقتها أن لا يذهب لطبيب , وأن يتبع تعليماته كاملة , كان يجهز نفسه للموت , ولكنه كان يود أن يموت موته محترمة , وأن يحتفظ بجسده كاملاً فوق المغسلة , ظلت الأيام تفعل معه أفاعليها حتى خرج على المعاش , أخيراً رحل عنه هذا العمل , وأخيراً شعر أن هذا الهم قد انزاح وإلى الأبد , ولكن لم يتخيل أبداً ما حدث
. لماذا هذا النحس الذي يحيطني -
قالها بصوتٍ مسموع , نظر إلى الشاب وجده يحاول أن يفتح عيناه , شعر بأن غيبوبة تريد أن تمتلكه , حاول أن يبتلع ريقه , ولكنه وجده ناشف صلب , نظر إلى الشاب وجده ينازع من الألم , الألم يعتصره , صرخ في سائق السيارة ومن يجلس أمامه جوار الشاب
. قلم ... أريد قلم وورقة حالاً ... أرجوكم -
فوجئ الرجل لطلب العجوز , وبحث عن قلم بملابسه حتى وجده , ناول العجوز الورقة والقلم , أخذهما منه العجوز , ورغم الآلام التي كانت تعصف به إلا أنه كان منهمكاً في الكتابة حتى انتهى مما كتبه في نفس لحظة وصول السيارة إلى المستشفى .


***

. يا لها من معجزة لولا وجود ذلك العجوز وتلك الورقة التي كتبها لما عاش الشاب -
:قالها أحد الأطباء , فابتسم الآخر قائلاً
لقد كان العجوز مصدر للتشاؤم طوال حياته , وعندما مات أصبح مصدر للحياة , لولا تبرعه لهذا الشاب بجسده كله-
.في تلك الورقة , لما أخذنا قلبه وجعلناها ينبض داخل الشاب بعد أن توقف عن نبضه داخل العجوز
دقات خفيفة استمع إليها الطبيبان على باب الغرفة فأذنا للطالب بالدخول , دخل شاب متكأ على عصا , وابتسم للطبيبين وقال
. لقد أتممت علاجي أتأذنان لي بالرحيل -
تمت
حمادة زيدان
5/4/2009

10 comments:

ريمان said...

طب نحجز اوى تعليق عشان خاطر حمود رجعلنا بالسلامه


لولولولى

ريمان said...

معقول يا حمود


!!!!!!!!!!!!

فى ناس كده فعلا بتلاقيها نحس كده فى كل حاجه او زى ما بيقولوا فقريين

بس والله هما مش ذنبهم ده قدر ومكتوب زى ما انت عارف


بس كويس ان العجوز عمل كده

اهم حاجه انه اما مات التحس اتفك

ههههههههههههههههههه

تسلم اديك يا حمود


مش تتاخر بقى علينا

ابراهيم said...

جميلة القصة وبها معني ان الانسان قد يظل يعيش عمرة يحرمة الناس من ان يشاركهم افعالهم او ان يحتوة بينهم فيموت وان كان حيا ومن هنا تظهر اعراض مرضية علية ولكنة يحاول ان يكون ولو سببا للخير ولو لمرة من باب اهي حاجة احسن من مفيش
قصة ممتعة
والبقاء لله في قريبتك

Unknown said...

الله جامده يا حماده بجد تفاعلت مع الراجل ده مع انه منحوس قوي ^^
و نهايه جميله و غير متوقعه كالعاده

بس فيه غلطه أما الراجل قال أنا نظير شؤم المفروض تبقى نذير شؤم :)

Unknown said...

الله ينور
حلوة اوى جدا
بجد من احلى الحاجات اللى قريتهالك
الا صحيح انت ازيك عامل ايه والله واحشنى
الله يرحم بنت خالتك ويرحم اموات المسلمين

salwa said...

السلام عليكم اخ حمادة
اولا رحمة الله لابنة خالتك و الصبر و السلوان لاهلها و يا رب تكون خلفتها صالحة
قصة رائعة و اسلوب رائع بالسرد
احيان كثيرة تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
و لكن تبقى الامور النهائية بيد الخالق
سلام

z!zOoOo said...

السلام عليكم

ازيك يا حماده يارب تكون بخير

قصه جميله انا كاتب قصه قصيره مشابهه ليها جدا

أتمني ليك التوفيق من ربنا

وللأمام دائما

محمد خيري said...

ساندوا المدون أحمد محسن الذي أعتقل للمرة الثانية بواسطة جهاز أمن مبارك

تضامن مع المدون أحمد محسن ورفاقه وطلاب جامعة الفيوم المضطهدين

لا للظلم ولا للقهر ولا للإستعباد

إننا في رابطة مدوني الفيوم نطالب جميع اصحاب الضمائر الحية بعدم الإستسلام لسياسة التخويف المتبعة لدي نظام أمن مبارك والمقاومة السلمية حتى أخذ جميع حقوق الوطن المهدرة

http://www.freefayoum.blogspot.com

التكعيبة للتنمية الفنية و الثقافية said...

مهرجان النشر الجماعى الاول

تقيم التكعيبة للتنمية الفنية و الثقافية مهرجان سنوي للنشر الجماعي للقصة و القصة القصيرة و الشعر بالعامية و الفصحى، سيكون موسمه الأول هو عام 2009.

و مفهوم النشر الجماعي هو مجموعة قصصية أو مجموعة شعرية لأكثر من مؤلف بين ضفتي كتاب واحد يجمع تلك الأعمال التي سيتم اختيارها عن طريق لجنة تحكيم في كل مجال على حدا، و يتم تحديد أعضاء اللجنة لكل دورة مهرجان.
و يصدر بتلك الأعمال مطبوع/ كتابين أحدهما للقصة و الآخر للشعر سيتم نشره في عامه الأول بالتعاون مع دار دَون، و يتم توزيعه و بيعه في الأسواق
لمساعدة الكتاب أصحاب العمل الواحد و كذا الكتاب الجدد الذين لم تتكون لديهم مجموعة قصصية أو شعرية بعد، في نشر أعمالهم المميزة بدون مقابل مادى

و ترسل الأعمال مرفق بها اسم الكاتب، عنوانه,رقم تليفونه,ايميله، وظيفته، سنه، سابقة نشره للعمل المقدم من عدمه او فوز العمل فى اى مسابقات ادبية
و ذلك في رسالة إلكترونية معنونه باسم المجال الذي يريد المشاركة في مسابقته مرفق بالرسالة العمل بصيغة وورد، و يفضل أن تكون تلك الأعمال مسجلة باسم أصحابها لكنه ليس شرطا لقبول العمل

ترسل الاعمال على ايميل

nashrgama3y@gmail.com

لمزيد من المعلومات حول المهرجان
http://eltak3eiba.blogspot.com
او
http://www.facebook.com/group.php?gid=94334335985#/group.php?gid=94334335985

مزيد من المعلومات حول التكعيبة
http://www.facebook.com/groups.php?ref=sb#/group.php?gid=29491316206



ملاحظات :
الاعمال المشاركة بالمهرجان هى فقط التى ترسل عبر الايميل او تسلم باليد
مسموح بالاشتراك بأكثر من عمل فى اى مجال
اخر موعد لتلقى الاعمال 15-7-2009


مع تمنياتنا للجميع بفرصة عادلة فى النشر
احمد حسن
0193953620
( رقم محمول داخل جمهورية مصر العربية )

Anonymous said...

مش هقولك اكتر من انى استمتعت بالقصة بتاعتك دى وشكلى هقرا المدونة بتاعتك دى من اولها لاخرها.......شكرا