Saturday, September 27, 2008

العائلة قصة طويلة

كل سنة وانتوا طيبين ... العيد ع الأبواب ... علشان كدة جمعت أخر حلقتين في حلقة واحدة ... يعني معاكم العائلة الحلقة قبل الأخيرة والأخيرة ... على فكرة اللي شايف أنه كتاباتي بتخدش حيائه ممكن يغمض عنيه وميقرهاش
،،،،
العائلة
الحلقة الأخيرة
ـــــــــــــــــــــــ
يا جماعة خلصونا كفاية كل الناس اللي أخدتوهم ... الفيلا بدأت الشكوك تدور
حواليها ... كفاية كده وابدءوا العمليات من بكرة خلصونا"
شعر الرجل المسئول بغصة في حلقه عندما سمع هذا الرد الجاف من ذلك الطبيب , كان يود أن ينهره , كان يود أن يدفعه ويطرده من البلاد , شعر بالضعف والجبن والعار , تراجع عن كل أحاسيسه ومشاعره وتركها وقال للطبيب الأجنبي بمودة وحب
"عزيزي أنتوا قبضتوا ملايين علشان الناس دى ... وإحنا قدامنا عدد معين هنخده ونسافر على طول ... وماتخفش كده دا أنت يا راجل مسئول في الحكومة ... أمال لو كنت من بره الحكومة كنت عملت إيه!ّ!!"
خلاص يا دكتور اللي تشوفه حضرتك ... أنت لو عاوز أكتر من العدد اللي اتفقنا عليه أنا ممكن أجيبهملك يا مكترالمتشردين في بلدنا"
شعر الطبيب بانتصاره الذي دائماً ما يتحقق , سأله عن أخر ما جاء إليهم من أشخاص فأجابه بأن أخر ما وصل إليهم هو رجل في الخمسين من العمر جاء الفحص الأولي لحالته بأن صحته تسمح بإنجاز المهمة , أبتسم بعدها الطبيب ابتسامة خبيثة وترك المسئول وذهب يرتب ما سيقوم به في الغد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الرغم مما قاسته قمر في حياتها إلا أنها كانت صلبة وكانت تتقبل قسوة الحياة بقسوة , وكانت حياتها مجموعة من المأسي التي مرت بها منذ طفولتها فأصبحت وعلى
الرغم من صغر سنها امرأة قوية لا تهزم بسهولة , ولكن لو نظرنا لقمر الآن لوجدناها حزينة , ضعيفة , عيونها الجميلة ذبلت من كثرة البكاء , ولكن لماذا كل ما هي فيه الآن؟ إذا أردنا الإجابة على هذا السؤال يجب أن نعلم مدى ترابط العلاقة بين قمر وأخيها حنفي .
قمر لن تحب ولم تحب كما أحبت أخاها منذ طفولتها وهي تعتبر نفسها أماً له , وعندما كبرت وكبرا معها وبدأت في النزول إلي العمل حاولت عدم إخباره بأي شيء عما تعمله , وإذا عرف عنها شيئاً كانت تتوسل إليه وتبكي وفي نهاية الأمر تنتصر وتقنعه بأن ما يقال عنها أكاذيب واهية كان يقتنع أو يقنع نفسه في النهاية بأنه أقتنع , العلاقة ما بين قمر أكثر من أي علاقة بين أشقاء , فقمر من جهتها وعلى الرغم من فارق السن البسيط بينها وبين شقيقها اعتبرت نفسها أماً له , فكانت تعمل وتعمل وتكنز الأموال لكي تجمعها له , فكانت سيارته التي يعمل عليها من أموالها , وأخيراً كانت خطوبته من الفتاة التي أحبها بمباركتها وأموالها , هذا عن قمر , أما عن حنفي فقد وجد من شقيقته الجميلة حناناً أفتقده من أسرته جميعها , كان يعلم بعملها في هذا الملهى ولكنه كان يعتبرها فترة وستنزاح بعدما ينجح في عمله ويريحها في المنزل , كانت طموح الشقيقان أن يبدلا ظروفهما بأيديهما , كانت الأيام تحمل لقمر وشقيقها ما تمنوا فكان على بداية الشهر سيكون زفاف حنفي على من أحبها , وكانت قمر تعيش أجمل أيامها فأخاها الذي دللته وأحبته سيتزوج مما يحبها ظلت تحلم بيوم زفاف أخاها حتى أفاقت على هذا الكابوس ورأت شقيقها في هذا الكابوس , زيادة على ذلك ما حدث الليلة في الملهى وما حدث في غرفة نوم صديقها , كل هذه الأسباب تجمعت في تلك الليلة التي أصبحت لقمر أسوأ ليالي حياتها وجعلت من قمر شخصية أخرى فأصبحت في تلك الليلة قمر أخرى وكل تلك الأحداث جعلتها تترجى صديقها بأن يتزوجا ولم يمانع صديقها في ذلك وأتما الزواج بعد خروجهما من النيابة على الفور وها هما الآن يعودان إلي منزله , كانت شاردة بعيونها يكلمها ولا تجيبه , يداعبها فلا تضحك , يقود سيارته ويشعر بالحزن عليها لم يراها يوماً بهذا الضعف كانت في أصعب المواقف هي الأقوى وكانت تخرج من كل أزمة تقابلها أقوى مما كانت , أحبها لقوتها , أحبها بالرغم مما رآها تفعله , كان لا يعلم هل هو يحب جسدها الطري الجميل , أم يحب وجهها الملائكي , أم يحب عقلها وذكائها الذي جعل منها وفي سنوات معدودة من أشهر فتيات شارع الهرم , أم أحب كل هذا معاً , لم يفكر كثيراً في أسباب حبه لها لأنه ببساطة يعلم جيداً أن الحب هو مخلوق جميل خلقه الله في قلبه لكي يجد العائلة التي بحث عنها كثيراً , ظل يحاول ويحاول معها لكي تعود إليها ابتسامتها التي أفتقدها كثيراً حتى وصلا إلي منزله ليجدا الشارع وقد اكتظ بالأمن الذي أصطف على جانبي الشارع وأمام منزلهما كانت سيارة سوداء "هامر" وبجوارها أربعة من الشباب مفتولي العضلات مما جعل قمر وزوجها يشعرون بالقلق وحاول أحمد أن يعود بالسيارة ليفاجئ بمجموعة من الأمن يحيطون بالسيارة ويجبروهما على النزول , تلك الحالة جعلت قمر تعود إلي قوتها وصرخت في وجه من حاولا الإمساك بها وحاول أحمد ضربهم ليفاجئ بمن ضربه على رأسه وأفقده الوعي وعندما استيقظ وجد نفسه داخل السيارة ولكنه لم يجد بجواره قمر حاول الاتصال بها ولكن هاتفها كان دائماً خارج نطاق الخدمة حاول الاتصال بحنيفة أمها ولكنها لم تجيبه هي الأخرى , جلس يفكر ويتساءل هل من قبض على قمر كان شرطة؟, وإذا كانت شرطة فلماذا قبضت عليها بتلك الطريقة؟ وماذا فعلت قمر يستحق هجوم كل هؤلاء؟ ظلت الأسئلة والأفكار تتزاحم في رأسه حتى وجد هاتفه المحمول يهتز معلناً عن وجود مكالمة جديدة كانت المفاجئة عندما وجدها قمر التي أخبرته بأنها بخير وستصل إليه خلال ساعتين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التاسعة صباحاً جلس "خالد عبد الرحمن" يقرأ تقرير الطب الشرعي الذي أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن حنفي تعرض للتعذيب الجسدي حيث وجد الطبيب الشرعي أثار للكهرباء في أنحاء متفرقة من جسده وكانت مفاجأة التقرير عندما وجدا أثار للاعتداء الجنسي فوجئ وكيل النائب العام بما قرئ مما جعله يتصل بالنائب العام ويحدثه بما وجد , علم من الحارس أن الرائد "هشام الويشي" ينتظر بالخارج فأمره بالدخول وبدأ التحقيق الذي تحول فيها هشام من خانة الشاهد إلي خانة المتهم وبدأ التحقيق الذي أشتعل الغضب في الضابط عندما علم بموقفه كمتهم وقام بالتهديد , والتنديد , والتوعد الذي لم يفرق مع خالد بالمرة وكان في نفس توقيت التحقيق كان النائب العام قد أمر بضبط وإحضار الضابطان كما أمر بالتحقيق مع مأمور القسم وجاءت تلك الأوامر أمام الضابط الذي ظل يصرخ ويتوعد هيئة القضاء بأكملها ولم يمنعه وجوده في مكتب وكيل النائب العام عندما حاول التعدي عليه بالضرب مما جعل النائب يأمر بحبسه ثلاثة أيام على ذمة القضية الأمر الذي أشعل النار في صدر الضابط وجعله يستخدم في غير موضعه عندما صوبه على صدر "خالد" ليشتعل الموقف بأكمله عندما أطلق سلاحه على صدره وهرب من النيابة وصت ذعر وخوف كل من كان بمبني النيابة , أنطلق أمن النيابة خلف الضابط الذي حاول الفرار بعيداً عن مبني المحكمة وأحدث بذلك هرج في الشوارع المجاورة للمحكمة حتى تجمهر من كان بجوار المحكمة وتكاتفوا على الضابط الذي ظل يطلق أعيرة نارية في الهواء إلي أن تم القبض عليه , تم نقل خالد عبد الرحمن إلي مستشفي الجيزة ثم إلي غرفة العناية المركزة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على الرغم من أن يومين هما ما مروا في حياة حنيفة إلا أنهم غيروا في حياتها تغيراً جذرياً أصبحت الآن أكثر تحشماً في ملابسها وحديثها الذي أصبح معظمه لا يخلوا من "إن شاء الله" , "بإذن الله" , "ده قدر ربنا" وأصبحت تصلي بانتظام وفي المسجد , أما عن علاقتها بأبنائها فتغيرت أيضاً للأفضل عندما علمت بزواج أبنتها من حنفي عندما زارته في محبسه وقتها قامت بالاتصال بها وباركت زواجها وأوصت زوجها عليها , وكانت من قبلها قد أطمئنت على أبنها من "خالد عبد الرحمن" حفيد السيدة الطيبة التي حولت من طباعها وها هما الآن تهرولان إلي المستشفي التي يرقد بها خالد يحملهما الخوف خوف الجدة على حفيدها الذي ربته وجعلت منه منبر للحق , وخوف أم على أبنها الذي بكلمه من مصاب المستشفي يفك أسره علاوة على ذلك أن الشخص الملقي في المستشفي هو حفيد من جعلت منها تلك المرأة الطيبة المؤمنة , جلستا السيدتين ينتظرا الطبيب الذي ظل لمدة أربع ساعات ظلت الجدة تقرأ فيهما القرآن تشاركها حنيفة الدعاء حتى خرج الطبيب الذي كان الحزن يسيطر على ملامحه , سألته والدة خالد عن حال ولدها , سأله والده , سألته الجدة , سألته حنيفة , تجمع الممرضات والأطباء وسألوه , لم يجيبهم الطبيب دموعه سبقته في الإجابة على سؤالهم فتعالت صرخات الأم والأب وحنيفة والممرضات الـلاتي صرخن بأعلى أصواتهن وقفت وقتها الجدة ودموعها تملئ عينها وقالت بأعلى صوتها "أحنا احتسبناه شهيد بدل ما تبكوا عليه أفرحوا , ده مات وهو بيدافع عنا ياللا أحمدوا ربنا على هدية الشهادة أللي أهداها لحفيدي" أثرت كلمات الجدة على كل من كان بالمكان وتبدلت صرخاتهم جمعياً إلي دعاء إلي الله بأن يرحم الشاب بعدها ظل الجميع يردد "لا إله إلا الله ... يفنى العبد ويبقي الله"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جلس أحمد كثيراً أنتظرها كثيراً الساعتين أصبحا ست ساعات ملئ القلق صدره , قام بالاتصال بها كثيراً ولم تجيب , قام بالاتصال بكل من يعرفه من ضباط الشرطة والمسئولين كان الجميع لا يعلمون عنها شيئاً , وأخيراً وفي الثامنة من صباح وجد باب الشقة أحدهم يفتحه خرج من غرفة النوم مسرعاً ليجدها قمر التي ارتمت في أحضانه وتملكتها حالة من البكاء هدأت بعدها وبدأت تقص على زوجها تفاصيل ما حدث لها في تلك الساعات القليلة وبصوتٍ يملؤه الحزن بدأت تتحدث وقالت "كانت الساعة حوالي التاسعة لما صحيت من النوم وقتها كانت في عصابة على عيني ما شوفتش منها حاجة ... قمت قلت أمشي لقيت نفسي في أوضة ضيقة , كانت كل ما أمشي أصطدم في حيطة , قعدت أصرخ قلت يمكن حد يسمعني , بعدها بساعة لقيت الباب حد بيفتحه وراحوا جروني من شعري ودخلوني أوضة وسمعت صوت بيكلمني مش غريب أبداً عليا , رحب بيا واعتذرلي كتير عن المعاملة دي وبدأ يكلمني عنك وعن أخويا , وقلي بصريح العبارة "أخوكي هايخرج بس لازم أنتي تتعاوني معانا الأول" سألته طيب أتعاون أزاي؟ وقتها بدأت مفاجئات الليلة الغريبة دي , كانت أول مفاجأة لما عرفت أني بقيت وطنية أوي والوطن بنفسه بيهددني علشان أخدمه , أما عن المفاجأة الكبيرة فهي نوع الخدمات الجليلة أللي هاقدمها للوطن واللي عبارة عن صفقة قذرة بيني وبين البلد" صمتت برهة لترى بعينها لهفة أحمد على معرفة باقي مفاجئتها التي من الواضح بأنها لن تنتهي أبداً في تلك الليلة فأتبعت قمر وقالت "كانت الصفقة اللي بيني وبين البلد أنهم هايخرجوا أخويا من السجن , وكمان هايشغلوه في الحكومة , بس بشرط غريب جداً .... الحكومة عاوزاني أبيع شرفي , بس مش هابيعه بالرخيص .. لأ هابيعه بالغالي أوي .. هابيعه لأجل الوطن" سكتت مرة أخري ولكنها هذه المرة سكتت لتمسح دموعها التي تساقطت على خدها الجميل , وتابعت وقالت "عاوزني أخدم البلد بأني أخلصهم من واحد مدايقهم أوي وعاوزين يخلصوا منه" المفاجأة كانت أكبر من أي تخيل تخيله أحمد لذلك حاول أن يتأكد منها أكثر من مرة وفي كل مرة تؤكد له ما تقوله وتقص عليه تفاصيل ما حدث لها داخل ذلك المكان التي كانت فيه , ولكن قبل أن نفاجئ مما حدث لقمر يجب أن نعلم تفاصيل ما حدث ولكن من جهة أخرى.
كانت البداية عندما جاء محمود نصار في سهرته بملهى عيون الشهير , وكانت قمر في تلك الليلة في أبهى صورها حتى أن محمود نصار قد تأثر بها كثيراً وبالرغم من كثرة علاقاته العاطفية والجنسية وعلى الرغم من كثرة الفتيات اللاتي يتدافعن عليه يومياً فإنه شعر بشيء يجذبه لهذه الفتاة وأجمل ما جذبه إليها هو وجهها المصري الذي يمكنها من اقتحام أشد القلوب تحصيناً , وكان لكل ذلك وبتفكيره العملي الجبار كانت تلك الخطة الماكرة التي خطط لها عقب خروجه من السجن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وصلت حنيفة إلي منزلها في الصباح كانت منهكة حزينة , حزينة على أبنها الذي لم يعود إلي الآن , وحزينة على وفاة الشاب الذي وقف بجوال ولدها لآخر أيام حياته بل وكانت وفاته سببها الأصلي وقوفه بجوار أبنها , ذهبت إلي منزلها بعد أن تركتها السيدة الطيبة للبحث عن زوجها الذي لم يعود للمنزل في اليومين السابقين عادت حنيفة ولكنها عادت كمن ولدت من جديد , عادت حنيفة ولكنها عادت امرأة أخرى وكانا اليومين الأخريين هما أجمل أيام حياتها على الرغم من قسوة كل ما مرت به , بحثت عن زوجها كثيراً ولكنها لم تجده قامت بالاتصال بابنتها وسألتها عن والدها ولكن ألابنه كالأم لا تعلم شيئاً عن الأب الذي ظل اختفائه لغز غريب وكارثة غامضة لا يعلما عنها شيئاً , تركت حنيفة المنزل عندما أقترب موعد صلاة الظهر وذهبت إلي مسجد السيدة زينب الذي عشقته وذابت في كل ركن من أركانه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان ما حدث لحنفي من انتهاك واغتصاب وفضح كل ذلك أمام النائب العام من قبل استشهاد "خالد عبد الرحمن" هو القشة التي قسمت ظهر البعير , فقد أعلن وزير الداخلية تبرئه من كل ذلك وأعلنت وزارة الداخلية بيان أنكرت فيه ما حدث , وأعلن في المقابل النائب العام أمراً بتفتيش جميع السجون المصرية وإحالة مأمور قسم العمرانية إلي التحقيق كما أمر بتكملة سير القضية وتبرئة "حنفي متولي" من التهم الموجهة إليه , كما أمر بسرعة القبض على الرائد "هشام الويشي" بتهمة القتل العمد , والقبض على المقدم "محمد شعلان" بتهمة تعذيب وانتهاك حريات مواطنين مصريين
خرج حنفي من سراي النيابة وخرج معه كل ركاب سيارته , وكان باستقباله أكثر من عشر قنوات فضائية للتحدث عن قضيته التي أصبحت بين يوم وليلة هي قضية الموسم خاصة أن أسم حنفي أرتبط طوال اليومين السابقين بقضية خطف السياح التي أتهم حنفي عبر وسائل الإعلام طوال اليومين السابقين , حاول حنفي التحدث عن كل ما مر به في اليومين السابقين وحاولت كل وسائل الإعلام أن تقوم بواجبها في نقل صورة حنفي من الجاني إلي المجني عليه ومن الظالم إلي المظلوم وتخطفته في تلك الليلة جميع وسائل الإعلام فتنقل من استديوا إلي استديوا ومن صحيفة إلي أخرى حتى عاد في أخر الليل منهك وتعبان إلي منزله ليجد جميع سكان عزبة القرود رجالاً وشيوخ ونساء وأطفال في استقباله وملئت الحارة في تلك الليلة بالفرح والأغاني الشعبية حتى الساعات الأولى من صباح اليوم الآخر , لاحظ حنفي عدم وجود أحداً من عائلته وعندما سأل جيرانه عنهم أجابوه بأن أخته لم تظهر من يوم القبض عليه وبأنهم علموا بزواجها من أمها التي تغيرت بدورها في أيام حبسه وتحولت إلي درويشه من دراويش مسجد السيدة زينب أما عن والده فلم يعلم أحداً عنه شيء إلي تلك اللحظات , لم يستمع حنفي إلي تكملة حديثهم وهرول إلي مسجد السيدة زينب ليجد والدته تجلس باكية خاشعة لتستمع إلي قراءة القرآن من امرأة مسنة جلست بجوارها ارتمى حنفي في أحضانها أول ما رآها وظل يبكي وهي تخفف عنه ما أصابه جلسا سوياً حتى أقيم لصلاة الفجر فصليا الفجر وأخذها حنفي وذهبا إلي منزلهما وكان نور الصباح قد بدأ يتساقط على السماء ليكسوها باللون الأزرق الجميل وصلا إلي المنزل ليفاجئا بقمر تجلس هي وزوجها في انتظارهما كانت المفاجأة قوية فما أن رأت قمر أخاها وأمها حتى ارتموا جميعاً في أحضان بعضهم البعض فرحت قمر وفرح أخاها بالتغيير الذي حدث لوالدتهم , وفرحت الأم بخروج أبنها وزواج أبنتها ولكنها وفي النفس الوقت عندما رأتهم تذكرت غياب زوجها وملئ الحزن ملامحها مرة أخرى , كان الجميع لا يعلمون أين الزوج وكانوا جميعاً يصبرون أنفسهم بأن الأب سوف يعود وقرروا أن يبحثوا عنه في كل مستشفيات العاصمة وكل سجونها حتى يجدوه بعدها بدأت قمر في سرد ما حدث لها خلال اليومين الماضين شارحة لآخاها ما حدث لها وما طُلب منها وكان رده السريع بأن تبلغ وسائل الإعلام بما حدث واستند بذلك بأن قضيتها تلك ستكون قضية رأي عام وستشارك بذلك في تكملة كشف ما يحدث الآن من فساد في الدولة , استمعت قمر جيداً لآخاها ولكنها كان لها رأي آخر كانت قد اتفقت عليه هي وزوجها وبدءا بالفعل في تنفيذه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدأت خطة محمود نصار تتبلور في رأسه أول ما شاهد قمر وتذكر على الفور الأفلام القديمة التي تأخذ السكرتيرة صاحب العمل من زوجته وأولاده وتحوله من رجل صالح إلي مجرد تابع لها , ذهب تفكيره على الفور إلي رؤساء تحرير الصحف المستقلة الذين أصبحوا هم أبطال الشعب المصري وفقد الشعب بسببهم انتمائه إلي النظام الذي يحكم الدولة , وظلوا يسبون في النظام المصري على الرغم من كمية الحرية التي ينعمون بها , نظر إلي قمر نظرة ذات معنى وأخذ فنانته في تلك الليلة ومضيا إلي منزله وبدأ يومها في اتصالات مكثفة على أوسع نطاق لشرح خطته بالتفصيل والتي تم الموافقة عليها من أعلى المستويات وبدأت أمن الدولة في البحث عن الفتيات اللاتي سيقمن بتلك العمليات وكانت على رأسهم قمر التي تم اختطافها وظلت في محبسها حتى أخرجوها منه ودخلت غرفة اللواء "محمد عظام" الذي ترك الغرفة للملياردير الشاب الذي بدأ يكلمها عبر ميكرفون صغير وحدثها عن الوطنية وكيف لها أن تنقذ البلاد من الخراب الذي يتركه هؤلاء الصحفيين في عقول البسطاء ظلت تستمع إلي كل ما يقول وهي غير مستوعبة لما يحدث وما يقول حتى تابع قائلاً "تعرفي يا قمر أنه المخابرات العظيمة المصرية أول ما بدأت , بدأت أزاي؟"
لم تجيبه قمر لأنها لا تعلم فتابع قائلاً كما لو كان يعلم بأنها لا تعلم
"المخابرات يا قمر بدأت من فوق السراير , وكانت وقتها الرقصات بيقوموا بدور عظيم لمصر , ومصر دلوقتي بتناديكي فهل هترفضي؟ ولا هتلبي النداء؟"
شعرت قمر بالصدمة عندما علمت ما يريده منها حاولت وقتها أن تنتظر إلي النهاية لتعلم منه تفاصيل ما يريده منها فتابع بنفس آليته في الحديث قائلاً
"قمر أنتي عارفة أنه مصر الآن بتمر بتحول كبير وفي طفرة اقتصادية البلد بتمر بيها ده غير الحرية اللي أصبحت الآن ملك لأي مواطن ... بس البلد في وسط كل التقدم اللي بيحصل في ناس بنسميهم أعداء النجاح ودول الناس اللي استغلت الحرية المتاحة ليهم غلط وبدل ما يشجعوا الناس على تحمل المصاعب لغاية ما البلد تقوم على رجليها أصبحوا يتصيدوا أخطاء الحكومة وبيهجموا على كل الوزارات لغاية ما وصلوا لبيت الرئاسة , وغير كده كده دول
أصبحوا لسان الإسلاميين واليساريين وكل الحركات المضادة للنظام وكل ده بيضر بمصر ولا إيه يا قمر؟"
كانت إجابة قمر بسيطة وقاطعة في نفس الوقت فقد أجابته بأنها أضعف بكثير لكي يحدثها في كل هذا وهي من جهتها لا تعلم شيئاً عن كل ذلك ثم أتبعت وقالت
"وانا هعمل إيه , مع كل دول , يا باشا قول ولخص أنا مش فاهمه من سياتك حاجة"
أجابها بأنها ستمثل ولكن في أرض الوقع وكما يحدث في الأفلام القديمة ستدخل في جريدة معينة وتحارب حتى تصل إلي قلب رئيس تحريرها ثم تقم بعلاقة جنسية معه وكان هذا هو المطلوب , وكانت هذه هي خطة محمود نصار الذي يعلم وبشكل يقيني أن الشعب المصري من الشعوب المتدينة ويعرف أيضاً قدرة النساء القوية على الرجال , فإذا ما وضع فتاة بجمال قمر الفاتن بجوار أكثر الشخصيات تديناً في البلاد فإنها ستقوم بإغوائه لما لديها من سحر ينتشر أينما حلت وعندها يقوموا بتصوريهما عاريان ليسقط بذلك تمثال البطولة الذي استطاعوا هؤلاء الأشخاص من بنائه طوال تلك الفترة من تاريخ مصر , حاولت قمر بعدما علمت الرفض ولكن بعد الضغط الذي تعرضت له والذي وصل إلي محاولة اغتصابها فاستسلمت على الفور عندها تركوها لتذهب وتستعد للقائهم في الوقت الذي يحددوه لها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاد التفكير أن يدمر قمر , كيف تخرج من موقفها هذا , هل توافق على عرض الراجل وتفقد عرضها أمام الملأ , أم ترفض عرضه وتبدأ حياتها في هدوء مع زوجها , فرحت بخروج أخيها وشعرت بأن هناك نقطة خسرها الرجل , وكسبتها هي , انتهى تفكيرها هي وزوجها على تكملة مشوارها مع ذلك الرجل حتى تعرف مكان والدها , وبعدها لا تنفذ للرجل شيء , جهزت خطتها على هذا النحو , ولكنها فوجئت باتصال على هاتفها المحمول , المكالمة كانت مفاجئة لها , ظلت تتبع تعليمات ما يحادثها في الهاتف حتى انتهت من مكالمته , سألها زوجها عن صاحب المكالمة , لم تجيبه ولكنها أكدت له أن هناك من أراحها وأن الهم قد أنزاح.
جاء يوم اللقاء , نزلت من بيتها وانتظرت السيارة كما تم الاتفاق , ركبت السيارة , تم عصب عيناها , وبدأت رحلة استمرت أكثر من ساعتين , كانت السيارة تتنقل في شوارع مزدحمة حتى وصلت إلى منطقة شعرت بالهدوء التام عندما دخلتها السيارة , نزلت من السيارة معصوبة العينان , دخلت إلى غرفة تم تفتيشها فيها وبعدها دخلت إلى فيلا بيضاء صغيرة الحجم , أدخلوها إلى غرفة صغيرة , رفعوا عنها العصابة , وجدت أمامها مكتبة مليئة بالكتب , ومكتب صغير يجلس عليه الملياردير الشاب , كان وسيماً كعادته , نظر إليها وابتسم قائلاً:
"أزيك يا قمر ... يا رب الرحلة ما تكون تعبتك , أوعي يكون حد من الشباب ضايقك أنا كنت أرفده على طول , المهم خلينا دلوقتي في موضوعنا , أنتي أكيد عارفه دلوقتي أنتي هنا ليه؟ وعارفه كمان أنه أنتي هتقومي بموضوع غاية في الأهمية والسرية وزى ما قولتلك قبل كده مصر فعلاً في الوقت الراهن محتاجة ليكي أنتي واللي زيك"
قاطعته وسألته عن شيئاً يدور في رأسها من يوم ما علمت بهذا الموضوع
"طيب يا باشا ما انتوا ممكن تقفلوا الصحف دي , أو تعتقلوا رؤساء تحريرها , أو تموتهم"
كان سؤالها له منطقي جداً لذلك كان رده أكثر منطقية فقد أجاب بالتالي
"أسمعي يا قمر ... أوعي تفكري أنه شويت الصحف دي بعيدة عنا أو فعلاً وطنين وبيخدموا مصالح الناس التعبانة زى ما هو باين لا كل واحد فيهم بيخدم مصلحته اللي هو عارفها كويس جداً والحكومة فعلاً مش بعيد عليها أنها تحبسهم أو تموتهم حتى بس لو حصل ده الشعب الغلبان اللي ما يعرفش حاجة عنهم هيفكرهم أبطال وهتلاقي المظاهرات ملئت الشوارع , ده غير الدول الغربية واللي ممكن يتهمونا أننا بنحارب الديمقراطية وتلاقي الدنيا هاجت على مصر تاني يوم الحادث , عشان كده هما بدناوتهم هايتفضحوا يعني اللي هايقل أدبه هو اللي هايتفضح واللي مش هايقل أدبه خلاص يبقي الراجل محترم فعلاً ولوني مش شايف حد محترم مع الجمال أبداً"
"طيب ممكن أعرف أنتوا عاوزني أكون مع مين بالظبط"
"أنتي دلوقتي ممكن تعتبري نفسك موظفة في الجريدة ... وممكن من دلوقتي تستلمي عملك فيها وفي خلال شهر أو أتنين يكون الراجل وقع في حبك وأنتي عارفة هاتعملي إيه بعد كده تاني"
أجابها بأنه "محمد زهران" رئيس تحرير صحيفة الحرية وتابع قائلاً
"طيب أن دلوقتي ممكن أعرف هاشتغل إيه؟ أنا معارفش أي شيء عن الصحافة , وانا من يوم ما أخدت الدبلوم وانا عمري ما مسكت ورقة ولا قلم يبقي هاشتغل في الصحافة أزاي؟"
هذا كان سؤالها وكانت تلك إجابته
"أنتي هاتبدأي شغلك في الجريدة في السكرتارية وبعدها لازم بشاطرتك وبجمالك هاتكوني سكرتاريته الخاصة"
بعدها تركها تذهب بعد أن أخذت هاتفها المحمول وكما دخلت أخذها من يخرجها حتى وصلت إلي السيارة التي أخذت نفس مسار العودة لتعود في نهاية الأمر في نفس المكان أخذت سيارة أجرة وذهبت إلي منزل زوجها الذي وجدته ينتظرها جالساً أمام جهاز الكمبيوتر الذي اشتراه بناء على طلب قمر أخبرته بكل ما حدث وقصت عليه تفاصيل مكالمة الأمس ودخلا إلي غرفة نومهما وحاول أحمد أن يقبلها ليبدأا وصلة من الحب لأنهما من يوم زواجهما لم يمارسا حياتهما الزوجية رفضت قمر تقبيله لها وأخبرته بأنها تحتاج للنوم وبشدة أطاعها أحمد على الرغم من كثرة الشوق الذي يملؤه وناما حتى صباح اليوم الثاني للتيقظ على هاتفها المحمول الذي أعلن عن مكالمة جديدة وجدته أخاها الذي اطمئن عليها وأخبرها بأن والدها لم يعود إلي الآن أنهت مكالمتها واستعدت للرحيل ولكن تفكيرها كله أنصب في والدها الغائب منذ أيام طوال؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منذ يومين كان يرقد جسد متولي في غرفة وبجواره أكثر من عشرون آخرون تفرقوا في غرف تلك الفيلا ماعدا غرفة وحيدة كانت غرفة العمليات التي يقف فيها طبيبان أجنبيان يبدوا التركيز على ملاحهما أصوات متداخلة تسمعها في تلك الفيلا يبدوا أن الكل يشعر بالتوتر والقلق مما سيحدث التجهيزات انتهت وتم فتح غرفة العمليات لاستقبال المخدرين الذين دخلوا واحد تلو الآخر وحاول الطبيبان أن ينجزا مهمتهما بأسرع وقت حتى انتهوا من عملياتهم وبدئوا طاقم الممرضات الأجنبي في تجميع ما تم أخذه من المخدرين في ثلاجات صغيرة الحجم ليدخل بعدها مجموعة من العمال لتنظيف الفيلا والتي تم تجميع ما تبقي من المخدرين في غرفة وتم غلقها لتنتهي تلك العملية في يومين استعد طاقم العمليات بالكامل للسفر خارج مصر ومعهم كنزهم السمين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنهت قمر خطتها بنجاح عندما أوصلت ما معها من معلومات وتسجيلات إلي مكتب النائب العام , وأخبرته بأنها لا يعنيها كثيراً ما قد يحدث لها لأن ما مرت به هي وعائلتها بأكملها في تلك الأيام كان كثيراً وأن كل ما تتمناه هو فضح هؤلاء من يدعون أنهم حماة الوطن , بدأ بعدها النائب العام في فتح باب التحقيق في أمر ذلك الملياردير ونفوذه الذي تعدى كل الحدود , وبدأ في فتح ملف هذا الملياردير ,حتى جاءه تليفون أمره بغلق تلك القضية وإلى الأبد , تلقت بعدها قمر الكثير من خطابات التهديد إذا ما حاولت مجرد الحديث لأي صحيفة أو قناة تلفزيونية وكانت قمر في تلك اللحظات مجتمعة مع عائلتها تشكر أخاها بعدما علمت أنه هو من أخبر النائب العام , وتحيروا جميعاً من حجم الكاميرا التي كانت تضعها كدبوس في حجابها وقامت بتصوير كل ما حدث بينهما , حاولت العائلة بعد جمع شتاتها البحث عن متولي الأب , حاولت قمر الوصول إلى مكان الوالد فلم تجده , الحزن والغضب سيطر على العائلة بأكملها , وكان السؤال الذي لم يجدوا له إجابة أين الأب أين متولي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مطار القاهرة الدولي , قاعة كبار الزوار , يجلس مجموعة من الرجال والنساء , تبدوا أهميتهم واضحة من تعامل موظفي وأمن المطار لهم يجلس في شرف وداعهم وكيل أول وزارة الصحة , قارب الموعد لذهاب الطائرة المتجهة إلي الولايات المتحدة الأمريكية , ترقد داخل الثلاجات الصغيرة التي يحملها بعض الرجال أعضاء أكثر من عشرون مصري , بدأت الاستعدادات داخل المطار لإقلاع الطائرة , بدأ الركاب في ركوب الطائرة , ودع المسئول الحكومي ضيوفه الأعزاء , ركب الضيوف بكنزهم الطائرة , أقلعت الطائرة بكنزها الثمين إلى رحلته الأخيرة
،،،،
تمت
حمادة زيدان

Tuesday, September 23, 2008

العائلة قصة طويلة

أزيكم يا أحلي ناس في الموعد وكما وعدت الجزء الثالث من العائلة في المدونة ... في البداية كلمة للأخ مجهول أحب أقوله يا سيدي أنا مش بقبل النصح وإذا حضرتك شايف أنه كتاباتي داعرة كما قلت فميشرفنيش أنك تزورني لأنك فعلاً إنسان مريض بالشهوة والجنس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العائلة
الجزء الثالث
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعود إلي قبل ذلك ببضع ساعات عندما أستيقظ متولي فوجد أبنته وزوجته يتشاجرا كعادتهما وسمع كلاماً كثيراً من زوجته عن سمعة أبنتهما التي أصبحت "في التراب" على حد قولها فلم يتدخل كعادتها لأنه يعلم أن حياته بدون عمل أبنته لن تكون ميسورة كما هي الآن وسيحرم وإلي الأبد من الحشيش الذي يعتبره صديق عمره المخلص له دائماً والذي يمكن أن يموت ولا يحرم منه , أرتدي ملابس عمله وخرج وجلس على المقهى القريب من منزله فسمع بأذنيه كلاماً من هنا ومن هناك عن سمعة أبنته فلم يتحدث أو يتشاجر مع أحد فقط ترك المقهى وخرج من الحارة كلها وهو يلعن كل ما فيها , ركب سيارة أجرة واتجه إلي حي المعادى الهادئ لأنه يعلم أن هذا الحي يسكنه الأعيان فظل ينادي بصوته الأجش "أصلح حنفيات أصلح" ظل ينادي ذلك النداء ويخرج من شارع ليدخل في شارع آخر حتى وجد نفسه في شارع هادئ تزينه الأشجار العالية أما عن المساكن به فكانت عبارة عن منازل من دوران تحيط كل منزل حديقة جميلة ظل ينادي بين المنازل التي أبهرته أشكالها المتناسقة وحدائقها الجميلة وهدوءها القاتل , كان يعلم أن مثل هذا الشارع وهذا الحي الهادئ لن يوجد به صنبور واحد لا يعمل ولكنه أبهره الشارع بجماله وهدوءه فجلس يستريح لبعض الوقت حتى كان ما يحلم به وجد صوتاً جميلاً ينادي عليه نظر إليها وجدها جميلة كصوتها كانت ترتدي قميص نوم أبيض شفاف يشف عن نهديها الممتلئين قصير يظهر أوراكها التي كانت تخرج ضوء أكثر من ضوء الشمس سألها وهو يبتلع ريقه من أثر الشهوة
"الحنفية عندنا باظت ... وجوزي في الشغل لسه مجاش وأنا دلوقتى لوحدي ومش عارفة أعمل إيه تعالا صلحها بسرعة قبل ما يرجع
أجابته بصوتها الجميل الناعم
"أوامرك يا هانم"
دخل متولي إلي المنزل وهو كل ما يتخيله أن هناك صنبوراً سيصلحه وإذا سنحت له الظروف سيحاول ممارسة الجنس لأنها وحيدة داخل المنزل , ظل يفكر فيما سيفعله مع الجميلة حتى عبر الحديقة ودخل إلي المنزل فوجد مجموعة من العملاقة الذين لم يمهلوه لحظات ليفكر في حقيقة وجودهم وماذا
سيفعلون به أنقض عليه العملاقة وفي لحظة واحدة راح في غيبوبة من أثر المخدر الذي أطلقوه عليه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"حرام عليك واديتنا في داهية" ... "منك لله ضيعت مستقبلي" ... "أختي ضاع شرفها بسببك"
كانت هذه بعض كلمات من كانوا يضربون حنفي , علم من أصواتهم أنهم ركاب سيارته , حاول أن يوقفهم فلم يستطيع , جمع كل ما تبقي له من قوة وانقض على من يجسم فوق صدره وضربه في وجهه فابتعدوا جميعاً عنه وقف على قدميه وتكلم بصوتٍ متقطع منفعل خائف
"أنا والله مظلوم زيكم ومعرفش أي شيء عن المواضيع اللي أتمسكنا علي شانها ... أهدوا علشان نعرف نفكر هنعمل إيه في المصايب دى"
سكت بعدها ونظر إلي عيونهم المذعورة , جميعهم لا يعرفون سبب حجزهم ولا يعرفون ما هذا التنظيم الذي أجبروهم على التوقيع بأنهم جزءاً فيه ولا يعلمون شيئاً عن هذا الشاب الذي قال أمامهم بأنه شاب فقير لا يجد مصاريف زواجه ثم ليفاجئوا بأنه أبن ملياردير وترك ثورة أباه ليقع من حظهم التعيس في نفس السيارة التي كانوا فيها , جميعها أسباب أدت بهم في النهاية لتلك الأزمة , حاولوا جميعاً الكلام ولكنهم صمتوا لن يجدوا للكلام فائدة فصمتوا جميعاً وتركوا القدر يرسم لهم ما تبقي لهم من عذابات الدنيا التي لا تنتهي , ظل الجميع صامتون لا يتكلمون حتى أنفتح باب الحجز ليجدوا جندي ضخم ينادي على حنفي فهب واقفاً ليبلي نداء الجندي الذي أخذه إلي غرفة نزلوا إليها بسلم تحت الأرض نظر حنفي إلي شكل الغرفة التي كان يوجد بها مجموعة كبيرة من الشباب عراة الأجساد كتفت أيديهم خلفهم ووقف مجموعة من الجنود يضربونهم بكرابيج طويلة والشباب يصرخون من شدة الألم , شعر حنفي بأن أيامه هذه لن ينساها طوال حياته أدخله الجندي داخل الغرفة وأغلق بابها وانتظر حنفي قدره بكل شجاعة , أنتظر أن يأتي أحداً إليه فلم يأتي , نظر إلي عيون من يعُذبون فانسكبت من عينيه الدموع رفع عينيه إلي أعلي وصرخ بأعلى صوته "يا رب" وفي لحظات كانت تنتابه حالة من الهستريا جعلته يضرب كل من يقف أمامه من العسكر فما كان منهم إلا أن تجمعوا عليه جميعهم وأوقعوه أرضاً وظلوا يضربوه بكرابيجهم حتى جاء صوت وأمرهم بوقف الضرب فتوقفوا جميعاً وساعدوه حتى يقف على قدميه ليفاجئ بأنه رائد اللجنة التي صدمته سيارته , لم يمهل الضابط حنفي للتحدث فقد ضربه بكفه على وجهه وهو يقول بانفعال
"أنت عارف يا حيوان يا أبن الكلب أنت بعملتك السودة دى عملت فيا إيه؟ ... أنا يا روح أمك بسببك أتوقفت ترقيتي والعيال الإرهابيين هربوا بعد ما خطفوا السياح , والبلد كلها أتقلبت عليا بسبب عملتك السودة , أنا هفضل وراء ميتين أهلك لغاية ما أجننك فاهم يا روح أمك"
لم يمهل الرائد حنفي للرد فقد هجم عليه هو ومجموعة من العساكر ليضربوه حتى توقف الرائد فتوقفوا معه منتظرين ما يأمر به , كان الدم يسيل من أكثر من جهة في جسد حنفي وجعله الإعياء كالورقة التي تراخت قواها من أثر المياه , لم يشفع في قلب الضابط ما يعاني منه فأمر جنوده بتجريده من ملابسه كاملة ليصبح عاري تماماً أمامهم ففعلوا ما أمرهم به وسط مقاومة لم تكن قوية من حنفي الذي أنهك الضرب قواه , ربطوه بعدها من أقدامه وظلوا يضربونه واحداً تلو الآخر , حتى أنهكه الضرب فقدم الرائد بعصا غليظة وبكل قوة له وضعها في مؤخرة حنفي الذي ظل يصرخ ويصرخ حتى أنهكه الصراخ.
انتظرت قمر وصول آخاها إلي مقر النيابة هي وصديقها , مرت عليهما الساعات بطيئة كما لو كانت أيام , ساعتان كانوا مقدار انتظارهم ففي تمام الخامسة عصراً توقفت سيارة الترحيلات التي كان يوجد بها حنفي صدمهم منظره على الرغم من محاولة الضباط إخفاء ما فعلوا ولكن الإعياء كان واضح وضوح الشمس على ملامح حنفي حاولت أخته الوصول إليه ولكن أفراد الشرطة لم يوصلوها إليه , لم يحب حنفي يوماً أحمد لذلك أول ما رآه غضب بشدة وشتمه بأقبح الشتائم لدرجة أن غضب أحمد وكاد أن يترك قمر ويرحل لولا تدخل قمر التي صرخت بأعلى صوتها بأنهما الآن متزوجان وترجته أن يغفر لها كل ما فعلته لأنها تغيرت ولا تفكر في شيء الآن سوى خروجه من تلك الأزمة , اقتنع حنفي وارتاح لما قالت وفوجئ أحمد لما قالته ولكنه لم يعترض لأنه بالفعل سيتزوجها , سألها شقيقها عن أحوال أمها وأباها فأجابته بأنها لا تعلم عنهما شيئاً ولكنه يجب أن لا يفكر سوى في نفسه في تلك اللحظات كان
حارس غرفة وكيل النائب العام ينادي على حنفي ليبدأ تحقيقات النيابة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استيقظت حنيفة لتجد نفسها نائمة على سرير غير سريرها بداخل منزل لا تعلم عنه شيء نظرت إلي الساعة فوجدتها الثالثة ظهراً سمعت دقات على باب الغرفة فأذنت لمن يستأذن بالدخول فوجدتها سيدة المسجد التي رحبت بها في منزلها وتحدثت إليها لتزيح عنها القلق من وجودها في منزلها
"أكيد أنتيِ مستغربة من وجودك هنا , بس أنتيِ نمتيِ في المسجد وأنا إنسانة عارفه ربنا كويس ومهنش عليا أسيبك في المسجد لأن الحارس كان هيطردك , حاولت أنا ومجموعة من السيدات أن نوقظك بس ما قدرناش فرفعناكي من على الأرض وجبناكي عندي في بيتي , أرجوكي يا بنتي تعتبريني أمك وتحكيلي حكاية ولادك يا رب أقدر أساعدك أنا حفيدي وكيل نيابة وأبني مستشار أكحيلي يا بنتي واللي فيه الخير يقدموا ربنا"
" يا بنتي أبنك في محنة أدعي ربنا سبحانه وتعالى يطلعه منها ... أبنك هيحققوا معاه النهاردة الساعة خمسة بعد العصر إن شاء الله , بس أطمني حفيدي هو وكيل النيابة اللي هيحقق معاه فلو كان برئ تأكدي أنه هيخرج النهاردة ... ياللا قومي البسي إن شاء الله هنروح بعد العصر نحضر التحقيقات"
بعدما انتهت حنيفة من قص روايتها للسيدة العجوز طلبت منها السيدة أسم أبنها كاملاً وتركتها وقامت بأكثر من اتصال لتعود إليها بوجهٍ يملؤه الحزن وأخبرتها
"أنتي ليه بتعملي معايا كده؟ ... وليه أنا بالذات اللي تعطفي عليا وتساعديني المساعدات دى كلها؟ ... أرجوكي يا أمي فهميني أنا مش مصدقة أنه في ناس لسه طيبين في الزمن ده"
نظرت إليها حنيفة ثم سألتها
أخبرتها بأنها عندما وجدتها في المسجد تبكي أثر فيها بكائها ليس هذا فقط بل لأنها وبالفعل تشبه أبنتها الراحلة علاوة على ذلك شعورها بأنها ضحية مجتمع قاسي , كل تلك الأسباب كانت أسباب السيدة العجوز لمساعدة حنيفة والتي اقتنعت بما قالته السيدة العجوز , ترجتها السيدة العجوز بأن تذهب لتتوضأ لتصلي الظهر وتدعي الله مخلصة أن ينقذ أبنائها من هول ما يمرون به , قامت للصلاة حنيفة وبكت كما لم تبكي من قبل ودعت الله أن ينقذ أبنها مما هو فيه وأن يستر أبنتها في الدنيا والآخرة بعدها لبست ملابسها وذهبت لمقر النيابة العام فوجدت هناك أبنتها وصديقها فلم تستطع حتى أن تكلمهم فقط وجدت عيونها تزرف الدموع ندماً على أبنتها التي أضاعت جمالها ودينها تركت النيابة بعدما رأت أبنها وذهبت إلي المسجد لتصلي المغرب فوجدت السيدة العجوز التي طمأنتها على أبنها وقالت بأن الله لن
يتركه لأنه مظلوم كما خبرتها بأن حفيدها متعاطف معه وبأنه سيسمع كل ما سيقول ويحقق فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لم يتخيل عبد النعيم الطحان رجل الأعمال والسياسة الشهير أن وحيده سينتهي به الحال بتلك النهاية المأسوية , لقد صبر الكثير والكثير من الوقت حتى رزقه الله به , لم يبخل عليه بشيء كانت جميع طلباته أوامر ظل يدلل فيه بالأموال والسفريات المتواصلة لكل بقاع العالم , كانت تربية الشاب منفتحة على كل شيء فلم يكن يمانع والده إذا رأى وحيده مع فتاة بداخل غرفة نومه كان يعتبر ما يفعله وحيده هو نوع من الرجولة فكان يعد بذلك ويشجعه عليه , كان في السادسة عشر من عمره عندما كانت أول تجاربه الجنسية حتى أنه عندما وصل إلي سن الثلاثون من عمره كان قد مل جميع العلاقات الجنسية وظل يبحث عن الجديد في المتعة الجنسية إلي أن أوصله عقله للممارسة الجنسية مع الرجال وقد كان له ما تمنى وبدأ في ممارسة الرجال حتى عاد إليه الملل فبحث عن متعة جديدة فلم يجد أمامه إلا التحرش بالفتيات في الشوارع , كان والده في تلك الفترة خارج البلاد وكانت حالته تزداد سوءاًَ وفشلت أمه في أرضاء رغباته التي زادت عن الحد الطبيعي للعقل وأصبحت طباعه أقرب إلي الجنون منها إلي العقل , حاولت والدته إصلاح ما يمكن أصلاحه فخبرت والده بأنه يجب أن يتزوج وافقها والده على الفور وكان زفاف الشاب هو الحدث التي تحدثت عنه الكثير من الصحف المهتمة بأخبار رجال الأعمال ورجال الفن كان قد حضر الزفاف الكثير من الشخصيات العامة السياسية والفنية وتحدث الكثيرين فع فستان العروس الذي تكلف مائتان ألف دولار , كان من يشاهد الزفاف من الخارج يتوقع حياة سعيدة للعروسين ولكنهم خاب ظنهم فمع نسمات ثالث أيام زواجهما كانت أخبار العروسان انتقلت من صحف الفن والمشاهير إلي صحف الحوادث التي أبرزت أخبار موسعة عن مقتل عروس الزمالك الشهيرة على يد زوجها الشاب , كان الصدمة وقتها كبيرة على والداي الشاب اللذان أذهلهما الموقف وكان الإعدام مصير الشاب لا محالة لولا تدخل الطب النفسي الذي أثبت جنون الشاب الذي بواسطة والده نقل إلي مستشفي خاصة للأمراض النفسية التي هرب منها بعد ذلك ليمارس هوايته الجديدة في التحرش بالفتيات وسط زحمة القاهرة , يوم الحادث أتجه الشاب إلي موقف السيارات ونظر إلي السيارات ليختار ضحيته التي سيتحرش بها حتى رآها فتاة جميلة محجبة يجلس بجوارها شاباً يشبهها دخل إلي السيارة وهو لا يعلم حتى السيارة متجهه إلي أين ركب وتحرش بالفتاة لحظتها لم يشعر بالمتعة كما يحدث في كل المرات لم يفكر إلا في اكتشاف متعة جديدة لم يجربها بعد كان الجو هادئ داخل السيارة وجلس هو يبكي وكان الشعور بالضعف جديداً عليه فاستمد فيه ولكنه فكر في تجربه جديدة مرت إلي كيانه فجأة فأمسك بشفرة حلاقة كان يمتلكها دائماً وفكر قليلاً ثم قرر ما سيفعله فوضع الشفرة الحادة على شريان يده اليمني وقطعه لم يشعر بالألم وقتها ولكنه شعر بإحساس لم يشعر به من قبل ألا وهو شعور الموت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في غرفة أنيقة يجلس "خالد عبد الرحمن" وكيل النائب العام الشاب الوسيم الذي تنير وجهه الجميل زبيبة الصلاة التي تظهر في جبهته , أول ما رآه حنفي الذي كان الإجهاد والغل يملئانه شعر بالراحة وشعر لأول مرة منذ الأمس بالأمان , أمره وكيل النيابة بالجلوس وطلب له عصير ليمون وبدأ في التحقيق الذي أستمر لثلاث ساعات كاملة كان المحامي الذي وكلته قمر وصديقها يحاول أن يبرأ حنفي من كل التهم الموجهة إليه وكانت دفوع المحامي كلها منطقية وكان من الواضح اقتناع وكيل النيابة الذي قبل حنفي يديه أكثر من مرة حتى لا يعيده إلي ذلك القسم مرة أخرى , انتهت تحقيقات النيابة على الآتي
1/استمرار حبس المتهم "حنفي متولي" على ذمة القضية
2/الكشف الطبي على المتهم لبيان صحة أقواله
3/استدعاء "عبد النعيم الطحان" والد الشاب القتيل للتحقيق معه في حالة الشاب القتيل
4/استدعاء كلاً من الرائد "هشام الويشي" والمقدم "محمد شعلان" للتحقيق معهما فيما قاله المتهم
اعتبر محامي حنفي ما قررته النيابة نصراً له وخرج ليبشر قمر وأحمد اللذان انتهزا فترة التحقيقات وذهبا ليتمما زواجهما وظلا منتظرين حنفي الذي خرج منهكاً نظرت إليه شقيقته وابتسمت وطمأنته على زواجها , تركها بعدما بارك لها الزواج واعتذر على ما بدر منه لزوجها , أمر الضابط بجمع المتهمين ودع حنفي شقيقته عائداً إلي محبسه . لاحظ كل الحضور وجود رجل يبدوا من هيئته انه رجل من أصحاب النفوذ ظهر ذلك من كم حراسه وملابسه وملابس زوجته باهظي الثمن كان الكل داخل القاعة يترقب وينتظر بكل شغف ليعرف من هؤلاء وما الذي أحضرهم إلي النيابة وما هي إلا دقائق حتى استأذن محاميهم للدخول إلي وكيل النيابة الذي بدوره رحب بهم أشد ترحيب دخلا إليه وسألهم عن سبب مجيئهم فتحدث الرجل الذي كان الحزن يطغوا على ملامحه
أنا "عبد النعيم الطحان" وجاي أبرئ "حنفي متولي" المتهم بخطف أبني ... أبني يا باشا كان مجنون وأنا السبب في جنانه"
قالها وطغى البكاء على صوته وصوت زوجته ثم أتبع وقال
"فلوسي السبب في اللي حصل لأبني ... أنا اللي ضيعته ... أرجوك يا باشا خرج الشاب المحبوس , أرجوك يا باشا عاوز جثة أبني أدفنه"
تعاطف وكيل النيابة مع الرجل واستأذنه وزوجته في الجلوس وحاول تهدئتهما وطالب الطب الشرعي بسرعة فحص جثة الشاب , أراح ما قاله الرجل صدر"خالد عبد الرحمن" وقال في مخيلة نفسه "لقد أراحني الله من عقبة لتبرئة "حنفي" كان إحساسه الداخلي يشعر أن هذا الشاب برئ وأن هؤلاء الضباط بالفعل قاموا بتعذيبه وأجبروه على الاعتراف , كان ينتظر تقرير الطب الشرعي لقد علم الكثير عن تجاوزات الشرطة وينتظره الدليل فإذا ما ظهر الدليل فسيضع حداً لكل ما يحدث , أمر الرجل وزوجته بالرحيل وجلس يفكر في أحوال البلاد التي طغى الفساد على كل شيء وأصبح من كان المفروض هم حماة الناس أصبحوا جلاديهم وأصبح من يحكمون البلاد مجموعة من السارقين , تذكر وقت تخرجه من كلية الحقوق قال له جده "يجب أن تكمل مسيرتي لتحقيق العدل , يجب أن تدخل النيابة" حاولت أن أعارض جدي , حاولت أن أقول له بأنني لن أعمل في نظام فاسد ولكنه شجعني وقال لي يجب أن تعمل لكي تصلح ما تستطيع أن تصلحه , يجب أن تكون مثال لغيرك من الشباب شعرت بأن ما يقوله لي هو الحق وحمّلت نفسي من يوم تخرجي مسئولية إصلاح كل ما يمكن لي إصلاحه رنين هاتفه أجبر شلال ذكرياته عن التوقف خاصة عندما رأى رقم هو الأغلى لديه طوال حياته كان صوت جدته الحبيبة الحنون التي كلمته للمرة العاشرة لتذكره بقضية حنفي فجاوبها بنفس طريقته الجميلة في الرد عليها بأن حنفي لو كان برئ ولم يتركه أبداً في الحجز شكرته ودعت الله مخلصه أن يوفقه دائماً إلي فعل الخير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى اللقاء مع أحداث الجزء الرابع من العائلة ... أنتظروها يوم الأحد القادم
حمادة زيدان

Saturday, September 20, 2008

العائلة قصة طويلة

أحب أشكر كل من يتابعني ... إليكم الجزء الثاني من العائلة ... أتمنى أن ينال رضاكم وأن تتمهلوا في الحكم على القصة ... أرجوا للجميع قراءة ممتعة
,,,
العائلة
الجزء الثاني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملهى عيون بشارع الهرم يعتبره رواد الشارع هو الملتقى السياسي للملاهي الليلية بالشارع فكثيراً ما ترى سياسيين بارزين يأتون إليه يومياً لذلك فهذا الملهى هو الأكثر حراسة بين ملاهي الشارع جميعها ليست شهرة الملهي فقط سياسية فللملهى طبيعة فنية فهو من أكثر الملاهي التي تعج بالفنانين الكبار من أمثال عمرو دياب وأليسا لذلك فرواد الملهى ليسوا كأي رواد فتجدهم رجال أعمال ووزراء وفنانين تلك هي الأسباب التي جعلت من الملهى هو الملتقى السياسي للملاهي الليلية في الشارع الذي يعج بالملاهي الليلية , ولكن ما الأسباب التي أدت إلي تربع قمر على تلك المكانة داخل الملهى بل وما الذي جعلها تعمل في الملهى من الأساس ؟ إذا أردنا أن نعلم الأسباب الحقيقية وراء ذلك فكان من البديهي أن نفتش داخل شخصية قمر القوية الطموحة التي سخّرت جمالها لكي تصل إلي أهدافها فكانت جميع علاقتها التي بدأت من سن صغير كانت تأخذ من كل شاب ما تريده فكان هذا يساعدها بالأموال وهذا يساعدها بالعمل وهذا يكون للحب فقط وظلت تنتقل من شاب لآخر حتى التقت صدفة وعن طريق أحد أصدقائها بالشاب الذي بهره جمالها الفتان وجعله يقدم لها كل ما تتمني , فكان هو فارس أحلامها الذي أخذها من البارات والحانات الفقيرة إلي أعلي الملاهي الليلية في شارع الهرم حتى حدث لها ما تمنته منذ أول أيام عملها في هذا المجال وبدأت العمل في ملهي عيون الذي تدرجت في العمل فيه حتى وصلت إلي رئيسة عاملات وكانت قد حضرت في هذا اليوم في التاسعة من المساء وقد لاحظت من أول الليل أن هناك شخصاً مهماً سوف يهل عليهم سألت صديقها عن زائرهم لهذا اليوم والذي استدعي وجوده كل هذه الحراسة والذي حجز الصالة لنفسه في تلك الليلة . كانت تعلم أن فرصتها التي تنتظرها ستأتي عند وجود شخص هام كهذا وعندما علمت من هو تأكد ظنها وعلمت أن فرصتها التي لا يمكن لها أن تتنازل عنها جاءت إليها على طبقاً من ذهب سيحمله لها هذا الشخص ويقدمه لها كقربان لحبها أسرعت إلي غرفة ملابسها وحاولت بكل ما لديها من جمال أن تكون فاتنة فلبست فستاناً قصير يظهر أكثر ما يخفي من أفخاذها الممتلئة المثيرة وتعمدت فتح أول وثاني أزرار الفستان لتفسح المجال لثديها الجميل أن يتحرك بقوة مع كل تحرك من تحركاتها المتعمدة المثيرة , ظلت تستعد لفرصتها حتى دق هاتفها المحمول لتجد رقم والدتها لم تفكر في الرد فأغلقت هاتفها ووقفت تتزين أمام مرآتها حتى سمعت صوت دقات على باب الغرفة ففتحت الباب لتفاجئ بصديقها أحمد الذي ما إن رآها حتى تدافعت أمواج الشهوة بجسده حتى شعر بأنه سينفجر من شدة انبهاره بشكلها وجسدها الذي وجده اليوم أجمل من أي يوماً مضي , نظرت إليه وسألته عما يريد فأجابها بصوت لا يسمع
"الراجل اللي منتظراه هتشاركه الليلة لولي فهمي المغنية , هيحتفلوا بعيد ميلادها"
سكت لحظات ليلاحق أنفاسه التي تصاعدت وبشدة لا يعلم لها سبباً فهو رآها من قبل ذلك عارية تماماً فلماذا كل هذه اللهفة وهذا الشوق الليلة ولماذا زادت الشهوة عليه حتى ثار كالبركان الذي يود أن ينفجر , حاول أن يتم حديثه ولكنها سألته مندهشة من حالته التي لم تراها حتى في أوج حالتهما الجنسية
"مالك فيك إيه ؟ أنا أول مرة أشوفك كده ؟ أنت محسسني أنك أول مرة تشوفني ... فوق يبني أنا النهاردة مش فاضيالك خالص , لخص كنت عاوز إيه؟"
أفاقته حدتها في الكلام فأجابها بأنها يجب أن تغير خطتها وتكيفها حتى تنتصر على الفنانة , وفي نهاية حديثه ذكرها بأنهما يجب أن يذهبا الليلة إلي شقته لأنه في غاية الشوق إليها , تركته بعدها وذهبت لإتمام ملابسها وزينتها وكان قد حاول تقبيلها ولكنها رفضته ونهرته واتهمته بالمراهقة , تركها وهو يضغط على علبة سجائره حتى فتتها من شدة الرغبة التي تعصف به.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تمام منتصف الليل ومازالت حنيفة تحاول الوصول إلي أبنها الذي تبحث عنه من قسم إلي قسم ومن مركز إلي مركز ومن مستشفي إلي مستشفي حتى تعبت وحاولت الاتصال بابنتها أو زوجها ولكنهما هواتفهما مغلقة فلم تجد ما تفعله سوى الجلوس أمام قسم العمرانية الذي كان اتصال أبنها منه .
س / "ما قولك في هجومك الانتحاري على لجنة الشرطة المكلفة بحماية قسم الهرم والذي أسفر عن وإصابة الرائد "هشام بيه الويشي" وما تفسيرك عن وجود جثة "محمد عبد النعيم الطحان" داخل السيارة؟.
من داخل غرفة ضيقة من الغرف الموجودة بالدور الأرضي بقسم الهرم كان المقدم "محمد شعلان" يأخذ أقوال حنفي الذي حاول أن يوضح للضابط أقواله وأن يبرأ نفسه من تلك التهم ولكن لم يمهله مخبر القسم عندما ضربه بكفه على قفاه فانتفض جسد بأكمله وأجاب ودموع عينيه تتساقط
" والله يا باشا أنا مكنش قصدي الانتحاري اللي سياتك بتحكي فيه أنا فقدت سيطرتي على العربية بعد ما سمعت صوت البنت وهي بتصرخ والله يا باشا أنا معارفش معني كلمة انتحاري أصلاً"
لم تريح إجابته الضابط الذي تملكه الغضب فاعتدل وأمسك بعصا كهربائية صغيرة وعلى رأس حنفي كانت ضربته الأولي التي ارتج بها حنفي وقال للضابط أن ما حدث هو ما قاله ولا يعلم شيئاً عما يتحدثون عنه ظل الضابط لا يتحدث ولكنه نظر إلي المخبر الذي يقف خلف حنفي نظرة معبرة جعلت يد المخبر القوية تضرب قفا حنفي وبقوة جعلت رأس حنفي تضرب مكتب الضابط لينزف الدماء بعدها من فمه , عندها أعتدل الضابط وقال
س / "ما هو قولك فيما قاله هشام بيه الويشي بأنك تابع لنفس التنظيم اللي خطف السياح أمبارح وكان في نفس لحظة هجومك ع القسم؟"
لم يجد حنفي ما يجيب به الضابط سوى كلمة "مظلوم" التي ظل يرددها وطالب وقتها بشهادة ركاب السيارة بعدها تم نقله لزنزانة كان وقتها قد أنهكه الضرب وجعل جسده ينهار ليسقط فاقد الوعي ليفيق أخيراً على أصوات يعلمها جيداً كانت تضرب جسده وبقوة .
محمود نصار أسم يلمع في مصر منذ تسع سنوات بزغ أسمه فجأة عندما ضم إلي شركاته شركة الحديد القومية ليصبح بعد ذلك من أشهر رجال الأعمال في مصر , يرجع البعض فضل ما أصبح به هذا الملياردير الشاب إلي علاقته القوية والمتينة ببيت الرئاسة والتي جعلت منه عضواً هاماً ومؤثراً في الحزب الحاكم, ويرجعه البعض الآخر لعلاقاته الخارجية القوية بأمريكا وإسرائيل , يقال أن بدايات الملياردير الشاب كانت بملهى عيون حيث كان أحد أعضاء الفرقة قبل أن يختفي ويعود بكل هذه الملايين لذلك كان الملهى في ذلك اليوم يحاط بالأمن من كل جوانبه كما أحاط أكثر من ثلاثين رجلاً من أصحاب الأجساد الفولاذية ولكنهم ليسوا حراسة للملياردير الشاب ولكنهم حراسة لصديقته الفنانة الشهير لولي فهمي التي جاءت معه لتحتفل بعيد ميلادها بعدما حجز لها الصالة حتى يكونا بعيدين عن المتطفلين من الصحافة والإعلام , كانت لولي هذا اليوم فاتنة فقد كانت ترتدي فستاناً أسود اللون مطعم ببعض فصوص الماس الحر وكان فستانها يجعلها كالملكة المضيئة على عرشها ولكن خفت ضوءها عندما ظهرت قمر بجسدها الطري الجميل كانت حاملة معها كأسان من النبيذ الفاخر الموضوع في كؤوس يغطيها الذهب الخالص , في تلك الليلة أظهرت قمر أنوثتها بشكل ملفت حتى أن محمود بك قام أكثر من مرة ورقص معها رقصات خليعة جعلت الفنانة تشعر بالغيرة وتهدده بتركها السهرة في الحال ولكنه كان يهدئها بالكلمات أحياناً وبالقبلات أحيان أخري وظلت السهرة ما بين شد وجذب ما بين الفنانة وبين الفتيات العاملات بالملهي وعلى رأسهن قمر حتى حدثت المفاجأة ألكبري عندما ضربت قمر كأس من الخمر على فستان الفنانة مما جعلها تنهار وتسب قمر بل وشاركها الملياردير غضباً وسباً لتنتهي الليلة على غير ما توقعت وخططت قمر طوال اليوم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذهبت قمر وبعد انتهاء الليلة مع صديقها إلي منزله تملئها نار الحقد وتملئه نار العشق التي جعلت صورتها تملئ كل كيانه الأمر الذي جعله يسرع بسيارته وجعلها تحذره من سرعة القيادة حتى وصلا إلي منزله وقتها لم يشعر أحمد بنفسه وهجم عليها كالثور الهائج وأخذ يقبلها في وجهها وجسدها قاومته هي ولكن مقاومتها كانت مقاومة تدلل ورغبة حتى أنها عندما رفعها وأخذها إلي غرفة نومه لم تقاومه لن تحاول أن توقفه وهو يعبث بكل منطقة بجسدها لتنتقل نار الشوق من جسده إلي جسدها فكانت من كثرة الشوق الذي أجتاحها تصرخ من فرط اللذة والألم التي وحدت من جسديهما ليصبحا جسداً واحداً , حاولت قمر أن توقف اجتياح أحمد لجسدها الذي لا ينتهي , حاولت أن تحافظ على ما تبقي من عذريتها , حاولت أن تخرج من حربها منتصرة كعادتها دائماً ولكن يبدو أن تلك الليلة كانت ليلة الهزائم فلم تفق إلا على قطرات الدماء الدافئة التي تساقطت من مهبلها عندها أفاقت وعندها همدت شهوة أحمد فنام بجوارها ولم تدري هي إلا لدموعها التي تساقطت من عينيها الجميلتين فأخذها أحمد ما بين أحضانه وهو يطيب من خاطرها ويثبت لها بأنهما مازالا على عهدهما وبأنه مستعد للزواج منها الآن لو أمرته هي بذلك أجابته بأن الساعة الآن السادسة صباحاً ولم يجدا مأذون ليتم عرسهما تركته وقامت إلي الحمام لتسكب على جسدها المياه الساخنة علها تنسيها ما مر بها تلك الليلة ولكنه لم يتركها وذهب عارياً إلي الحمام خلفها وأخذ يقبلها حتى راحا في وصلة أخرى من الحب تحت المياه الساخنة.
تركت قمر وصديقها جسديهما للنوم بعد ما انتهوا من أربع وصلات للحب فناما عاريان يحيطان ذراعيهما ببعض , كانت الساعة العاشرة من الصباح عندما أعلن هاتف قمر المحمول عن استقبال مكالمة جديدة ظل الرنين بدون توقف الأمر الذي جعل قمر تقوم من نومتها التي كانت أشبة بالموت ففتحت التليفون لتجد صوت أمها الذي كان يكلمها بألم وحسرة شديدتين فعلمت منها بأن آخاها محبوس من ليلة الأمس ولم تعلم عنه شيئاً فما كان من قمر إلا أن أيقظت صديقها الذي قام مفزوعاً فأخبرها بأن لا تقلق لأنه يعرف الكثيرين من ضباط الشرطة ومن المؤكد أن يجدوا لهم حل في تلك المشكلة , أسرعا في ارتداء ملابسهما وخرجا من المنزل ليستقلا سيارته وذهبا أولاً إلي قسم العمرانية وسألوا عن آخاها الذي لم يجدوه بداخله وأخبرهما أحد المخبرين كبار السن بأن هناك سيارة أجرة تم القبض على سائقها والركاب بالأمس وتم نقلهم إلي النيابة صباح هذا اليوم , تركته قمر وصديقها وذهبا إلي النيابة
منتظرين قدوم آخاها ليعرفا سبب ما هو فيه الآن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ظلت حنيفة طوال الليل أمام القسم وعندما تعبت رجعت إلي منزلها لتبحث عن زوجها لتخبره بما أصاب أبنهما فلم تجده أيضاً فظلت تسأل عنه كل جيرانها فأجابها جميعهم زوجها لن يعود طوال الليل فزادت حيرتها وحزنها وحاولت وقتها الاتصال بقمر فكان هاتفها مازال مغلقاً ولكنها أجابت في نهاية الأمر فأخبرتها بأن آخاها محبوس ولم تخبرها بغياب والدها لأنها تعلم أن غيابه لن يؤثر على أبنتها لذلك تركت لأبنتها البحث عن آخاها وبدأت هي و بالرغم كل هذا التعب الذي يضغط على جسدها ظلت تبحث عن زوجها حتى كانت الخامسة من مساء اليوم الثاني عندها تعبت ولم تجد إلا مسجداً فدخلت وتوضأت وصلت وبكت في صلاتها لأنها لم تدخل مسجداً بل ولم تصلي من قبل شعرت براحة ملئت جسدها بأكمله فظلت تصلي والدموع تملئ عينيها حتى أذن المؤذن لموعد صلاة المغرب وأعقبها صلاة العشاء فصليتهما وجلست تبكي حالها فلاحظتها امرأة وهنه في السن بيضاء الوجه كالقمر فتقربت إليها وسألتها بصوتٍ حنون
"ماذا يبكيكي؟ الدنيا أبسط بكثير مما نحسبه" , سكتت برهة كانت تستعيد بها أنفاسها ثم أكملت "أبنتي العزيزة أرجوا من الله أن يكون بكاءك على ذنبٍ فعلتيه وليس على شيءٍ دنيوي فالدنيا بكل ما فيها هي مرحلة لما هو قادم حاولي أن تهدئي فسبحانه يغفر الذنوب جميعاً"
نظرت إليها حنيفة نظرة حنونة ووجدت لسانها ينطق بكل ما عانيت منه طوال حياتها وظلت تحكي لها عما فعلته في أبناءها وكم هي حزينة لما وصلا إليه ظلت تحكي وتحكي حتى غابت في النوم الأمر الذي جعل المرأة الكبيرة العجوز تيقظها لتأخذها معها إلى منزلها
,,,,
موعدنا الأربعاء القادم مع الجزء الثالث
حمادة زيدان

Wednesday, September 17, 2008

العائلة قصة طويلة

بعتذر لكل متابعي قصة حميدة لأني في ظروف حالت دون نشرها ... وقريباً هحاول أنشر باقي أجزائها ... المهم أنا جاي النهاردة بقصة طويلة , وإن شاء الله هنشرها كاملة على 3 أجزاء على الأكثر , أتمنى أنه القصة تعجبكم وأسف جداً
على تكملة حميدة في الوقت الحالي , ورمضان كريم
العائلة
الجزء الأول

الخامسة من الصباح السكون والهدوء يملئون المكان الذي كان قبل ذلك بساعتين أو أكثر يعج بأصوات الباعة وأصوات السكان الذين لا يسكتون أبداً عن الضوضاء لا تسمع الآن سوى قرقرة الشيشة التي يدخنها متولي وزوجته اللذان يجلسان على كنبة متهالكة من الخشب القديم , متولي في الخامسة والخمسين من العمر هيئته وشكله يوحي بأنه أكبر من هذا سناً يعمل متولي معظم اليوم ليعود في الثانية عشر مساء ليجد زوجته وقد هندمت من ملابسها ووضعت ما تيسر لها من مساحيق التجميل زهيدة السعر لتلطخ به وجهها الذي على الرغم من أن الكبر قد أصابه إلا أنه مازال يحتفظ بجماله الذي جعلها وعلى الرغم من تعديها الأربعين من عمرها أجمل امرأة في الحي لا تنافسها على الجمال سوى أبنتها قمر التي تخطت والدتها في جمالها مما جعلها جميلة عزبة القرود عن حق وجعلها تجد عملاً في ملهي من ملاهي شارع الهرم بكل سهولة ويسر يحاول متولي وزوجته أن يملئا فراغ الليل وهو الفترة الوحيد التي يكونا على راحتهما في الليل لذلك يبدأ فترة الليل بممارسة حقهما الشرعي في الحياة والذي وعلى الرغم من كبر سنهما إلا أنه دائماً ما يكون حاراً جداً حتى أن صوت حنيفة في كل ليلة يخرج خارج منزلهما من أثر النشوة ليجدا أحد المتطفلين ينطق بجملة أو كلمة يحاول بها أن يستفزهما ودائماً ما تنتهي وصلة الغرام بخناقة مع أحد الجيران المتطفل لتبدأ بعدها مراسم باقي الليلة مع معشقوهما الذي يعمل من أجله متولي معظم اليوم ليتحصل في نهاية اليوم على قرش حشيش يجلسان طوال الليل ليدخنا فيه , كادت الليلة أن تمر كسابق الليالي ولكنهما أفاقا على صوت أذان الفجر ليفاجئا أن قمر تأخرت في عملها هذا اليوم فموعدها يومياً هو الساعة الثانية بعد منتصف الليل والساعة الآن الخامسة فجراً فأين قمر الآن خاصة أن هاتفها المحمول مغلق من أول الليل كان هذا هو سؤال حنيفة لزوجها الذي أفاق على صوتها ليجيبها بأنها ربما تتسكع في شوارع القاهرة مع صديقها الذي يعمل طبالاً في نفس الملهي الذي تعمل فيه جوابه لن يطفئ النار التي اشتعلت في صدر حنيفة قلقاً على أبنتها التي تتحسر على جمالها وشرفها وكرامتها الذين سرقوا منها بعد عملها في هذا الملهى وأصبح جمالها الأخاذ نقمتها في الحياة كلما تنظر إليه حنيفة تشعر بقهر الفقر الذي جعل من وحيدتها فتاة سيئة السمعة كما يردد معظم من في الحارة , خرج متولي إلي زوجته ونصحها بالمكوث في المنزل فالجو بارد جداً بالخارج وأبنتهما ستعود لأنها قوية ولا يخاف عليها أبداً
في عمارة من عمارات مدينة نصر الفاخرة خرجت قمر والساعة تعدت الخامسة صباحاً كان بصحبتها ضابط شرطة يعمل في شرطة الآداب كانت تعتبره قمر هو الحامي لها من بلطجة الأمن وبلطجة فتوات شارع الهرم الذين ينتشرون على طول الشارع وعرضه , كانت تعلم أن هذا الضابط وعلى الرغم من قسوته معها ومعاملته لها كما لو كانت جارية وتلذذه بمعاملته الجنسية القاسية معها فأنها كانت تعلم بأنها إذا تركته فإن حياتها ستدمر كانا يذهبا معاً كل خميس عقب انتهاء فترة عملها إلي شقته الفاخرة ليقوما بممارسة الجنس الذي كان يحاول فيه صديقها الضابط أن يتلذذ بكل منطقة في جسدها العامر الطري كانت تفعل كل ما يريده منها ولكنها في نهاية الأمر كانت تعلم كيف تحافظ على بكاريتها كما هي لذلك هي تفعل ما يحلو لها ولكنها في النهاية عذراء ويمكن لها الزواج في أي وقت تريده , الساعة السادسة من صباح اليوم ومازالت حنيفة تنتظر خارج منزلها ومعها مجموعة من صديقتها اللاتي تجمعن ليهدءوا من روعها وقلقها هذا عن حنيفة أما عن زوجها فقد كان الحشيش الذي شربه جعله ينام تاركاً خلفه كل هموم الدنيا ولم يسأل في أبنته التي لم تعود إلي الآن ولا حتى زوجته التي تقف منذ الليل خارج المنزل ولا حتى عن أبنه الذي أخذ السيارة التي يعمل عليها للبحث عن قمر التي جاءت أخيراً في السابعة من صباح اليوم الأول لتجد جميع من في الحارة يسألها أين كانت وتجد والدتها ومعها جمع من النساء ينتظراها خارج باب المنزل وما أن رأتها أمها حتى قذفت في وجهها بعصا كانت تحملها وحاولت أن تضربها لولا تجمع النسوة حولها ليمنعوها مما جعل قمر تتقدم إليها وهي تصرخ بأعلى صوتها
"اضربيني لو كان الضرب هيريحك , اضربيني وأمريني أكون في البيت زى كل البنات , اضربيني منتظرة إيه"
لم تتكلم أمها وتركتها ودخلت منزلها ثم تبعتها قمر عندها وصل حنفي وتبعهما بالدخول وأغلقوا باب منزلهم , داخل المنزل خيم الصمت على الموقف إلي أن تحدث إليها حنفي بطيبته المعهودة إليها
"كنتي فين يا قمر , حرام عليكي سمعتنا باظت في الحارة وأنتي السبب , أخرتها معاكي إيه يا أختي , الناس كلت بوشنا عيش"
لم تجيبه ولكنها نظرت إليه وبكت وارتمت في حضنه وهي تهمهم "سامحني يا أخويا" حضنها أخاها وقبلها وتركها لتنام ويذهب هو إلي عمله وكانت الساعة قد جاوزت الثانية عشر من ظهر اليوم , جهزت حنيفة لأبنها وجبة الإفطار التي لا تخلوا دائماً من الفول والفلافل الساخنة التي أكلها حنفي ليودع أمه وأخته ويذهب إلي عمله تاركاً والدته وأخته يستعدان للنوم بعد ليلاً ساخناً أنهكهما وجعلهم ينامون عقب خروج حنفي من المنزل.
الواحدة من الظهيرة داخل سيارة حنفي الأجرة الركاب يتدافعون الواحد تلو الآخر فها هو شاب في العشرين من العمر تركب بجواره فتاة يظهر من تقارب الشكل بينهما بأنهما أخوات يجاورهما شاب في الثلاثين من العمر أو يزيد جسده بدين وملابسه غير منتظمة يركب بعده رجلاًَ يبدو من طريقة كلامه وملابسه بأنه من الصعيد ركبت بعدهما امرأة بدينة يساعدها أبنها للركوب تدافع بعدها الركاب للركوب لتمتلئ السيارة عن آخرها وتبدأ رحلة الركاب التي تمتد لمدة ساعة ونصف , السيارة تمضي في طريقها والركاب كلاً يتحدث في موضوع خاص به فمنهم هذا الصعيدي الذي يتحدث بصوت عالي دائماً عن مشاكله التي لا تنتهي مع أبن عمه وتلك البدينة التي جلست لتؤنب أبنها الذي رسب في امتحان من امتحانات الشهر وهذا وذاك كلاً يتحدث في مشاكله الخاصة وحنفي يقود السيارة وأحزانه وقلقه الدائم على أخته الجميلة لا ينتهي , كادت الرحلة أن تنتهي بسلام لولا أن صوت الفتاة الشابة أرتفع فجأة لتسب الشاب البدين وكان صوتها كالقنبلة التي اشتعل فتيلها فجأة في وجه كل الركاب مما جعلهم يصيحون بأعلى أصواتهم ليشتموا جميعاً الشاب بل وحاول شقيقها أن يضربه ولكن خلصه جميع الركاب الذين تدافعوا داخل السيارة ليحدث هرج داخل السيارة مما جعل حنفي يتوقف عن المسير للحظات ولكن لوجوده داخل الشارع الهرم والساعة الواحدة والنصف ظهراً فلم يستطع أن يتوقف أكثر من دقائق معدودة وبعدها تحرك تاركاً الركاب خلفه جميعهم يشتمون ويسبون في الشاب البدين الذي ظل صامتاً لتستمر الرحلة بعدها وصت صمت طبق على أفواه كل الركاب ولكن الشاب الذي ظل يبكي ويبكي لينهار تماماً وهو يقول
"أنا والله مجتش عندها كل اللي كنت عوزه أني ألمس الحجات اللي طول عمري محروم منها ... أنا عندي 36 سنة ومش متجوز ومش عارف أتجوز وبسبب بدانتي معاملتش ولا علاقة مع أي بنت طول حياتي ... البنات مش بترحمنا بلسبها والماكياج اللي بيلطخوا بيه خلقتهم"كان حديث الشاب قد أحدث انقلاب بين الركاب فمنهم من وافق الشاب فيما يقول وانتقل باللوم والعتب من الشاب إلي الفتاة ومنهم من دافع عن حرية الفتيات فيما يلبسن واستمرت الرحلة واستمر انهيار الشاب البدين الذي لا ينتهي , لم ينتهي نحيب الشاب إلا للحظات ليتعالي بعدها صوت الفتاة مرة أخري ولكنها في
تلك اللحظات كان مليئاً بالذعر والرعب الذي لم ينتهي أبداً بنهاية الرحلة
السابعة من المساء ومن داخل منزل حنفي تقف قمر لتتزين ملابسها بسيطة فهي عباءة سوداء تلبس فوقها حجاب من نفس اللون ويبدو أن ما حدث بالأمس يؤثر على علاقتها بوالدتها فهما موجدتان في منزل واحد ولم تكلم إحداهن الأخرى كما لو كانتا غريبتان فقمر من ناحيتها لا تحب أمها لأنها تعتبرها هي سبب ما تعاني منه فهي التي أخذتها معها وهي صغيرة إلي البيوت التي كانت تخدم فيها لتساعدها بسببها تعرفت على الشاب الذي أخذها ومن سن صغير إلي الملهى الليلي الذي ظلت تعمل فيه لمدة أربعة سنوات كانت وقتها قد بلغت عشرون عاماً وتعرفت على صديقها أحمد الذي كان يعمل طبالاً جذبه جمالها الطاغي وجذبتها وسامته فتعرفا على بعضهما وأحبته بصدق وأحبها ولكن حبهما كانت تغلب عليه المصلحة فكانا وعلى الرغم من حبهما لا يمانع أبداً إذا رآها تغازل أحداً من رواد الملهى بل وكان يعلم علاقتها بضابط الشرطة وكان لا يمانع أبداً في ذلك لأنه يعتبر كل ما تفعله هو فداء لاستمرار حبهما , أما عن علاقتهما الجنسية فكانت يغلب عليها العقل فكانا يمارسا الجنس الذي يطفئ حبهما ولكن دون أن تمس عذريتها حتى لا يفقدوا حبهما قبل الزواج فكانا يعتبران أن غشاء بكارتها هو الأساس القوى لاستمرار حبهما فإذا أنفض أنفضت معه علاقتهما إلي الأبد , حاولت والدتها أن تكلمها ولكن قمر لن تعطي لها أي اهتمام حاولت أن تعلم أين كانت بالأمس ولماذا أغلقت هاتفها ولكن قمر لم تستجيب لتوسلاتها لتجيبها وأخذت حقيبتها وقبل أن تغلق الباب قالت لأمها وببرود مقصود
"أنا بنت سيئة السمعة وأفضل ليكم تتبروا مني , وسبيني بقي أروح أشوف لقمة عيشي"
,,,,
انتهى الجزء الأول من القصة وموعدنا الأحد القادم مع الجزء الثاني
اخوكم
حمادة زيدان

Thursday, September 11, 2008

حدث في الليل

مجموعة من اللقطات أو القصص كما تودون تسميتهم ,,, المجموعة قصيرة جداً أتمني أن تنال رضاكم
لماذا
ــــــــــــــ
صرخ الشاب , حاول التهجم عليها , الجميع يحاولون منعه , "لا تضربها يا أبني" هكذا قال الأب , "يا أبني لا تفضحنا
الجميع نائمون والدنيا ليل" هكذا صرخت أمه , "أنتم من رفضتم زواجنا ... فلا تلومنا" ... حاولت الأم تهدءته , حاول الجميع الهدوء , وقت السحور قد آن , سكت الشاب , بكت الفتاة , حضن الشاب شقيقته , "ربنا يهديكم" هكذا قالت الأم , "سامحني يا أخي" هكذا قالت الفتاة , "الطعام , الطعام" هكذا قال الأب , اجتمعت الأسرة على الطبلية منتظرين قدوم طعام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيرة
ــــــــــــــ
سألته "ماذا فعلت في عملك؟" أجابها "وماذا سأفعل؟ ما باليد حيلة" "وماذا سنفعل في هذا الشهر , ليس لدينا مال لتغذية هذا الطفل ... خاب حظي من يوم ارتباطنا" هذا ما قالته , لم يجيبها ولكن تساقطت دمعتان من وجهه , نظرة إليه نظرة حانية وأخذته بين أحضانها "سيفرجها الله , لن يتركنا الله لا تقلقي , من الغد سأبحث عن عمل جديد يكفي حاجة طفلنا ,
لا تقلقي , الله معنا" هكذا قال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هكذا قالت
ـــــــــــــــــــــــــ
الجو حار أتركني" سرير صغير , ينام فوقه شخصان , غرفة صغيرة , تنيرها لمبة صغيرة الحجم , الباب مغلق , لا تسمع سوى صوت احتكاك الجسدان بعضهم ببعض , وصوت اهتزاز السرير , رجل مندفع يهتز جسده بقوة , وامرأة لا تتحرك , الدموع تملئ وجه المرأة , والعرق يملئ جسد الرجل , الرجل انتهى مما كان فيه , نهضت المرأة وأخذت تلملم في جسدها العاري , جلس الرجل على حافة السرير ينفخ دخان سيجارته "لماذا لم تتجاوبي معي؟" هكذا سألها , انتظر الإجابة , لم تجيبه , "هل حبنا انتهى؟ , لماذا لم تقابليني القبلات بالقبلات" انتظر الإجابة لم تجيبه , نفخ في سيجارته حتى أنهاها , ترك السرير عارياً , فتح باب الغرفة , دخل إلى الحمام , فتح الصنبور , الماء الساخن يتساقط فوق جسده العاري , خرجت من غرفتها , فتحت عليه الحمام , نظرت إلى جسده العاري "طلقني" هكذا قالت , لم يجيبها , نظرت إليه نظرة أخيرة وأخذت حقيبتها وتركت له المنزل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رد الجميل
ـــــــــــــــــ
سألها "أين الأولاد" أجابت "نائمين" , "أبنائك كبروا وهم من يعيلونا , لقد عادوا منهكين وهم الآن نائمون , لا أدري كيف سأوقظهم من نومهم هذا للسحور" أدمعت عين الرجل , وانكسر وجهه , فأطبقت المرأة على يداه وقبلتهما , خرج شابان من غرفتهما , "لا يهمك يا أبي لقد وجدنا الله لخدمك" هكذا قال الشاب الأول , "نحن طوع يديك يا أبي تفعل بنا ما تشاء" , "أحضري طعام السحور" هكذا قال الأب بعد أن حضن أبناه وقبل رأسيهما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زوجة وأم
ــــــــــــــــــــــ
أللهم بلغني الحج هذا العام" هكذا قالت تلك المرأة التي هرمت في السن , "لا تقلقي يا أماه , الحج هذا العام من نصيبك" هكذا قال الابن , "لقد كبرت وهرم سني أخاف الموت قبل أن أزور بيت الله" قالتها العجوز , قبلها الابن , "هذا ما ينقصنا في ظل تلك الظروف السوداء أن تحجي" هذا ما قالته زوجة الابن , "أخرسي يا امرأة وهيا قومي بتجهيز الطعام" قالها الابن بعد أن ضرب الزوجة على كتفها وحضن الأم مقبلاً رأسها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السارقان
ــــــــــــــــــ
"ماذا بك أهذه أول مرة تسرق بها" , "نحن في رمضان يا رجل" , "ولماذا أطعتني في السرقة؟" , "الحوجة يا رجل هي ما جعلتني أسرق" , "إذاً لا تنطق وحاول أن تفتح ذلك الباب بهدوء" رجلان يرتديان ما يخفي وجوههم , يحاولان أن يفتحا تلك الشقة المغلقة , لقد سافر سكانها في زيارة للأهل في رمضان , الساعة الثالثة فجراً , الجميع ينتظرون طعام الأسحار , "الباب أنفتح هيا أعلم أن سكان تلك الشقة متيسرين" نطقها أحد الرجلين , دخلا الشقة وبدءا في كنز كل ما كان أمامهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صلاة
ــــــــــــــــ
وقف على سجادة الصلاة , قرأ الفاتحة , "ليس أمامك اختيار" قرأ سورة الإخلاص , رفع يديه وكبر "الله أكبر" ركع "أنت فاشل وليس لك مستقبل" هكذا استمع "سبحان ربي العظيم , سبحان ربي العظيم , سبحان ربي العظيم" هكذا همهم , رفع جسده من الركوع ليستعد للسجود , "لقد حاولت أن أبني لنفسي مستقبلاً , ولكنني لم أجد من يساعدني" هكذا حدثته نفسه , "سبحان ربي الأعلى , سبحان ربي الأعلى , سبحان ربي الأعلى" , "الله وكيلك" , هكذا استمع إلى صوت أمه , "ساعدني يا رب , لقد تعبت , أنت وكيلي , أنت وكيلي , أنت وكيلي" قالها في سجوده , "الله أكبر , الله أكبر" هكذا استمع , "أحمد يا ولدي , قم من نومك , لقد حان وقت الصلاة" هكذا قالت الأم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في النهاية ,,,, وحشتوني جداً جداً جداً ورمضان كريم على الجميع
حمادة زيدان


Thursday, September 4, 2008

صراع ... قصة قصيرة

أولاَ رمضان كريم للجميع ... وأسف جداً على التقصير .... كمان أحب كل الناس تشاهد برنامج الأستاذ عمرو خالد لأنه يستحق المشاهدة
الانتحار ... الانتحار ... الانتحار
كلمة ظللت أكررها طوال حياتي –, لقد قررت أن انتحر , نعم سيكون الانتحار مصيري , هل ستكفرونني ؟.. لا يهم ... هل ستتهمونني بالجنون ؟.. لا يهم ... كل ما يهمني الآن هو الخلاص , هي النهاية , لقد جمعت ما تبقي لي من ذكريات ودخلت إلي حجرتي وبدأت نبش الذكريات , تلك صوري التي تصورتها طوال حياتي , وتلك أوراقي التي جمعتها منذ مولدي إلي الآن – عندما نظرت إلي تلك الصور شعرت بمدى غبائي لقد رأيتني في معظم الصور باسماً , ضاحكاً , رأيت أمي تحضنني بعطف وضحكتها الجميلة تملأ وجهها , شعرت الآن بمدى شوقي إليها وكرهت غبائي في معاملتي لها , وكرهت والدي الذي بسببه لم يطول عمر أمي أكثر من ذلك , نظرت إلي صور والدي نظرة حقد وغل , هو ينظر الآن ضاحكاً يملئوه الحب الظاهري , كم كان ظالماً , كم كان أنانياً , لم أكرهه يوماً , ولكنه كرهني من يوم مولدي ولا أعلم سبباً لذلك , نظرت إليه , حادثته , لما لا يجبيني , هل لأنه أصبح الآن مجرد صورة , لا أدري , هل لأنه أصبح الآن في دنيا أخرى , لا أدري , كنت أود أن يسمعني , كنت أود أن يسمع توسلاتي إليه عندما أمرني أن أدخل كلية الطب , توسلت إليه , قبلت قدميه , "يا أبي لا أود أن أكون طبيباً" لم يستمع إلي توسلاتي , كنت أود أن يسمع توسلاتي عندما أمرني بالزواج من تلك المتكبرة المجنونة ليس لسبب سوى ذلك الموقف السخيف الذي وضعني القدر به , كنت أود أن يستمع إلي توسلاتي عندما رأيته يقتل أمي أمام عيني ... "يا والدي أمي لم تفعل شيئاً ... يا أبي لم يكن هذا الرجل سوى مدرسي الخاص ... يا والدي كيف تتجرأ وتقتل أمي" – كنت وقتها في المرحلة الابتدائية , وكانت أمي جميلة , رشيقة , متألقة , وكان أبي يغار عليها بشدة , كان يحتفظ بها كما يحتفظ بكنوزه التي كان قصرنا الفاخر يمتلأ بها , كان اليوم الذي جاء إلينا مدرسي في المنزل , كنت مازالت صغيراً , كانت والدتي تستقبله سراً , وكنت أنا أنتظره خائفاً ككل الأطفال في سني , ولكنه كان يأتي والحب يملئ عينيه , كان أقرب إلي من والدي , كنت أشعر بأنه يحبني, فكم حادثتني أماه عن حبها القديم , , كانت تقول لي دائماً هذا الأستاذ يحبك كما يحبك أباك , كنت أشعر بحبه لي الذي يفوق حب أبي لي بمراحل , كان اليوم يوماً عادياً ذهب أبي ليدير أعماله الكثيرة , وجاء الأستاذ , رحبت به أمي أشد ترحيب , بدأنا الدرس , لم يمر أكثر من ربع الساعة وانتهى الدرس , تركت أستاذي وأمي وخرجت , جلست في غرفتي لأستذكر ما تحصلت عليه من معلومات اليوم , سمعت صوت أبي يصرخ , سمعت صوت أمي تترجي , سمعت صوت أستاذي يهدد , نزلت درجات السلم بهرولة , وصلت إلي الغرفة , استمعت إلي أبي وهو يذكر كلمة الخيانة كثيراً , وأمي تبرأ نفسها وتذكر له أن من معها هو أستاذي , رأيت أبي يخرج سلاحه ويصوبه ناحية أمي , توسلت إليه كثيراً , قبلت قدمه , قبلت يديه , حاولت أن أرجعه , ولكنه لم يستمع إلي وفي لحظات كانت أمي قد انتهت أمام عيني وأبي الذي كان قبلها يغدق علي بالهدايا أصبحت من يومها كما لو كنت عدواً له , وبعدما تخلص هو من الأحكام التي حوكم بها لقتله أمي , علمت بعد ذلك بأنه جمع أربعة شهود واتهم أمي بالزنا الذي كنت وقتها لا أعلم أنه وصمة عار ستلازمني طوال حياتي , تزوج أبي بعدها من صديقة أمي التي كنت أظنها تحبني وتحب أمي من قبلها .
تبدّلت الحياة من بعدها , أصبحت أعيش في جناح الخدم بقصرنا , أصبح الخدم هم أهلي وعائلتي , كنت أعمل طوال النهار وأذاكر طوال الليل وبعدما تخرجت بمجموع يؤهلني أن أدخل الكلية التي ظللت أحلم بها طوال حياتي وجدته يظهر مرة أخرى ليجبرني مرةً أخرى على دخول كلية الطب ليس لسبب إلا حبه للمظاهر الكاذبة , دخلت كلية الطب كما أراد ولا أنكر أن معاملته تغيرت معي , بدأ من وقتها يحاول أرضائي بشتى الطرق حتى شعرت أخيراً أن لي أباً أتوكأ عليه من غدر الزمان , حتى كان ذلك اليوم الذي استيقظت في غرفتي لأجد بنت زوجة أبي تعتصر جسدي وهي كاشفة عن نهديها , فزعت مما رأيت , حاولت أن أتخلص منها ولكنني فشلت , حاولت أن تقبلني , نهرتها , وجدتها تتقرب أكثر حتى تلاحمت أفواهنا , وبدأت الثورة التي كانت نائمة تستيقظ , حتى أنني قبلتها في معظم أجزاء جسدها الطري اللذيذ , كانت هي تتأوه بصوتٍ عالي لا أعلم له سبب حاولت أن أسكتها ولكنني فشلت , وكانت المفاجأة عندما رأيت والدي وأمها يدخلان علينا ونحن في وضعنا هذا , حاولت أن أوضح لأبي ما حدث ولكنه كان لا يفهم , وجدته يثور ويسبني بأمي , عندها لم أدري بما فعلت فقد كانت أول مرة أحاول أن أنهر والدي , وقتها تحدثت زوجة أبي ووجدتها تأمرني بأن أتزوج أبنتها وعندها تنتهي المشكلة , توقف أبي عن سبابه , وتوقفت أنا عن تهوري , وحاولت أن أصرخ وأقول لن أتزوج تلك الفتاة ولكن صرخاتي توقفت داخل حلقي ووجدتني عريساً وبجواري عروس وفي ليلة كبري تجمع فيها الكثير من المعازيم لينتهي بي الأمر أنا وتلك الفتاة في غرفة واحدة.
كانت حياتي مع تلك الفتاة باردة , فاترة , لا أتذكر أنني مارست معها الجنس سوى مرات معدودة , أما عنها هي فهي كانت كالخاتم في أصبع أمها التي كانت تحركها كما تشاء , أما عن أبي فقد زاد من حماقته وكتب نصف ميراثه لزوجته وأبنتها , لم أمانع في ذلك , استيقظت يوماً على صوت أبي وهو يوقظني من النوم أفقت من نومي وأنا أشعر بالخوف يتملكني ماذا يريد هذا الرجل أكثر من ذلك , حدثني في البداية عن تاريخ أمي وما فعلته مع أستاذي , وأخبرني ولأول مرة أن هذا الأستاذ كان يحب أمي قبل أن يتزوجها وأن أمي خانته وأنها تستحق القتل – لم يحتمل جسدي كل هذا فأعلن عن استسلامه الفوري عن كل ما يحدث ورحت في غيبوبة لم أفق بعدها لمدة لا أعلمها , وعندما استيقظت استمعت إلي ما لم أتوقع أن أستمع إليه طوال حياتي.
كانت البداية مع زوجة أبي التي كانت تمثل دور المهتمة بي وأنا في غيبوبتي , صحوت من النوم وجدتها تتحدث إلي أبنتها قائلة
"طول حياتي يا أبنتي وأنا أغار من تلك المرأة ... لقد أخذت كل شيء وأنا لم أأخذ شيء ... أخذت الجمال , أخذت المال , وأنا لم يكن لي حظ في هذه الدنيا ... كانت تحب قبل هذا الرجل , وكنت أنا صديقتها الوحيدة , جعلتها تطمئن لي , وتحكي لي عن قصة حبها لهذا الرجل حتى طمأنتها لفكرتي الشيطانية التي اقتنعت بها بسهوله هي الأخرى , وكان الرجل يأتيها يومياً بحجة دروس هذا الفتى حتى جاء اليوم الذي قررت أن أنهى فيه هذه المهزلة فقمت بالاتصال بالزوج المخدوع وبعدها انتهى كل شيء وأصبحت أنا مالكة كل شيء ... وانتصرت على تلك المرأة ولن أهنأ حتى أأخذ ذلك القصر من ذلك الشاب فهو لا يستحقه وأنتي يا صغيرتي ما تستحقي هذا القصر , وسأظل على عهدي حتى أدمر هذا الشاب ووالده لأننا الأحق بكل ذلك"
كدت أجن وأنا أستمع إلي تلك الكلمات , ماذا يحدث , هل أمي بالفعل خائنه , هل أمي كانت تستحق القتل , لم أقتنع بما قالت , وكل ما طرأ بتفكيري في تلك اللحظات هي قتل الجميع قبل أن يقتلونني , تكونت الفكرة في عقلي تماماً وبدأت مرحلة التنفيذ من الآن.
الليل , والسكون يملآن المكان , المنزل بمن فيه نائمون , صحوت من غيبوبتي التي أصبحت مفتعلة , وجدتني وحيداً في غرفتي جمعت ذكرياتي وجلست أشاهدها لأخر مرة في حياتي , أمسكت صور أمي ورجوتها أن تهنئ في قربها بعدما أنتقم لها من هؤلاء , دخلت أولاً على زوجتي التي كانت نائمة , أمسكت بسكينً وطعنتها به في أنحاء متفرقة من جسدها , لا أدري كنت أشعر بنشوة كبري وأنا أرى قطرات الدم تتساقط من جسدها , لم تحرك ساكناً بعدها فقد كانت نائمة وها هي تستمر في النوم إلي نهاية العمر , دخلت بعدها إلي غرفة والدي , استيقظ أبي من غفوته ظل يسأل عن من دخل الغرفة , استيقظت هي الأخرى وظلت تسأل , أمسكت بسكيني العزيز وباغتها بطعنة نافذة في القلب ظلت تتأوه وأبي يصرخ بل وحاول أبي خنقي وحاول قتلي وسمعته يسب في سمعة أمي مرات ومرات , على الدم في عروقي , حاولت التخلص من قبضته , وأمسكت بسكيني , وطعنته في جزء لم أعلمه من جسده فلم أستمع في عتمة الغرفة إلا لتؤوه والدي بعدها وجدته يحدثني قائلاً
"أنت ظالم يا ولدي ... أنا لم أظلم أمك ... لقد رأيتها في حضن ذلك الكلب ... يا ولدي أمك كانت خائنة , وأنت خائن مثلها "
أكمل أبي ما بدأه ولكن الموت ظل يحلق فوق رأسه
"أذهب يا ولدي واقرأ تلك الخطابات هي من أمك لذلك الرجل ... اقرأها جيداً , لتعلم بأنك ظالم وخائن مثلها"
أمسكت الخطابات وقرأتها , دارت بي الدنيا , تذكرت أمي وقتها , نعم أمي كانت تكتب تلك الخطابات , ولكنها كانت تكتبها لي , نعم كانت تكتبها لي , أمي كانت عاشقة , ولكنها كانت مخلصة , لم تحب يوماً على أبي , وكانت تكتب خطابات العشق جميعها لي , كانت تقول لي دائماً "الحب يا ولدي أسمى معاني الحياة فلا تبخل على حياتك به" كنت أعشق تلك الخطابات وهي تقرأها علي بصوتها الحنون الدافئ , كنت أحبها
"فكيف قتلتها يا أبي"
كان هذا ما قلته لوالدي الذي الآم الاحتضار تفتك به , وجدته يتحدث بلسان أتعبه الموت
"يا ولدي أمك لم تكتب تلك الخطابات إليك ولكنها كانت تكتبها لذلك الأستاذ ... أمك خائنه , خائنه , خائنه , لقد رأيتها بعيني جالسة مع ذلك الرجل , لقد رأيتهم جالسان وحيدان في غرفة واحدة فكيف تقول لي أنها لم تخونني , لقد تسرعت كثيراً في الحكم علي ... لقد حطمت بيديك ما جمعته طول سنين , أذهب فأنت ملعون في حياتك والممات"
قالها ولم أستمع لصوته من بعدها ... لقد رحل هو الآخر ... جلست وحيداً الدماء تملئ ملابسي , لم أفهم شيئاً , لقد قمت بعمل النهاية لكل ما يحدث , ولكنني لم أفهم شيئاً بعد لممت ما لممت من الذكريات , دخلت إلي غرفتي مرة أخرى وبدأت في نبش الذكريات , رأيت صور أمي , هل هذا الوجه البريء الطاهر كان خائناً , لا أعتقد , صوت أمي يملئ أذني "لقد ظلمني والدك يا بني" , نظرت إلي صور والدي , كيف تجرؤ يا رجل أن تتهم أمي بذلك , كيف تجرؤ على ظلم أمي , وددت أن أقتله مرات بعد مرات , ولكن لماذا حتى الآن لم أنهى تلك القصة بنهاية من صنع يداي , لقد قتلت الجميع ولم يتبقي غيري , هل سأظل هكذا حتى أجن , انتشلت نفسي من تلك الأفكار , وجلست أدون كل ما حدث , جلست أكتب , وأكتب , وأكتب , حتى وجدت الخدم وقد بدئوا في التحرك أسفل القصر أسرعت في كتابة تلك المذكرات لتكون دليل إدانة لأبي , ولزوجته , ولأمي , ولنفسي أنا الآخر , أخذت نفس السكين , وأغمضت عيناي , و , و , لم يحدث شيء فقد عجزت يداي على فعل ذلك بنفسي , يا ألهي هل سأظل هكذا , لقد أرحتهم بيدي فكيف لا أستطيع أن أريح نفسي , سمعت من تقول "قتلتني يا مجنون"
من قال هذا نظرت خلفي وجدت زوجة أبي والدماء تسيل منها , أمسكت بالسكين وضربتها طعنات , وطعنات , لم تتأثر كثيراً بل وجدتها تضحك , وتضحك ثم اختفت تماماً , يا ألهي , ما كانت هذه , يا ألهي ماذا فعلت بنفسي
"هذا جزاء ما فعلته يا خائن"
لا ليس جزائي أنا , بل هو الجزاء العادل لما فعلتموه بي وبأمي , أذهبوا عني لم أعد أريد أن أراكم مرة أخرى , أستمع الخدم إلي , واستمعت إلي أقدامهم وهم يصعدون درجات السلم , أمسكت بسكينتي وحاول قطع شريان يدي ولكنني لم أستطع , قذفت السكين بعيداً وأغلقت الباب وظللت أصرخ , وأصرخ , وأصرخ , وجدت من يحاول الدخول عنوه إلي الغرفة حاولت المقاومة ولكنني لم أستطع , وأخيراً أنفتح الباب ووجدت الكثير والكثير من البشر , أصناف متباينة من البشر رأيتهم أمام عيني , لقد رأيت الخدم الذين قاموا بتربيتي عيونهم تمتلئ بالدموع , وكانت أمي واقفة تنظر إلي نظرة ماكرة وبجوارها ذلك الأستاذ , وجدت زوجة أبي بدمائها هي وأبنتها وينظران إلي نظرات متوحشة , رأيت أبي يمسك بذلك السوط الذي طالما رأيته يضرب به الخدم , وجدته يمسكه ويحاول ضربي به , وأخيراً رأيتهم بملابسهم السوداء يقفون ومعهم أسلحتهم , عندها لم يحتمل جسدي كل هذا وأعلن عن انسحابه من تلك المعركة أخذاً معه ما تبقى لي من عقل لأكمل باقي حياتي كمجنون في مستشفي للأمراض العقلية وتصبح قصة عائلتي حكاية تتواتر عبر الأجيال.
قلم
حمادة زيدان