Sunday, April 5, 2009

ورقة حياة ... قصة قصيرة

وأخيراً عدت ... غيبة كبيرة ... والله عارف , بس أنا في الغيبة دي انتهيت والحمد لله من روايتي الأولى وربنا يوفقني بقه في نشرها ... كمان كان في وفاة بنت خالتي اللي بدعي كل واحد يدخل المدّونة يقرالها الفاتحة ويدعي ربنا يصبر أمها ويخلي بنتها كذكرى منها ... الحمد لله على كل حال , أقدملكم قصة جديدة كتبتها أخيراً بعد ما فكرت أني مش هقدر أكتب بعد الرواية حاجة ... بس أهو كتبت ويارب تعجبكم


ورقة حياة

قصة قصيرة

ــــــــــــــــــــــــــــ


. هيا يا عم محمد لقد انتهى الوقت وحان وقت الرحيل , لا تنسانا يا عجوز -
ابتسم الرجل , ولملم أوراقه , وفي هدوء خرج من مكتبه العتيق , نظر إليه الشاب وقال بصوتٍ غير مسموع

. غور يا رجل , فقرتنا طوال خدمتك -

لم يسمعه العجوز وخرج , الشارع زحمة , السيارات تمر أمامه بسرعة كبيرة , حاول المرور كثيراً ولكنه لم يستطيع , :أتاه شاب , أمسك بيديه , قال له
. أنتبه يا حج سنعبر الشارع -

قالها وعبرا الشارع سوياً , السيارات تعبر بسرعتها المفزعة , كان الشاب يعبر الشارع كما لو كان لاعب ماهر من لاعبي السيرك يعبر السيارات بخفة ورشاقة جوراه يمشي العجوز بتأني يحاول أن يسرع ولكن خطوته لا تساعده , حاول أن يجاري خطوات الشاب , ولكن خطواته بطيئة عكس الشاب , استمع إلى أصوات كثيرة تصرخ
. حاسب ... حاسب ... حاسب -
نظر العجوز حوله , وجد الشاب مفترش الأرض , الدماء تملئ ملابسه ووجه يغطيه الدماء , امتلأ المكان حوله بالناس , ظلت النساء يصرخن , والرجال يحاولون إيجاد طبيب وبعضهم اتصل بالإسعاف , وبعضهم كان يحاول أن يهدئ

العجوز , ولكن العجوز لم ينتبه , حتى أنه وقف شارد الذهن , كان ينظر إلى الشاب ويبكي , وبصوتٍ مسموع قال

.أنا من قتلتك يا ولدي , أنا نذير شؤم يا ولدي , لماذا جئتني ؟ ... هل جئتني لتزيد من طني بللاً , سامحك الله -
.خليك مؤمن يا حج -

.قضاء ربنا أتعترض يا رجل ؟ -
هل الشاب أبنك ؟ -
:أنتبه العجوز على سؤال الرجل , وبصوتٍ جريح , قال
. ليس ولدي ولكني أنا قاتله , لماذا جاءني ؟ , لماذا جاءني ؟ -
ظل يرددها حتى جاءت الإسعاف وانتشلت الشاب من الأرض , لم يجد الناس غير العجوز فوضوعه مع الشاب بالسيارة , وبدأت السيارة تشق زحام الشوارع , وبدأت الذكريات تتدافع في رأس العجوز , ها هو يرى نفسه طفلاً في
الرابعة من العمر , لم يقول "أمي" لأنه لم يجد أمه , وكان عندما يسأل عنها كانوا يردوا عليه ساخرين
. لم تحتملك أمك , ورحلت , يا فقري -
كان لا يفهم كثيراً , ولكنه كان يبكي , ولم يسمعه أحد , كان لا يحنو عليه إلا أباه , كان دائم اللعب معه , ولكن والده وبعدها بسنتين مات , شعر بالوحدة كثيراً , ولكن أيامه مرت , وكبر على يد أحد أخواله , وكان من سوء حظه أو من ترتيبات القدر أن أصيب أبن خاله في أول يوم له بمنزل خاله , خافت الأم على باقي أبنائها , عزلتهم عنه , عاش وحيداً طول وجوده بمنزل خاله , ولكنه كبر على كل الأحوال , أتم تعليمه , ومات خاله , طردته زوجة خاله , وانتقل للعيش في غرفة فوق أسطح أحد العمارات , بحث عن عمل كثيراً ولكن محاولاته باتت بالفشل , الشاب يئن بصوتٍ مرهق , لم يستمع إليه , شلال الذكريات مازال يتدافع به , كان يوماً يأكل وأيام يعيش على الفتات , ظل هكذا إلى أن كان اليوم الذي جاءه جواب القوة العاملة , فرح فرحاً شديداً , وشعر أن الدنيا قد أعلنت عن ابتسامتها المفقودة , فتح الجواب على عجل , نظر إلى ما مكتوب بداخله , انتابته حاله من الضحك عندما قرأ ما بداخله , علا صوته بالضحك داخل الإسعاف , :نظر إلى الشاب الملقى أمامه , كان يشبه أبنه , تذكر أنه لم يتزوج أصلاً , وبصوتٍ مسموع قال
. كما لو كان أبني , ولكنني السبب فيما هو فيه , يا لهذا القدر -
أول أيامه بالعمل , تذكرها جيداً , يا ألهي , الموت , يحيط بكل شيء , أموات يدخلون , يغسلون ويكفنون ويخرجون , تحملهم أكتاف ذويهم , عمله كان تقييد أسامي الأموات , منذ صباح اليوم وإلى نهايته يقيد في الأسماء , كانوا يطلقون عليه في عمله "مندوب عزرائيل" , تذكر وجوه أصحاب الموتى , من خبرته علم من صاحب الحزن الحقيقي ومن صاحب المزيف , كان يعرف جيداً كيف يلعب على وتر الأحزان , وكيف لا يعرف وهو من تربى على الأحزان منذ ميلاده , نظر إلى الشاب الراقد أمامه , كان في نفس سنه عندما تقدم لخطبة فتاة , لم يراها , ولكنه سأل عن أخلاقها , وجدها مناسبة , ذهب سعيداً , ولكنه عاد خائباً , رفضته , والسبب كان في طبيعة عمله , لم يهتم لرفضها كثيراً , وبحث عن غيرها , وغيرها , وغيرها , ولكن كما رفضته الأولى رفضته الثانية والثالثة والرابعة , حتى مل البحث , وقرر عدم الزواج , واستمرت حياته , بعض العقبات واجهته , كان معظمها مرتبطاً بطبيعة عمله , كان في كل مرة يقرر من داخله أن يتنازل عن هذا العمل , ولكنه كان يعود عن قراره في لحظتها , استمع إلى الشاب الذي كان يتحدث بصوتٍ موجوع
. ماء ... أريد أن أشرب -
صرخ العجوز عندما رآه ينطق , ضرب على الزجاج الخلفي للسائق , وقال
. لقد أفاق الشاب يا رجل , أسرع بالله عليك -
لم يستمع إليه الرجل واستمر يشق زحام المدينة , عطش الشاب أنتقل للرجل , وشعر بالعطش الشديد , وتذكر لحظة معرفته بإصابته بمرض "السكر" أعتبرها وقتها أعراض لكبر سنه وبداية موفقة لموت يراه في الأفق , تذكر كلمات الطبيب
. حافظ على نفسك , ولا تأكل أشياء محلاه -
. وما هو المحلى في حياتي يا دكتور -

قالها للطبيب ورحل من أمامه وقرر من وقتها أن لا يذهب لطبيب , وأن يتبع تعليماته كاملة , كان يجهز نفسه للموت , ولكنه كان يود أن يموت موته محترمة , وأن يحتفظ بجسده كاملاً فوق المغسلة , ظلت الأيام تفعل معه أفاعليها حتى خرج على المعاش , أخيراً رحل عنه هذا العمل , وأخيراً شعر أن هذا الهم قد انزاح وإلى الأبد , ولكن لم يتخيل أبداً ما حدث
. لماذا هذا النحس الذي يحيطني -
قالها بصوتٍ مسموع , نظر إلى الشاب وجده يحاول أن يفتح عيناه , شعر بأن غيبوبة تريد أن تمتلكه , حاول أن يبتلع ريقه , ولكنه وجده ناشف صلب , نظر إلى الشاب وجده ينازع من الألم , الألم يعتصره , صرخ في سائق السيارة ومن يجلس أمامه جوار الشاب
. قلم ... أريد قلم وورقة حالاً ... أرجوكم -
فوجئ الرجل لطلب العجوز , وبحث عن قلم بملابسه حتى وجده , ناول العجوز الورقة والقلم , أخذهما منه العجوز , ورغم الآلام التي كانت تعصف به إلا أنه كان منهمكاً في الكتابة حتى انتهى مما كتبه في نفس لحظة وصول السيارة إلى المستشفى .


***

. يا لها من معجزة لولا وجود ذلك العجوز وتلك الورقة التي كتبها لما عاش الشاب -
:قالها أحد الأطباء , فابتسم الآخر قائلاً
لقد كان العجوز مصدر للتشاؤم طوال حياته , وعندما مات أصبح مصدر للحياة , لولا تبرعه لهذا الشاب بجسده كله-
.في تلك الورقة , لما أخذنا قلبه وجعلناها ينبض داخل الشاب بعد أن توقف عن نبضه داخل العجوز
دقات خفيفة استمع إليها الطبيبان على باب الغرفة فأذنا للطالب بالدخول , دخل شاب متكأ على عصا , وابتسم للطبيبين وقال
. لقد أتممت علاجي أتأذنان لي بالرحيل -
تمت
حمادة زيدان
5/4/2009

Thursday, February 19, 2009

فتاة من ذهب .... قصة قصيرة

أعود من جديد ... ولكن هذه العودة قديمة بعض الشيء ... قصة نشرتها منذ فترة كبيرة على مدّونتي المكتوبية القدية , والآن لأنني في حالة عطب فني والكتابة تبعد عني لسبب لا أعلمه ... فقررت أن أقوم بنشرها مرة أخرى لأن الكثيرين لا يعلمون مدونتي القديمة ... أتمنى للجميع قراءة جميلة "القصة مستوحاه من قصة واقعية" شكراً للجميع
فتاة من ذهب
قصة قصيرة

لم يكن مجرد شاب تقدم لخِطبة فتاة ثم تركها لسبب أو لآخر ولكنه كان "القشة التي قصمت ظهر البعير" كما يقولون – عائلة كبيرة تتكون من ثمانية أفراد خمسة من البنات وثلاثة ذكور تركتهم الأم وهم صغار السن جميعاً فكان أكبرهم مازال في التجنيد تركتهم الأم وهم لم يشبعوا من حنانها تركتهم الأم لأب مستهتر لا يعلم عن احتياجات ثمانية من الشباب والأطفال شيئاً , لا يعلم كيف يهدهد هذه إذا تذكرت والدتها , لا يعلم عن شيئاً عن سهر الليالي إذا مرضت أحدى الفتيات , لا يعلم شيئاً عن دراستهم أو طعامهم أو حياتهم , الخلاصة كان مجرد مصدر رزق للأسرة وكادت الأسرة أن تتفكك لولا أن ظهرت تلك الفتاة لم تكن كبرى البنات ولا حتى كبرى الشباب ولكن شخصيتها نضجت بسرعة فها هي تجلس مع والدها وتطلب منه أن تترك المدرسة لكي تربي أشقائها الذين بينهم من هم أكبر منها فظلت تخدم تلك الأسرة الكبيرة لتأخذ وهى مازالت صغيرة في جسدها الهش وفي عمرها الذي لم يتجاوز العشرون , ظلت هكذا وظلت شخصيتها تنضج حتى أصبحت بديلاً لوالدتهم , أصبحت على الرغم من ضعفها وهزلها هي الأقوى , هي الأكثر حناناً , هي الأكثر عقلانية , هي المحركة لتلك الأسرة الكبيرة , ظلت الأسرة هكذا وتزوجت الابنة الكبرى وبدأت تلك الأسرة الكبيرة تعود إليها بعض السعادة المفقودة منذ وفاة الأم وبدأت الطبول تدق مرة أخرى وبدأت الزغاريد المكتومة من الحزن تجلجل في منزل الأسرة المتواضع , وبدأت الحياة تبتسم لتلك الأسرة من جديد حتى حدث ما لم تتوقعه تلك الأسرة بكل من فيها.
الساعة الثانية عشر مساء السكون يملئ المكان ولا تسمع في منزل تلك الأسرة سوى قطرات المياه التي تتساقط من صنبور الحمام , الجميع نائمون السعادة تملئهم لزواج شقيقتهم الكبرى , الآلام بدأت تقتحم جسدها النحيل تدريجياً ظلت تتحامل على أعصابها والألم يزداد , حاولت ألا توقظهم , حاولت ألا تفزعهم , حاولت أن لا تكسر فرحتهم , ولكن الألم طبق على جسدها الضعيف كما لو كان وحشاً جائع وجد فريسة سهلة ليأكلها , حاولت أن تنتصر ولكنها هُزمت وكانت هزيمتها موعداً لهزيمة الأسرة بأكملها أستيقظ أشقائها ووالدها على صرخات أبنتهم الغالية , الفزع شمل الأسرة بأكملها , العيون التي امتلأت منذ لحظات بدموع الفرح ها هي الآن تتحول إلي دموع حزن على شقيقتهم التي صدمهم ما تعانيه حتى حملها شقيقها وذهب بها إلي المستشفي التي نصحوهم فيها بالتحرك إلي طبيب مختص بالأورام لأن الأعراض تشابهت مع هذا المرض – الصدمة , الخوف , القلق , تلك هي الانفعالات التي مرت بشقيقها الأكبر ووالدها اللذان كانا أول من علما بذلك حاولا أن يتماسكا حاولا أن يتعلما من قوتها ولكنهم هزموا وخرجوا والدموع تملئ عيونهم وعندما سألتهم هي عما تعانيه لم يستطيعا أن يجيبوها ولكن دموعهم تساقطت أكثر وأكثر حتى أجابها شقيقها بأنها يجب أن تذهب لطبيب مختص بالأورام لأن حالتها تستدعي ذلك , لم تنهار أو تبكي ولكنها كانت قوية كما هي , متماسكة كما هي , بهدوء مسحت من على وجهها الجميل دموعها وأخبرت والدها وشقيقها بأن لا يخبرون باقي أشقائهم وأن يصبح الأمر سراً على ثلاثتهم حتى يتأكدوا من الطبيب المعالج بأمر المرض , أخذت المسكن وعادت إلي المنزل وقد عادت إليها ابتسامتها التي أعادت الروح لتلك الأسرة – سألها أشقائها عن أحوالها فأجابت بأنها في أفضل حال كانت تقولها وقلبها وعقلها يفكرون في مستقبل أسرتها وكيف بوالدها أن يتحمل مصاريف مرضها التي غالباً ما تكون مرتفعة جداً وكيف لأشقائها أن يتحملوا تلك الحياة بدونها فهي أصبحت لهم الأم بعد وفاتها فهل سيتحملون فراقها هي الأخرى , ظلت الأفكار تواردها حتى انفجرت عينيها بالدموع ولكنها حاولت أن تتماسك وتنتظر ما يخبئه لها القدر من أهوال أو أفراح وتمنت أن تكون الأخيرة وذهبت في نوم عميق.
الصباح بدأ بزقزقة العصافير التي تنقر فوق شبابيك غرفتها , كانت تعلم بميعاد حضورهم فكانت تحمل لهم كسرات الخبز التي كانت تجمعها لهم وتقطعها قطعاً صغيرة لتكون سهله على منقارهم الصغير ولكنها اليوم تعبانه وهم جائعون فظلوا يدقون بمناقيرهم الصغيرة وتذكرتهم وتذكرت شقيقتها الصغرى وحاولت أن تقف على قدمها ولكنها شعرت بالإرهاق فجلست على سريرها ونادت على أحد أشقائها لأيقاظ أختها للمدرسة لتفاجئ بأن المنزل كله متيقظ ودخلوا عليها في غرفتها حاولت أن تداري بيديها الدموع التي تساقطت من عينيها ولكنها لم تستطع فتجمعوا حولها ليمسحوا عنها دموعها التي طالما دائماً مسحتها لهم – لبست ملابسها بمساعدة شقيقاتها والتفوا جميعاً حولها ذكوراً وإناث حتى أنها شعرت بأن كل ألامها قد زالت في تلك اللحظة – تحركت الأسرة كلها إلي عيادة الطبيب وكلما اقتربت العيادة زاد الخوف في قلوبهم جمعياً – وصلت الأسرة إلي العيادة يحملهم الألم والخوف والأمل في وقت واحد وأصبحت قلوب تلك الأسرة جميعها قلباً واحد وأصبح دعائهم دعاء واحد – دخلت الفتاة إلي الطبيب ودخل معها والدها وشقيقتها الكبرى التي جاءت هي وزوجها للاطمئنان عليها , استقبلهم الطبيب بابتسامة صافية أراحت قلب الفتاة , أمرها بعمل التحاليل اللازمة حتى يتأكد ويطمأن قلبه , قامت الفتاة بكل صبر وقوة كل ما أمرت به وفي نهاية الأمر تحولت ضحكات الطبيب إلي حزن حقيقي لم يشعر به من قبل مع أحد من المرضى فصارح الوالد بكل ما لديه مما جعل الأب ينهار مما سمع مما جعل الأسرة تنهار بدورها بكى الجميع بما فيهم مرضى تلك العيادة حتى أن هناك من فقد الوعي من كثرة الحزن ليفيقوا جميعاً على صوتها الضعيف وهي تتحدى المرض وتقول بأن الله إذا لم يريد لها الموت فلن تموت وأن مرضها هذا مجرد سبب للموت , أفاقتهم ما قالته والتفوا حولها مرة أخرى وذهبوا جميعاً إلي المنزل الذي تحول بين يوماً وليلة إلي الحزن الذي التف حول المنزل وكاد أن يخنقهم لولها فقد خرجت عليهم وأكدت التحدي وقامت للصلاة لتبدأ بعدها خطواتها نحو تحدى المرض وتحدى عذابات المرض التي جعلت شعرها يتساقط وجسدها النحيل قطعته مشارط الأطباء ولكنها لم تتوقف عن تحديها للمرض حتى أنها أصبحت مثال يحتذي به الأطباء في مقاومة الآلام ومع مرور الوقت شفيت الفتاة وكان أخر ما سمعته في المعهد
- مبروك لقد أتم الله شفائك .
عادت الفتاة إلي منزلها محملة بالهدايا التي أخذتها من ألأطباء والممرضات بالمعهد وبدأت في رسم مسار حياتها وبحثت عن عمل ووجدته واستمرت في رسم تلك الحياة وبنفس الشخصية حتى زوجت أختان من أخواتها وتزوج شقيقها وبدأت تشعر بالوحدة شقيقاتها يتزوجن الواحدة تلو الأخرى وهى إلي الآن لم تجد من يقبلها بمرضها هذا , كم تمنت في تلك اللحظات أن تكون بجوارها والدتها , كم تمنت أن ترتمي بحضنها وتبكي بشدة , كم تمنت أن يكون لها أطفال يملئون عليها حياتها التي عاشت فيها وحيدة , كم تمنت وكم تمنت ولكنها في النهاية تعود وتقول
- أحمد الله على الشفاء .
استيقظت الفتاة يوماً على أصوات شقيقتها الذين ظللن يزغردن جميعهن فأفاقت وسألتهم عما يدور فعلمت أن هناك عريس يود أن يتزوجها لم تصدق ما قالوه ولم تشعر بأن ما يحدث واقعي حتى جاء والدها قال أن الشاب يريدها بعدما رآها في العمل وأنه قد بعث بوالدته لتطلب يدها , لم تفرح كثيراً ولكنها أخبرت والدها بأنه يجب أن يعلم عريسها بكل ما مر بها وأن يعلم كل شيء عن مرضها أجابها والدها بالإيجاب ولم تسكت لذلك بل قالت لكل أشقائها بأن من تقدم لخطبتها لابد أن يعلم كل شيء عنها أجابها جميعهم بالإيجاب وتمت الخطِبة التي جلست فيها الفتاة كالملاك وجلس بجوارها عريسها الذي فاق وزنه أضعاف وزنها وأصبحت بجواره كما لو كانت حمامة صغيرة تجلس بجوار ثور , انتهت الخطبة وانتهى معها اليوم الذي كان لها كما لو كان حلماً تمنت أن يستمر .
كانت الأيام التي لحقت بالخطوبة جميلة حقاً ... وكان الفتى رقيق لأبعد الحدود ... وكادت الحياة أن تبتسم لها ... ولكنها الحياة لا تعطي من يحتاج السعادة سوى لحظات لتنقلب بعدها إلي أسوأ ما يكون وهذا ما حدث مع تلك الفتاة , لقد تحولت حياتها بمساعدة أشقائها وأقربائها الذين بدءوا في نهش كرامتها وحدث ما لم تتوقعه فتاتنا ولم تتخيله أبداً , لم يرحموا جسدها الضعيف عندما ذكّرت إحداهن خطيبها بأن جسدها الصغير يحمل بين طياته الكثير من الأمراض وبأنها يوماً ما ستنتهي وستمرض وتموت , لم تعلم هي أن زوج المستقبل لا يعلم بمرضها ولم تعلم أن والدها وأشقائها لم يخبروه بمرضها الذي شفيت منه ... لم تعلم بأن والدها وأشقائها بدلاً من يسعدوها قد قتلوها ... لم يعلموا هم أن عدم أخبارهم بمرضها لزوج المستقبل قد ذبحها ... يومها جلس خطيبها وجلست والدته ... كان الغضب واضح على وجهما ... تحدثت الأم وتحدث الابن ... صمتت الفتاة وجلست تبكي , حاولت أن توضح لخطيبها الذي تمنته من الدنيا ولكنها لم تجد ما تقوله , صمتت وكان صمتها أقرب إلي موتها , لقد كانت أقوى من ذلك ولكن ما للقوى اليوم من فائدة , شعرت بأن كرامتها قد ذبحت بسكين أقوى من أي سكين آخر ... شعرت بأن حياتها دُمرت في لحظات , كم تمنيت أن يكون لها بيتاً , كم تمنيت أن يكون لها أبناء , كم تمنيت أن يكون لها زوجاً , لم تجد غير دموعها بديلاً عن كلامها , تحدثت المرأة كثيراً عن ضمير تلك الأسرة التي كادت أن تزوجهم بنتاً مريضة , وتحدث الابن مصدقاً ما تقوله الأم , تحدث والد الفتاة وحاول أن يترجاهم كثيراً , أخيراً وقفت الفتاة وخلعت عن يديها شبكته ودبلته وتركتهم أمامهم لتغيب بعدها عن الدنيا.
تركت الأسرة جميعها دموعهم لتنساب على وجوههم ... اجتمعت النساء وهن يتوشحن بالسواد ... جلس الرجال يتقبلوا العزاء ... وقف الأشقاء محبطين الحزن يملأ أعينهم جميعاً ... انتهت مراسم الجنازة وخرج النعش الذي كان يزينه الخرز المذهب , وكان الغطاء الذي يغطي النعش تملؤه الورود بعدما أوصت الفتاة أن تغطى به بعدما تحول هذا المفرش من مفرش لسرير العرس إلي مفرش لتغطية نعشها الصغير مثلها.
تمت
حمادة زيدان

Monday, February 2, 2009

شكر وأهداء وتهنئة

وأخيراً رجعت ... الحمد لله عملت العملية والحمد لله بدأت أسترد عافيتي ... أنا أحب أقول لكل أصدقائي المدونين
شكراً
شكراً لكل من قام بالسؤال علي بالأتصال تليفونياً , أو حتى عن طريق صديق آخر
أحب طبعاً أشكرهم بالأسامي لأنهم فعلاً أكتر من أخواتي





















ســــــــــارة
تميم
والأخت الكريمة سلوى


وأخيراً جاء التهنئة والأهداء


التهنئة




لصديقي العزيز وأخي الغالي جداً والعزيز على قلبي احمد سعيد على أصدار مجموعته القصصية الأولى أشباح الحقيقة ... واحب أحكي شوية عن صديقي وحبيبي أحمد سعيد واللى أنا واثق من نجاحه لأن لديه الكثير والكثير ليقدمه في عالم الأدب ... بدأت معرفتي بأحمد قبل أن أعرف أي شيء عن التدوين كنت أنا بدأت أكتب قصص , وبدأت أبحث عن طريقة لعرضها فوجدت وقتها منتدى بعنوان بيت العرب وبدأت في نشر قصصي وكان أحمد مشرفاً على قسم القصص ... ووجدته متفهماً لكوني مازالت أحبو وبدأ في تشجيعي , وكان هو متفوقاً بدرجة كبيرة في الشعر النثري والقصة القصيرة ... أتذكر يوم أن ذهبنا للدكتور علاء الأسواني لنقد قصتينا ... ثورة الجنس ... وقصته الأكثر من رائعة أشباح الحقيقة ... أتذكر كلمات الدكتور علاء الأسواني : خيالك أحمد يا أحمد متوحش



أتمنى لصديقي الجميل التوفيق في كتابه ... وأقر وأعترف بأن أحمد بإذن الله سيكون علماً من أعلام الأدب في مصر والعالم العربي ... ليس هذا من وحي خيالي نتيجة لنجاح مدونته وقصصه في عالم المكتوب على مستوى الوطن العربي


مبروك أحمد ومبروك على الوطن العربي صدور مجموعتك القصصية الأولى






الأهداء
باقة ورد لكل رجال ونساء وشيوخ فخر العرب غزة ... لأنكم بالفعل رجال هذه الأمة

Monday, January 5, 2009

قتلتها .... قصة قصيرة

قتلتها
قصة قصيرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
رأيتها أمامي الدماء تملئ جسدها , والدموع تملئ عينها , كانت تنادي
الغوث , الغوث , الغوث
هرولت إليها وأنا لا أدري من تلك ولماذا تصرخ ولا تجد من يلبي ندائها , وصلت إليها وقد ملئني العرق والتعب وأصبحت أمامها كالورقة التي بلها المطر , سألتها
? لماذا تصرخين , وأين أبنائك , وأين ذهبوا الرجال وتركوكِ تصرخين وأنتِ مذبوحة هكذا
نظرة إلي بنظرة يملؤها العتب , قالت
- هل نسيت يا ولد , أنت أحدهم , هل نسيتني , أنظر لنفسك في مرآتك , هل لاحظت قرب الشبة بيننا , أنظر إلى لغتك , ألم تلاحظ أننا نتحدث نفس اللغة , بل تذكر دينك وديني , ألسنا يجمعنا نفس الدين , هيا أرجع يا فتى ولا تستمع إلى صرخاتي , ولا تسألني عما فعل بي هذا , أنت وأخوتك من فعلتم بي هذا , تفرقتم , وتنازعتم , ونسيتموني , هيا أذهب لبترولك , ولأموالك التي تخشى عليها من التعفن في قصورك الفاخرة .
استفزني ما قالت ووجدتني أصرخ فيها بغضب
- نعم أنا مثلك في الدين واللغة "ولكن أنا ضعيف" لا أمتلك بترولاً ولا قصوراً , أنا لم أختار تلك الفرقة التي تتحدثين عنها , هم من فرقونا لشيعة وسنة , هم من فرقونا لفرق تتنازع على كراسي السلطة , هم ذبحوك , أنا لم أشاركهم , أنا ضعيف يا سيدتي , لقد أنهكني الفقر والحكم الظالم , لقد أنهكني الضعف , أريحيني من صراخك فلم أفيدك في شيء .
وجدت نظرتها تغيرت , وبأعلى صوتها ظلت تصرخ
الغوث , الغوث , الغوث .
صوتها ثار جنوني , ماذا أفعل , وما بيدي أن أفعل , صوتها يزعجني كثيراً , يا ألهي صراخها لا يتوقف , أنا ضعيف , ضعيف , ضعيف , لم أجد أمامي إلا سيفاً قديماً كنت قدر ورثته عن جدي , وجدت نداء من داخلي يصرخ
أرحنا من صوتها , أرحنا من صوتها , أرحنا من صوتها .
الدم يكاد يغلي في عروقي , والسيف أمامي ملئه الصدئ وهي مازالت تصرخ , صراخها جن جنوني , أمسكت بالسيف , وهرولت خلفها , جسدها المنهك يذكرني بجسد أمي , صوتها المذبوح ذكرني بصراخ أمي , وجدتها أمامي كما لو كانت أمي , سألتها صارخاً
- ماذا تريدين مني يا امرأة ؟
ألتفتت إلي , وبغضب الدنيا وجدتها تصرخ غاضبة في وجهي
- أتركني لشأني يا فتى , هيا ابتعد عني , أنت ضعيف , ممزق , لا تعنيني في شيء , ولن يفيدني وجودك ,
هيا أغرب عن وجهي , أنا لا أطيق النظر إليك , ضعفك واستسلامك يقتلني , أغرب عن وجهي ولا تعود
كلماتها زادت غضبي , ووجدتني بكل غل الدنيا , أضرب سيفي على جسدها المعتل فمزقها تمزيقا , دمائها انفجرت على جسدي ووجهي , شعرت بأن حجمي يتقلص حتى أصبحت كالفأر الصغير , صرخت بأعلى صوتي
أنا من قتلت أمي .
قتلتها , ولكنها لم تتركني , صوتها أصبح أصوات , الجميع يصرخون
الغوث , الغوث , الغوث .
الأصوات تتعالى , والجميع يصرخون , وأنا وحيد , لم أجد ما أفعله سوى الصراخ والركض , ظللت أجري , والأصوات تتبعني حتى تعبت , ووجدتني أهزوا :
- أتركوني , أشعر بالضعف , أتركوني , لقد قتلتها ولم ينتهي ندائها بل زاد حتى أماتني , أتركوني , أنا
ضعيف , أتركوني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حالة من الضعف تتنتابني جعلتني أكتب تلك القصة التي أتمنى أن تحرك فينا أي شيء يحركنا نحو نحر تلك الأنظمة الفاسدة التي جعلت منّا مجموعة من العرائس الورق التي لا تقدر على فعل أي شيء
حمادة زيدان

Thursday, December 11, 2008

النقاب والإسلام

تحديث
هذا البوست رأي شخصي أنا لا أملك أن أقول على شيء حلال أو حرام لأني مش ربنا , ده مجرد رأيي وبس
الموضوع ده أهداء للبت رومة وكلمة صغيرة هقولها قبل البوست , ربنا كرم المرأة وادلها حقوق زيها
زي الرجل , المرأة ليست شيطان ولا وشها هو مبعث الشرر في الدنيا

في بداية الموضوع أحب اؤكد احترامي الكبير لكل المنتقبات ودي طبعاً حريتهن الشخصية , أما عن

النقاب فأنا أختلف معه قلباً وقالباً , لأنه ببساطة مجرد زي حاولوا أهل الجزيرة العربية وسيحاولون كثيراً حتى يصدروا لنا ثقافتهم باسم الدين , لنتحول نحن المصريين من ثقافتنا وحضارتنا المصرية التي امتدت سبعت ألاف عام إلى مجرد تابعين لعادات وتقاليد دولاً ليس لها حضارة تذكر .
!!سيهاجمني الكثير ويقولون الرسول "صلى الله عليه وسلم" كان منهم
نعم رسول الله كان منهم وهو السبب في تكريم تلك المنطقة , ونحن كمسلمين أمر علينا طاعة رسول الله , ولكن هل النقاب من أوامر الرسول "عليه الصلاة والسلام"
سأجيب على هذا التساؤل بحديثين شريفين
عن عائشة رضي الله عنها، أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما دخلت على رسول الله وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه سلم وقال "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه " رواه أبو داود.
وهو حديث يؤكد لنا أن المرأة المسلمة لا يظهر منها إلا وجهها وكفها .
‏حدثنا ‏ ‏قتيبة ‏ ‏حدثنا ‏ ‏الليث ‏ ‏عن ‏ ‏نافع ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عمر ‏ ‏أنه قال ‏ ‏قام رجل فقال يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في ‏ ‏الحرم ‏ ‏فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏لا تلبسوا القمص ولا السراويلات ولا ‏ ‏البرانس ‏ ‏ولا العمائم ولا الخفاف إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين وليقطعهما ما أسفل من الكعبين ولا تلبسوا شيئا من الثياب مسه ‏ ‏الزعفران ‏ ‏ولا ‏ ‏الورس ‏ ‏ولا تنتقب المرأة الحرام ولا تلبس القفازين
هناك من سيقول أن الرسول إذا أمرها أن تخلع نقابها في الحج يبقي منطقي أن تكون منتقبة قبل الحج , أحب أرد عليهم بأن لباس النساء قبل الإسلام وفي الجاهلية كان النقاب لأنهم كانوا يعتبرون المرأة "شيطان" أوجدتها آلهتهم لفعل المحارم بها , وعندما نزل الإسلام كرمها وجعل لديها كرامة وحدد كل أفعالها مواثيق ولم تصبح جارية ولا شيطان كما كانت قبل الإسلام .
‏قال ‏ ‏أبو عيسى ‏ ‏هذا ‏ ‏حديث حسن صحيح ‏ ‏والعمل عليه عند أهل العلم ‏
وهذا الحديث أطرحه للجميع , كيف النقاب هو فرض على كل امرأة مسلمة كما تقولون وعند الذهاب للحج وهو أعظم الفرائض في ديننا الحنيف لا تنتقب ولا حتى تلبس القفازين بيدها
:سؤال للجميع
هل ديننا متناقض لكي يفرض النقاب في الأيام العادية وعند الذهاب لبيت الله الحرام يأمر رسول الله نسائنا أن يذهبن بدون النقاب
:هذا رأي الدين في النقاب أما عن العقل فسيكون حديثي القادم
أولاً: كيف للدين الذي حرر المرأة من العبودية وحدد لها قوانين نزلت بها سورة قرآنية أن يجعل منها شيئاً مكروهاً للدرجة التي تجعله يؤمرها أن تتخفى خلف ستارة كما لو كانت مجرمة تختفي من العقاب
ثانياً: المرأة لم يخلقها الله لتكون شيطان نخاف منه ونحبسه في البيت وعندما تخرج للشارع نحبسها خلف ملابسها حتى لا تظهر وتفتتنا نحن المعذبين من الجنس
ثالثاً: النقاب يزيد الفاحشة في الأرض , وكم من العاهرات اللاتي يتنقبن للهروب من الشرطة , وكم من الرجال الذين يختبئون في النقاب لعمل أشياء مهينه , وكم , وكم , وكم , الكثير من المصائب تختفي خلف هذا النقاب.
في النهاية أحب أقول لكل المنتقبات , نقابكن تزايد على ما أمركن به الله , لقد كرمكن الله من سبع سموات , ووضع لكن الحدود في الزواج والطلاق والميراث ونقلكن من العبودية إلى الحرية , ومن أسر البيت , إلى حرية العمل , إلى كل المنتقبات , "نقابك يهينك , أنتِ لست جرم ووجهك لم يحرمه الله عليك , أخلعي عنك هذا الزى , أخلعي عنك تلك الإهانة واخرجي للحياة بوجهك الذي كرمه الله كما كرمك , فأنتِ لست بعروة , لماذا نحاول دائماً أن ندفن كل شيء في المرأة , صوتها عورة , وجهها
عورة , سلامها عورة , المرأة خلقها الله لتتم هذه الدنيا بعملها , ودينها , ولم يخلقها لكي تكون مجرد عورة تمشي على قدمان

Saturday, December 6, 2008

!!! حكاية

كل سنة وكل خرفان الدنيا بألف خير لأنهم يا عيني بيعدوا تنازلي في الحياة ... معلش يا رومة هأجل موضوع النقاب لبعد العيد أستحملينا بقي ... هسيبكم مع الحكاية دي ويارب تعجبكم ... وعيد ضحية مبارك , ولا بلاش مبارك نقول عيد ضحية سعيد أحلى


!!! حكاية


ما تلك العائلة , أين أنا؟ , أين أخوتي؟ , أين أقاربي؟ , لقد تم نقلي عبر سيارة صغيرة لا تليق
بمكانتي , ووجدتني في حارة تملئها مجموعة من الأبواب والشبابيك , الحارة ضيقة , ومن فيها كثيرين , الجميع ملتفون حولي , أطفال , وشباب , ورجال , ونساء , ظللت أقول
"من أنتم؟ , ومن الذي جاءني إليكم؟ "
:لم يسمعني أجد , أجدهم أغبياء , لا يدركون قيمتي , ظللت أصرخ فيهم
"أريد الطعام , جوعان يا أغبياء , أريد الطعام"
:لم يسمعوني , ووجدت أضخمهم يتحدث بغباء
"تعالا يا كبير , فضنا لك المخزن بحاله لك"
ما هذا المعتوه , وما يقول , أنا , بعد كل تاريخي هذا , أسكن مخزن !! , أعبيط هذا !! , أعلنت رفضي , ظللت
أتحرك يميناً ويساراً , لعلهم لا يطيعوه , وينسوا هذا المخزن , ولكنهم لم يفهموني ,


تحرك , يميناً ويساراً , لعلهم لا يطيعوه , وينسوا هذا المخزن , ولكنهم لم يفهموني , شعرت باليأس فصرخت


"جوعان يا عالم , أنقذوني واحضروا الطعام"
:نطقت بتلك الكلمات وتوقعت أن يجبوني بالطعام , ولكنني وجدت نفس الشخص الأبله يقول
"لا تحضروا له الطعام , لقد وصل حالاً من السفر , ومؤكد ليس جوعان , هيا نأخذه للمخزن"
ما هذا الرجل , ولماذا لا يكف لسانه عن الحركة ولا أسمع له صوتاً , للأسف وجدتهم يطيعوه , تحركت معهم , وذهبنا سوياً للمخزن الذي وجدته واسع , ونظيف , سعدت بمكان النوم , ولكنني مازالت جوعان , ودعوني كلهم , وأغلقوا باب المخزن علي , وبدأت أشعر بالوحدة , تذكرت أبي , وأمي , وزوجاتي اللاتي كنت أصبو إليهن واحدة تلو الأخرى , تركت كل تلك المشاعر , ووجدت بطني تعلن عن رغبتها في الجوع , لا لن أحتمل , لابد من الخروج , الباب مغلق , يا ألهي كيف أخرج من ذلك المأزق , تذكرت الآن أسلحتي التي وضعها الله لي , تحركت بقوتي كلها , وبسلاحي ضربت الباب , الذي أنفتح من أول ضربة , خرجت للحارة , شعرت بأني استعدت جزء من حريتي التي فقدتها , جريت هنا وهناك , بحثت عن الطعام فلم أجده , كدت أجن , ما تلك الحارة اللعينة , وقفت وحيداً أفكر في كيفية الخروج إلى الشارع , أمامي بناية أعتقد أنها في بداية بنائها , ويوجد بها رجل نائم , سأخرج من ذلك الباب إلى الشارع , جاءتني الفكرة , والتنفيذ ما أسهله , بدأت في التحرك والدخول إلى البناية , ولكنني استمعت إلى صوتاً لا أحبه كثيراً , لقد استمعت إلى نباح الكلاب من حولي , تعطلت قدمي عن التحرك , والخوف ثبتني مكاني , حتى استمعت إلى باب المنزل ينفتح , وتسربوا من المنزل ثلاثة أشخاص , ذهبوا للمخزن للسلام , فلم يجدوني , صرخوا وهللوا , ولكن أصغرهم وجدته يصرخ
"ها هو , الحمد لله لم يُسرق"
:وجدت الجميع يجرون علي , وقفت مكاني منتظرهم , حتى اقترب إلي أنحفهم , وحضنني , وبحنان قال
"الحمد لله , لقد كان أحدهم سيسرقك يا عزيزي , حمد الله على سلامتك يا عزيزي "
وجدتهم بعدها يهللون , ويذكرون كلمة "السرقة" كثيراً , لقد تخيلوا هؤلاء الحمقى أن أحداً يستطيع سرقتي , ضحكت عليهم كثيراً في سري , ووجدتهم يعلنون من ساعتها أنني سأكون ضيفهم وفي بيتهم , فرحت كثيراً بهذا الخبر , ودخلت معهم بيتهم مرة أخرى , وضعوني في مدخل البيت , وأحضروا لي بعض الطعام , أكلت , وحاولت النوم , ولكن النوم بعيد المنال , جلست لا أفعل شيئاً , ولكنهم لم يتركوني في حالي , كل خمس دقائق الباب ينفتح , وينغلق , شعرت بالزهق , وبدأت أعلن مواقفي على الملأ , كل من يحضر إلى البيت كنت أضربه بسلاحي , كانوا يخافونني , وفي النفس الوقت يعطفون علي ويأكلونني كثيراً , كان ليلي يستمر للخامسة صباحاً , عندها استيقظ , وللأسف لا أجد طعامي أمامي , وقتها أثور , وعلى غرفة أحدهم التي توجد جواري , أخبط له , وأزعق , .وأصرخ , حتى يفتح الباب لي , ويذهب لإحضار الطعام

أيام قليلة وجدتها تمر , وأنا على نفس الحال , أأكل , وأنام , وأستيقظ , وقليلاً ما أضرب هذا أو هذا , فأنا بطبعي لا أحب الشر , إلى أن جاء اليوم الذي وجدت فيه الجميع متزينون ولابسون ملابس جميلة , ما هذا , لماذا الجميع استيقظوا في نفس ميعاد استيقاظي , نظرت للجميع , رأيت في وجوههم السعادة , وضعوا لي الطعام ورحلوا والتكبير يدوي في المساجد
"الله أكبر ... الله أكبر"
أكلت ما وضعوه لي من طعام وانتظرت عودتهم , قليل من الوقت ووجدتهم يعودون , شعرت بالسعادة لأنني أحببتهم , نظرت إليهم , وجدت بينهم شخصاً لم أراه من قبل , كان مرتدياً جلباب ملطخ بالدماء , وماسكاً بيديه سكيناً كبيراً , وجدته يقترب إلي , ممسكاً بسكينه في وجهي , شعرت بالفزع جريت هنا وهناك , صرخت , ولكن الجميع ألتف حولي , ووجدت الرجل يقول
"حلال الله ألله أكبر"
ووجدت سكينه ينغرس في رقبتي , شعرت بالألم , ووجدت الجميع فرحين بدمائي التي تناثرت على أرضية الحارة , ووجدت الجميع يهنئون بعضهم , ويقطعون جسدي ليذهب إلى الفقراء , والأصدقاء ,
وإلى أفواههم الكثيرة , عندها علمت أني "خروف" , وأن الله خلقني لكي أكون ضحية وطعام للفقراء
ملحوظة
الصورة طبعاً متاخده من عالنت ... حقوق النشل محفوظة

حمادة زيدان

Monday, December 1, 2008

لحظات قاتلة ... قصة قصيرة

.أولاً : أسف للتأخير وده لأسباب منها وفاة جدي والد أمي
ثانياً : "حميدة" طبعاً فقري ولفقره هكمله كمان شوية لأني أنشغلت عنه ولسه مخلصش
ثالثاً : موضوع النقاب والرد بتاع رومة طبعاً أنا بجمع معلومات وأكيد هعمل بوست كامل على ردها
رابعاً : أنا مش فاتح المدّونة للأعلانات , أرجوا من كل بني آدم عاوز يعلق إما أنه يعلق في الموضوع أو يرحمني من وجوده
لحظات قاتلة
قصة قصيرة
خطوتان وتصل للباب ... دقات الساعة تدق الرابعة عصراً ... تنظر إلى الساعة وتهم بالرحيل
"أنتِ امرأة فاجرة .. ولا تستحقي الحياة"
نظرت إلى صورة لرجل معلقة في صالة المنزل
"أنا لست فاجرة يا معتوه .. لماذا تصر على أن تحملني ذنباً ليس بذنبي"
هاتفها يعلن عن استقبال مكالمة جديدة ... نظرت إلى الهاتف , حاولت أن ترد , ولكن شيئاً ما منعها , نظرت أكثر إلى الهاتف الذي لا يهدأ عن الرنين .. حاولت أن تخفيه عن عينها , جعلته "صامت" ووضعته في حقيبتها .. جريت إلى غرفة نومها , أخرجت ألبوم صور , جلست تقلب في الصور , صورة تتبعها صورة , ذكريات تدافعت مع كل صورة
"أرجوكِ نسيني تلك المرأة"
"كنت وفية ولم أخون"
هكذا حدثتها نفسها ... نظرت إلى الصور , كانت يحب تلك المرأة بجنون , لم ينساها , تذكرت همهمته باسمها عند نومه , أحبته بكل جوارحها
"حاولت أن أأخذ دورها"
هكذا قالت لنفسها , لملمت صورها , وأخرجت هاتفها من حقيبته
"أحبك , وإذا لم تحبيني , سأظل أحبك إلى الأبد"
كانت رسالة منه
"لم أحبه ولكنه أحبني"
وجدت لسانها ينطق بها
"لا لن أخونه"
حدثتها نفسها , .. أغلقت الألبوم , وهمت بالخروج
"ليه بتأخري في شغلك يا هانم؟"
.... هكذا تذكرته
"يا بنتي زوجك مريض , لو حبتيه لازم تفضلي جواره"
قالتها أمه
"أرجوكِ أنتظرك , شوقي إليكي فاق الحد , سأنتظرك لنهاية عمري"
رسالة أخرى , وعذاب آخر ... تذكرته ... شاب , صغير , وسيم , جاء الشركة , حديث العمل بالهندسة , تكبره بسنين قليلة , ولكن خبرتها أكبر , زادت اللقاءات بينهما , علمت أن خبرات الشاب في الحياة بسيطة كهيئته , شعرت بتعلق الشاب بها , حاولت أن تبعده عنها , ولكنه كان كمن وجد "أمه" بعد فراق , أحبها وغمرها بالكلمات الجميلة
"هما كل النسوان عاوزين موتهم ... كلمك , كلمتيه , حاول يبوسك صح؟ ... باسك؟ عارف أنا مغفل وأنتِ عامله فيها شريفة"
تساقطت دموعها , فتحت هاتفها , بدأت في الكتابة
"حبيبي أنا خايفة أخونك ... أرجوك أنقذني من الخيانة ... أرجوك حاول تحبني , حاول أن تبادلني الحب بالحب , ولا تخونني حتى لا أخونك"
كتبت تلك الرسالة , يدها ترتجف , حاولت أن تضغط على "زر" الإرسال , لم تطاوعها يدها , وفي لحظات مسحت رسالتها , الهاتف ينير , رقم ذلك الحبيب المعذب يرقص مع إضاءة الهاتف , شعرت بأن شيئاً ما يجذبها لكي ترد , تذكرت سؤاله عنها دائماً , تذكرت دفء يديه عند السلام , تذكرت دموعه التي لم يخجل منها عندما علم بزواجها , تذكرت كل هذا , وضعت أصبعها على "زر" الإجابة ,
:قالت
".........................ألو"
دقات عنيفة سمعتها على الباب ... خرجت مسرعة , ألقت الهاتف على سريرها
"ألو ... حبيبتي ... أجيبي ... ستكون نهايتي فداء لحبك ... إن لم تجيبي سيكون انتحاري لأجلك , أجيبي ... ألو ... ألو ...ألو"
ظل يصرخ في هاتفه , كان يسمعها تصرخ
"لم أخونك , أنا مش خائنة , لا ترمي لي خيانة زوجتك , أنت لم تحبني , طلقني , طلقني , ... أنت مجنون , أنت مجنون بالخائنة ... طلقني وأريحيني من هذا العذاب"
ظل يصرخ هو على هاتفه
"لا تضربها ... لا تضرب ملاكي"
كان صوتها يزداد حدة , زادت صرخاتها
"فاجرة , عاهرة , جميعكم عاهرات , مصيرك الموت"
الأصوات تشابكت , أغلق هاتفه وعزم موقفه , نزل مسرعاً من بيته ... كان يريد أن ينقذها حتى ولو مات هو ... ظل يجري
"لقد نقلت منزلي جوارك حتى لا تكوني بعيدة عني"
هكذا وجد نفسه يخبرها
"حرام عليك لا تزيد جراحي .. أنا متزوجة وأحب زوجي .. من فضلك لا تقتلني بحبك هذا"
تذكر ردها والدموع تنساب من عينيه , وصل البناية التي تسكن فيها , هاتفه يرن , نظر إلى شاشة الهاتف , وجد رقمها
"ألو يا حبيبتي"
هكذا قال
"لم تعد موجودة ... لقد قتلتها ... كانت خائنة ... خائنة ... خائنة"
.هكذا استمع

حمادة زيدان