ثلاثة قصص قصيرة جداً في تجربتي الأولي في كتابة هذه النوعية من القصص .. أتمنى من الله أن تنال رضاكم جميعاً
رحيل
ـــــــــــــــــــــــــ
خرجت من منزلها صباحاً حاملة فوق رأسها بعض بضاعتها ... كانت تخرج وهموم الدنيا أثقل من حمولتها .. تجاوزت
الستين بعامين ومازالت تخرج حاملة فوق رأسها حملتها تلك .. أحبها الناس وأحبتهم .. ولكنها اليوم وعند خروجها شعرت لأول مرة بالسعادة .. لم تعلم سبباً لسعادتها أيكون وحيدها عاد من غربته ..لم تدر سبب سعادتها المفاجأة .. ظلت تبيع وتبيع في بضاعتها إلي أن وجدت قلبها ينبض نبضة غريبة لم تشعر بها منذ سنين مضت .. شعرت به أمامها .. تركت بضاعتها وقامت تشتم رائحة زبائنها إلى أن وجدته أمامها .. لم يكن وحيدها ولكنه كان أول حب في حياتها عرفته رغم كهولته .. قبل يدها واحتضنها .. لم يحتمل جسد المرأة العجوز هذه المفاجأة وانهار جسدها معلناً عن
رحلتها إلي النهاية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التائبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
عاشت حياة لاهية .. لم تكن يوماً تفكر في أمور حياتها .. كانت تعشق الخروج مع اصدقائها , تذهب كل ليلة إلي ملهي ترقص , وتشرب المواد الروحية وتعود ليلاً مترنحه ومستندة إلي أحد اصدقائها .. كان والديها يؤمنون بالحرية المطلقة لأبنتهم الوحيدة .. عاشت حياتها كما أرادت .. أقامت العديد والعديد من العلاقات الجنسية , كانت غريزتها دائماً هي محركها .. حتى تعرفت عليه .. شاب ملتحي .. قابلته أمام سيارتها في صباح يوماً كانت عائدة لمنزلها .. سألها بودٍ غريب
" أين كنتِ يا فتاة ؟"
لم تعلم لماذا لم توبخه على سؤاله هذا .. ولكنها أجابته بهدوء
" كنت أمرح مع اصدقائي "
جاوبته وهربت من سهام نظراته .. هربت بجسدها ولكن عقلها ظل معه .. ظلت تفكر لماذا لم أوبخه على ما قال .. لماذا لم تركته يسألني .. حاولت النوم كثيراً ولكن النوم تركها ومضي .. جاء الليل وجاءوا أصدقائها .. ليبدئوا ليلهم ولكنها لم تخرج معهم .. تركتهم وأخذت سيارتها إلي نفس المكان لعلها تجده .. وصلت إلى مكانهم وانتظرت دقائق أتبعتها ساعات حتى رأته أمامها .. كان بنفس ملابس اليوم الماضي .. سألته
" لماذا سألتني أين كنت .. ومن أنت .. كلماتك لم تجعلني أنام طوال الليل "
نظر إليها نظرة ودودة وقال لها
" لأنني أحبك "
إجابته جعلتها كالأموات .. لماذا أحبها .. وكيف أحبها .. ولماذا أحبته .. كلها اسئلة ترددت في ذهنها ولكنها لم تهتم بكل ذلك وأجابته
"وانا أيضاً أحبك"
تعاهدا من وقتها على الحب .. وتغير حالها كثيراً .. لم تعد تلك الفتاة المستهترة .. وجدت نفسها فتاة أخرى تنام الليل بأكمله وتستيقظ نشيطة .. تحجبت والتزمت في الصلاة .. كان هو فارسها وحبيبها ومنقذها .. والديها لم يجدا مانعاً للموافقة عليه .. .. السعادة التي لم تعرفها يوماً عرفتها في ذلك اليوم .. تجمع الضيوف .. وقف بينهم حبيبها ببدلته البيضاء كفارس من فرسان العصور الوسطى .. انتظر الناس خروجها من غرفتها طويلاً .. أين العروس ؟ ظل هذا السؤال يتردد كثيراً .. إلي أن دخلت والدتها إلي غرفتها .. وانطلق صوتها المرتاع تنادي
" بنتــــــــــــــــــــــي "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بائعة الفجل
ــــــــــــــــــــــــــــــ
كنت أراها منذ طفولتي جالسة في نفس مكانها في السوق واضعه أمامها سلتها المليئة بالفجل الذي كنت أشتريه منها يومياً .. لا أعلم لماذا شعرت أن وراءها شيئاً ما لا أعلمه ولكنني أشعر به .. سألت البائعين عنها .. منهم من أكد أن تلك المرأة أتت إليهم في السوق دون أن يعلمها أحد .. ومنهم أكد لي معرفته لها ولكنه لا يعلم متى جاءت .. كانت المرأة غير نساء السوق .. كان صوتها لا يعلوا بالنداء مثلهن .. ملابسها دائماً نظيفة وغالية الثمن , عيناها التي تظهر من تحت النقاب جميلتان ومرسومتان بعناية بمواد التجميل .. كل ما فيها يدل أن تلك المرأة لم تكن يوماً بائعة ورغم مرور تلك السنين عليها لم تغيرها شيئاً من أناقتها السابقة .. كنت أمر يومياً آراها أمامي أشتري منها وأرحل .. ولكن أين هي الآن .. مررت أمام فرشتها لم أجدها سألت عنها , قالوا , ربما مريضة .. أيام تبعتها أيام ولم أجد المرأة وكنت يومياً اسأل عليها ولا أجدها .. إلي أن جاء اليوم الذي وجدت خبراً بالجورنال يقول
إعترافات الضابط قاتل زوجته "
شدني العنوان أكملت التفاصيل فعلمت أنها بائعة الفجل .. وعلمت أنها كانت زوجة لضابط خانته وهربت وظل يبحث عنها كالمجنون إلي أن وجدها صدفة عندما قامت حملة ضد الباعة الجائلين عرفها من صوتها .. وعرفته هي .. حاولت الإعتذار .. حاولت تبرئة نفسها .. ولكنه لم يعترف بذلك وقام بقتلها داخل القسم ووضع ورقة على صدرها مكتوباً عليها الموت للخائنة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حمادة زيدان